لا تبحث السيدة سعاد سبكي عن الشهرة والانتشار بقدر ما تبحث عن النصوص الجيدة التي تضمن لها حضورا فنيا محترما يقيها من التكرار والرداءة. ظهورك قليل سواء على الخشبة أو من خلال الأعمال التلفزيونية فما مرد ذلك؟ هذا صحيح والسبب أنني لا أحب الظهور من أجل الظهور، فما يهمني في أي عمل فني هو نص الفيلم أو المسلسل أو المسرحية وإذا كان جيدا ويناسبني أقبله وأنا مغمضة العينين، أبدع فيه لاقتناعي به، أما إذا كان رديئا أو لا يناسبني فأرفضه مهما كانت المغريات. هناك عامل آخر وهو أيضا بعض التهميش ونتيجة لهذه الأسباب كنت أفضل الابتعاد إذ عشت سنوات طويلة بعيدة عن الوسط الفني لكن الحمد لله لم أعش الفراغ واستطعت أن أعتني بأسرتي وببيتي. عرفك الجمهور بطبعك الحاد وبأدوارك الشريرة فهل كان ذلك اختيارا منك؟ أبدا، ربما هذا راجع لنجاحي في تقمص الأدوار الشريرة، العصبية والمتغطرسة وهو ما جعل جمهوري يقتنع بأنني ذات طبع عصبي وشرير، لكن العكس تماما فأنا امرأة هادئة مسالمة أحب الناس ويحبونني سواء في الوسط الفني أو خارجه. أشير إلى أنني قمت بأدوار أخرى تظهر فيها المرأة الهادئة المسكينة المغلوبة على أمرها مثلما هو الحال في فيلم ''امرأة محورة''. امتد مشوارك الفني لأكثر من 30 سنة لكنك لم تكرمي إلى حد اليوم، ألا ترين ذلك إجحافا؟ بالفعل فإن عمري الفني تجاوز ال30 سنة وفي رصيدي العديد من المسرحيات والأفلام وحتى في التنشيط التلفزيوني فقد نشطت الحصة الفنية ''باقة ورد'' مع المخرج خويدمي في بداية الثمانينات قبل السيدة صبيحة شاكر وكانت تجربة رائعة لا أزال أفتخر بها، وطوال هذا المشوار لم أطلب ولم أحلم بأية جائزة إذ أرى أن الجائزة التي تثلج قلب أي فنان هي تلك التي يعطيها له جمهوره، صدقوني أحيانا لا أحب هذه الجوائز لأنها تولد عند بعض الفنانين الغرور والركون إلى الراحة لأنهم يعتقدون أنهم وصلوا للقمة بينما الفن يبقى بدون حدود ولا نهاية. لاشك أنك تأثرت ببعض الفنانين الذين رافقوا مشوارك الفني؟ تأثرت بالعديد من فنانينا الكبار الذين كان لي شرف العمل معهم والاحتكاك بهم والذين أفادوني بنصائحهم وخبرتهم وأذكر مثلا العملاقين الراحلين رويشد وعلال المحب، ولا أزال ألتزم بنصائحهما خاصة على خشبة المسرح فهما بحق مدرستان فنيتان قائمتان بذاتهما. هناك أيضا فنانون آخرون أعشقهم وتعجبني طريقة أدائهم للأدوار منهم مثلا السيدة دليلة حليلو وعز الدين مجوبي، إضافة إلى المخرجين الذين يشرفني التعامل معهم، منهم حميدة آيت الحاج التي جمعتني بها مسرحية ''حقول الغابة'' وكذلك بوكرش الهادي الذي يربطني به انسجام فني على الخشبة. برزت مؤخرا في المسرح الصغير ودخلت عالم الصغار بجدارة حدثينا عن التجرية؟ بعيدا عن الفن أعشق الأطفال وعالمهم بجنون فأنا جدة أحمل مشاعر الحب لحفيدتي، لذلك قررت إسعاد أبنائنا عن طريق وسائل فنية وتربوية راقية في إطار مسرحي هادف. ولقد اكتشفت في عالم المسرح الصغير أن العمل به ليس سهلا بل هو أصعب من مسرح الكبار ويتطلب وسائل مضبوطة وراقية إضافة إلى التعب الذي ينهك أي ممثل أو مخرج. على ذكر الإخراج، رميت بكل ثقلك على التجربة فهل تنوين الاستمرار؟ أكيد، لأنها تجربة جميلة رغم متاعبها وأحاول التأقلم أكثر والاحتكاك بالمختصين والمخرجين ولست متسرعة في الوصول، تماما كالتمثيل إذ يعجبني مشوار خطوة خطوة، وأنا أعتز مثلا بمسرحيتي ''سوق الرجال'' تمثيلا وإخراجا. وماذا تحضرين حاليا؟ أنا بصدد التحضير لمسرحية ''كليلة ودمنة'' التي ستعرض شهر سبتمبر القادم وأحرص على أن تكون متميزة من خلال قراءة جديدة لتراثنا.