اصطدم الجنرال الأمريكي ديفيد بتريوس القائد الجديد للقوات الدولية المحتلةلأفغانستان برفض صريح من الرئيس الأفغاني حامد كرزاي لمقترحه بتسليح المدنيين للدفاع عن قراهم في وجه مقاتلي حركة طالبان.وقابل الرئيس الأفغاني خطة بتريوس القاضية بتسليح المواطنين الأفغان لصد هجمات عناصر حركة طالبان في قراهم النائية برفض صريح في اول لقاء جمعهما أمس منذ تسلم هذا الأخير مهامه العسكرية في أفغانستان. وقالت مصادر صحفية أمريكية أن هذا الخذلان الأفغاني لبتريوس اخلط حساباته وهو الذي راهن على هذا الخيار كأفضل وسيلة لإنجاح الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في أفغانستان. وراهن بتريوس على هذه الخطة راغبا في تكرار تجربة العشائر العراقية فيما عرف ب ''صحوات العراق'' التي تكفلت القوات الأمريكية بتسليح عناصرها بشتى أنواع الأسلحة للوقوف في وجه المقاومة العراقية وخاصة في المحافظات ذات الأغلبية السنية في الانبار وديالي وصلاح الدين ومدن الفلوجة وبعقوبة. وإذا كان بتريوس قد نجح في تخفيف العبء العسكري على قوات بلاده التي تكبدت اكبر الخسائر البشرية في تلك المحافظات وذهبت إلى حد نعتها ب ''مثلث الموت'' فإنها جعلت العراقيين يدخلون في اقتتال بين الأشقاء. وهو ما يفسر ربما درجة السخط التي أبداها بتريوس من موقف الرئيس الأفغاني بعد أن رأى أن خطته قد تتصدع في حال تمسك الرئيس كرزاي بموقفه الذي رأى فيه تحديا له والأكثر من ذلك فقد رأى فيه تهديدا لكل حساباته الإستراتيجية في وقت تنامت فيه قوة حركة طالبان وأصبحت تضرب في كل مكان وتلحق خسائر بشرية متلاحقة بالقوات المتحالفة وبشكل تصاعدي في الأسابيع الأخيرة. ولكن بتريوس خذل عناصر الصحوة العراقية بمجرد أن بدأت الولاياتالمتحدة في تنفيذ خطة انسحابها من العراق وجرد عناصرها من أسلحتهم وتركتهم عرضة لعمليات اغتيال مازالت متواصلة إلى حد الآن بعد أن استعادت المقاومة العراقية المبادرة وجعلت شيوخ القبائل الذين قبلوا العرض الأمريكي يدفعون الثمن بحياتهم. ويبدو أن الرئيس الأفغاني تفطن لمخاطر الفكرة الأمريكية مما جعله يرفضها من أساسها لقناعته المسبقة أنها طريقة لتكريس الحرب الأهلية وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الطابع القبائلي والإثني للمجتمع الأفغاني. وأيضا رفضا منه لتكرار بروز زعماء حرب جدد في البلاد وهي التي لم تتمكن من استعادة الأسلحة التي تمتلكها القبائل الأفغانية وزعماء الحرب السابقين الذين أصبحوا يشكلون تهديدا للسلطة المركزية في كابول. والمؤكد أن هذا التعارض في الروئ بين بتريوس وكرزاي سيزيد من حدة الخلافات بين الرجلين وخاصة وأن هذا الأخير مازال يصر على رفضه قتل المدنيين الأفغان في كل مرة من طرف القوات الاطلسية. وهي القضية التي شكلت أهم خلاف مع ستانلي ماكريستال الجنرال المقال من على رأس القوات الدولية في أفغانستان في واقع مازال متواصلا في عهد خليفته بتريوس. فقد قتل أمس ستة مدنيين أفغان في قصف مدفعي للقوات الاطلسية في محافظة باكتيا في جنوب البلاد زعمت مصادر ''الناتو'' بعدها أنهم قتلوا عن طريق الخطأ ساعات فقط بعد اعترافها بقتل ستة جنود أفغان في حادث مماثل في محافظة غزني في جنوبأفغانستان.