سجلت أسعار النفط مزيدا من التراجع عن مستوياتها القياسية في آخر أيام تعاملات الأسبوع أمس الجمعة، متأثرة بمؤشرات عن تباطؤ في الطلب من أكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم قبل أن تستقر حول 97 دولارا بالنسبة لبرميل البرنت و98 دولارا للخفيف الأمريكي· وهذه المؤشرات عكستها زيادة المخزون التجاري الأمريكي من النفط والمواد المكررة في التقرير الأسبوعي لوزارة الطاقة الذي أظهر أن مخزونات النفط التجارية في الولاياتالمتحدة سجلت سادس زيادة أسبوعية على التوالي الأسبوع الماضي مع ارتفاع الواردات وتراجع معدلات التشغيل في مصافي التكرير· وقالت إدارة معلومات الطاقة في تقرير أسبوعي، أن مخزونات النفط زادت 4.2 مليون برميل إلى 305.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الخامس عشر من فيفري أي أكثر من التوقعات التي كانت تراهن على زيادة قدرها 2.3 مليون برميل· وسجلت مخزونات البنزين زيادة قدرها 1.1 مليون برميل لتصل إلى 5 ر122 مليون برميل وهو أعلى مستوى لها في 14 عاما· وتعزز هذه البيانات المخاوف من احتمال انتكاسة للاقتصاد الأمريكي إذ تزامنت مع ما صدر عن مجلس الاحتياطي الاتحادي من أنه قلق من احتمال أن يواجه الاقتصاد الأمريكي المزيد من الانتكاسات حتى بعد سلسلة من تخفيضات الفائدة الكبيرة وخفض بحدة توقعاته للنمو في عام 2008 · وضغطت هذه المعطيات على أسواق الأسهم وشجعت المتعاملين في النفط على البيع لجني الأرباح وهو ما هوى بالأسعار بداية من يوم الخميس لتواصل انحدارها إلى يوم أمس الجمعة لليوم الثاني على التوالي فاقدة 3.4 % عن مستواها القياسي 101.32 دولار الذي بلغته يوم الأربعاء· وعرفت الأسعار بداية استقرار في حدود العاشرة بتوقيت غرينيتش حين وصل البرنت إلى 96.67 دولارا بزيادة 43 سنتا عن سعر إغلاق يوم الخميس والخفيف الأمريكي إلى 98.45 دولارا للبرميل لتسليم أفريل أي بزيادة 22 سنتا عن سعر إغلاق الخميس· وتظهر البيانات حول وضع المخزون التجاري الأمريكي من النفط الخام والمواد المكررة صحة مقاربة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، أن السوق لا تعاني من ندرة إنتاج لكن تقلبات الأسعار ترجع بالدرجة الأولى إلى المضاربة وعوامل أخرى خارج عن نطاق سيطرة المنظمة ومنها التوترات في مناطق الإنتاج ولا علاقة لهذه التقلبات بمستويات الإنتاج والمعروض من النفط حاليا· وكان وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل وزير الرئيس الحالي للأوبك، استبعد في تصريح له في بداية الأسبوع، أن تعمد المنظمة إلى زيادة الإنتاج في اجتماعها القادم في الخامس مارس في فيينا، وأكد أن الإنتاج إما يخفض أو يثبت في مستواه الحالي· وسبق للسيد خليل أن صرح أن الأسعار الحالية للنفط تزيد عن معدلاتها الحقيقية بثلاثين دولارا بفعل مجموعة من العوامل لا علاقة لها بمستويات الإنتاج ومنها على وجه الخصوص المضاربة والتوترات في مواقع الإنتاج وأن أوبك لا تبحث عن أسعار عالية و لكن عن أسعار ثابتة في معدلات معقولة· ويقول محللون أن من الطبيعي أن تعمد الأوبك إلى تخفيض أو تثبيت الإنتاج في مستواه الحالي على ضوء المعطيات المعروفة إذ عادة ما يتراجع الطلب على النفط في الثلاثي الثاني من العام في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مع انتهاء فصل الشتاء ودخول المصافي في مرحلة الصيانة· ويشاطر وزير النفط القطري عبد الله العطية السيد خليل تحليله وأعتبر في تصريح له يوم الخميس، أن توقيت ارتفاع الأسعار هذه المرة غريب جدا فالأسعار تسير في اتجاه مخالف لما هو معتاد في هذا الفصل وهذا يظهر أنها ترتبط بالمضاربات والتوترات السياسية· وعادة ما تخفض الشركات طلباتها من النفط في مارس كالمعتاد لذلك لا يبدو أن هناك طلبا لمزيد من النفط· وفي نفس الاتجاه يرى شكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، أن أعضاء أوبك سيكون لديهم مزيد من العناصر حول الوضع الاقتصادي العالمي الأسبوع المقبل عند انعقاد اجتماع للجنة الاقتصادية للمنظمة· وأضاف أن مستوى أسعار النفط الخام التي تصبح مرتفعة جدا ناجمة عن المضاربة في سوق الذهب الأسود وعوامل جيو سياسية وأسباب أخرى· ويرجح محللون بقاء سعر النفط حول مستوى 100 دولار لفترة هو الاحتمال المرجح وأن استمرار الطلب القوي من الشرق الأوسط وآسيا سيعوض أثر تباطؤ الاقتصاد الأمريكي·كما يرى محللون تابعون لشركات سمسرة أن "ارتفاع الأسعار لا يعبر عن الأساسيات المحددة بدقة في سوق الطاقة بقدر ما يعبر عن مساعي صناديق الاستثمار للحصول على ملاذ آمن للقيمة وأداة تحوط مالي ضد التضخم"·