عند حلول موسم الاصطياف تخطط العائلات الجزائرية للذهاب إلى بعض الأماكن السياحية من أجل الترويح على الأطفال، متناسين أحيانا شريحة هامة في المجتمع يمكن القول إنها تهمش إلى حد ما أيام العطل بمبرر السن والمرض، فبعض المسنين لا يطيقون أجواء الرحلات أو لا يتحملون صخب بعض الأماكن كالبحر، لذا نلاحظ أنه قلما يتم الاهتمام بهم عند إعداد العدة نحو وجهة معينة، إلا أن هذا المفهوم خاطئ، فحتى المسنين لهم الحق في التمتع بأجواء العطلة واكتشاف بعض الأماكن السياحية، ومن أجل هذا أخذت جمعية مساعدة الأشخاص المسنين »وفاء« على عاتقها مهمة إبهاج وإسعاد المسنين بتنظيم رحلات متنوعة لهم. حدثنا السيد سعيد حواس مؤسس ورئيس جمعية »وفاء« لمساعدة الأشخاص المسنين عن الهدف الرئيسي لتأسيس الجمعية قائلا: »فكرة تأسيس الجمعية كانت عبارة عن تنفيذ لوصية الوالدة رحمها الله التي أوصتني بالتصدق بمنزلها للمحتاجين، بعدها فكرت في كيفية تطبيق هذه الوصية، وبدأت أبحث عن المشردين من المسنين لمساعدتم، وشيئا فشيئا أصبح الناس على علم بالعمل الذي أقوم به، حيث أؤمن لهم مسكنا في منزل والدتي الذي أصبح يحمل اسم »دار الرحمة« وأبحث لهم عن عمل، كما نقوم بعلاجهم بعد أن انضم إلينا أطباء تجندوا للعمل الخيري وبعدها تكونت الجمعية بشكل رسمي في 3 ديسمبر من سنة 1987«. ويضيف محدثنا »انتقلنا كمرحلة ثانية في البحث بشكل أوسع في كيفية جعل المسنين أشخاصا فاعلين بالمجتمع ويشعرون بأهميتهم، ففكرنا في إنشاء ناد للمسنين الذي لا يزال إلى حد الساعة عبارة عن مشروع، وسيكون مكانا يلتقي فيه الأشخاص المسنون مع بعضهم البعض لتجاذب أطراف الحديث، إلى جانب تحديد مساحة من النادي حتى لممارسة الحرف وتعليمها للشباب، دون أن ننسى أن نادي المسنين يسعى كذلك إلى إنشاء وكالة سفر خاصة بالمسنين فقط، إلى جانب التفكير في إنشاء مركز صحي تابع لنادي المسنين تكون مهمته الإشراف على الوضع الصحي للأشخاص المسنين أو تأمين الأدوية لهم، لأننا على يقين بأن الشخص عندما يتقدم به السن يصاب ببعض الأمراض التي تأتي كنتيجة حتمية للتقدم في السن«. رحلات ترفيهية للمسنين تعد شريحة المسنين من أكثر شرائح المجتمع حاجة إلى من يلتفت إليها لإخراجها من حالة التهميش التي تزيد أيام العطل، حيث تشد العديد من الأسر الرحال إلى بعض الأماكن السياحية، ومن أجل هذا أخذت جمعية وفاء لمساعدة الأشخاص المسنين سواء كانوا مشردين أو ينتمون إلى عائلات، على عاتقها مهمة الترفيه على هذه الفئة. يقول رئيس الجمعية »نسعى لجعل المسنين يشعرون بالراحة ويعيشون أجواء العطلة، لذا نختار لهم أماكن سياحية وفق ما يتجاوب وحالتهم الصحية والنفسية وما يناسب سنهم. ومن خلال تجربتنا اكتشفنا أن معظم المسنين لا يحبون البحر بحكم أنه لا وجود لمكان هادئ مخصص لهذه الفئة على الشاطئ، حيث يكثر الضجيج، فالمسنون يميلون إلى الهدوء والسكينة، من أجل هذا خصصنا لهم خرجات لبعض المناطق الغابية مثل غابات بجاية، حيث مكثنا فيها عشرة أيام إلى جانب زيارة غابة تيكجدة وغابة أزفون وجبال الشريعة، ومن أهم الأماكن التي يحب المسنون زيارتها الحمامات، لذا أخذنا 90 مسنا إلى حمام دباغ بولاية المة، وقد استحسنوا الأمر لاسيما وأن معظمهم يعانون من أمراض الروماتيز«. ولأن أغلب المسنين يعيشون حياتهم داخل الولاية التي كبروا فيها، سعت الجمعية إلى تمكين المسنين من اكتشاف ولايات أخرى عن طريق تنظيم رحلات سياحية ل90 مسنا إلى كل من بوسعادة وبسكرة ومسيلة، »وقد حدث عند وجودنا بولاية بوسعادة أن قام المسنون ببوسعادة باستضافة بعض المسنين في منازلهم، بعدها كونوا علاقات صداقة معهم بلغت حد التناسب بين العائلات العاصمية والبوسعادية« كما يشير محدثنا. المناطق الأثرية وجهة يفضلها المسنون يقول رئيس الجمعية إنه بحكم تجربته مع المسنين اكتشف مدى رغبتهم في اكتشاف الأماكن الأثرية، ربما لأنها تمثل الماضي، لذا يتم إعداد رحلات استكشافية للمسنين إلى الأماكن الأثرية الموجودة ببلادنا »زرنا مؤخرا متحفا ببوسعادة حيث وقف المسنون على أعمال نصر الدين ديني، كما خصصنا لهم رحلات لاكتشاف الآثار الموجودة بتيبازة وجميلة وآثار الرومان بالمة« ولشدة حبهم للطبيعة العذراء حيث السكينة وراحة البال نظمت لهم رحلة إلى أحد أجمل البحيرات الموجودة بالوطن والكائنة بولاية الطارف، حيث تعرف المسنون على بعض الطيور النادرة التي لا تتواجد إلا بتلك البحيرة، وتشير محدثنا من جهة أخرى إلى أن »موسم الصيف يعرف بكثرة الأعراس وهناك رغبة بداخل المسنين ليعيشوا أجواء العرس، ولقد تمت دعوة بعضهم لحضور أعراس كنوع من العمل الخيري، وبالفعل لوحظ تجاوبهم مع العرس بالغناء والرقص وكان العرس يخص أحد أبنائهم أو بناتهم.