يتجلى لفظ الجلالة في لوحات محمود طالب بحروف من ذهب تطلق المعنى الروحي للفظ، مؤسسة لمشهد بصري مغاير وتحرر من الأشكال التقليدية الثابتة، مقتفية بذلك آثار التجديد في عالم الفن والجمال. يحتضن قصر مصطفى باشا طوال الشهر الفضيل، معرضا للفنان طالب محمود يتضمن لوحات تبرز الحرف العربي في إطاره المقدس، من خلال لفظ الجلالة واسم الرسول الأعظم والآيات القرآنية، ضمن أسلوب تجريدي يعطي لهذه المعاني صبغتها الروحانية. في حديثه ل''المساء''، أشار الفنان طالب محمود إلى أن فكرة المعرض، جاءت مباشرة بعد حادثة الرسومات الكاريكاتورية المسيئة لشخص الرسول الأعظم والتي كانت من خيال شخص زنديق ومنحرف لا يعلم شيئا عن نبينا وعن الإسلام وحضارته الإنسانية. وحسب الفنان، كان من المفترض أن يقام هذا المعرض في شهر جوان الفارط لكنه تأجل ليفتتح يومين فقط قبل حلول شهر رمضان وسيستمر طواله، الأمر الذي يسعد الفنان، حيث يقول » أسعدني تأجيل معرضي، فأنا أراه أنسب في رمضان لأنه يتماشى أكثر مع هذه المناسبة الدينية العظيمة«. تعكس لوحات طالب محمود توجها صوفيا غاية في السمو والروحانية، تجسده أدوات الفن الحديث، لتنتهي المسارات ذات الرؤى الجمالية المتصوفة عند الله جل وعلا (لفظ الجلالة). أضحت الصوفية في هذا المعرض دافعا للإبداع الظاهر في أبجدية الحرف وأطر التشكيل، وتأخذ اللوحات التجريدية المتحركة حسيا بتموجات الحرف العربي روح المنجز الفني، الذي تخطى أكبر المخاضات قبل أن يفرض خصائص وجوده في محيط ما يزال يتمسك رواد الخط فيه بالمبادئ التقليدية إلى حد الصرامة ولم يأذنوا بعد ببعث روح الحداثة فيه. يحاول الفنان الارتقاء بالحداثة في لوحات خطية باستخدام تقنيات المعاصرة والتحكم في أدواتها لإبراز المضمون الإنساني، وذلك من خلال أشكال الواقع المتخيل وإعادة صياغته بآليات جمالية وفي مشهد بصري ملموس. من أبرز لوحات المعرض لوحة ''لفظ الجلالة''، ''آيات''، ''الشهادة''، ''محمد رسول الله''، ''البسملة''، ''إن الله وملائكته يصلون على النبي'' وغيرها... المتمعن في لوحات محمود طالب، سرعان ما يقتنع بأن هذه الحروف كتبت على الصخر أو داخل مغارة يدخلها شعاع النور بحروف الجلالة الذهبية التي تحضر فيها، مما يعطى المكان نوعا من القداسة، بينما تبدو لوحات أخرى وكأنها لوحات نحاسية منقوشة بالحروف والأشكال الهندسة، إلا أن كل تلك اللوحات يطغى عليها اللون (المائي والزيتي) والذي غالبا ما يتخذ اللون الذاكن، خاصة الأسود والبني الداكن. ولم يعتمد الفنان فقط على الأساليب التقليدية في كتابة الخط، حيث استعمل مواد أخرى غير الحبر أو اللون، منها خطوط مكتوبة بمادة الشمع والبلاستيك تظهر الحرف متموجا ومرسلا في امتدادات بعيدة. عن هذه التقنيات يقول الفنان أنها من اجتهاده وبحثه عبر مسيرة امتدت لقرابة الثلاثة عقود حاول فيها النهوض بهذا الفن والتميز فيه، ولم يشأ - كمال أشار - أن يبقى مجرد أستاذ يلقن تلاميذه أصول فن الرسم بطرق بدائية. الفنان طالب محمود القادم من الباهية وهران، من مواليد سنة ,1960 متحصل على شهادة التعليم الفني منذ سنة ,1982 قام بعدة دراسات وأبحاث، ليختار بعدها لنفسه أسلوبه المتميز ذي الطابع التجريدي.