التنوع في مائدة الفطور هو العنصر الأساسي والمطلوب بقوة خلال أيام الشهر الفضيل، حيث تجد المرأة نفسها حبيسة المطبخ طيلة اليوم وربما حتى بعد الإفطار لتحضير طبق السحور أو الحلويات التي تضمن الطاقة للصائم، حيث تختلف طلبات أهل البيت على أنواع الطعام التي يودون تناولها، سواء على مائدة الإفطار أو السحور، خاصة أن الكثير من الرجال يصابون بأزمة ''وحم'' خلال هذا الشهر، مما يجعل المائدة الرمضانية مختلفة ومتنوعة بعد تلاشي شبح الحيرة الذي يخيم يوميا على ذهن صاحبة البيت، إلى جانب ضرورة تحضير بعض الأطباق التي فرضتها العادة والتقاليد أو خدمة للضيف القادم. المائدة... حلقة اجتماع الأسرة طيلة الشهر تتمتع مائدة رمضان بخاصية مميزة كونها المائدة الوحيدة التي تجمع الأهل والأقارب طيلة شهر كامل على خلاف أيام السنة، حيث يكون كل واحد مشغولا بأموره الخاصة، ومنه عدم اجتماع العائلة على مائدة الغداء أو العشاء، إلا أن رحمة الشهر الفضيل تتجلى في الكثير من الأشياء، واجتماع الأهل حولها واحدة من هذه النعم، وغالبا ما يقتضي هذا الالتحام الأسري والعائلي تنوعا غذائيا يخدم الأذواق، وهو الأمر الذي يترجم التنوع الذي تعرفه المائدة طيلة أيام الشهر سواء على مائدة الإفطار أو السهرة وحتى السحور، فعلاوة على الحليب واللبن تزدان المائدة بمختلف أنواع الأطباق والشوربات وكذا الفواكه والحلويات على اختلاف أنواعها وأذواقها وكذا المثلجات والعصائر. إرضاء للأذواق المختلفة العديد من الأطعمة توضع على المائدة لإرضاء أذواق أهل البيت، فهناك من لا يحب ذوق الشربة الحمراء ويفضل البيضاء، وآخر لا يطيق رؤيتها فوق المائدة ويطلب نوعا آخر من الشوربات خاصة أنها ضرورية وتسمح للأمعاء بالقيام بعملية الامتصاص بسهولة حتى لا يحدث تلبك في المعدة، إلا أن هناك من يرفض بقوة الشربة الحمراء، تقول حفيظة ربة بيت ''لقد تعودت على تحضير شربتين خلال كل يومين من رمضان، فلدي ابن يبلغ من العمر 29 سنة، لا يأكل الخضر إلا البطاطا، فمن المستحيل أن يتناول الكوسة أو الباذنجان أو الجزر أو السمك سوى السردين، لهذا في كل مرة اطبخ فيها طعام الإفطار اضطر لتحضير طبق خاص به، فرغم أنه يمقت الشربة ولا يحب رؤيتها إلا انه يعشق الفاصولياء، حيث يطلب مني تحضير حساءها بالكمون ويكتفي بذلك الحساء مع بعض السلطة، لهذا في كل يومين أقوم بطهي الشربة لأهل البيت وحساء الفاصولياء الذي يحبه حتى أضمن إفطاره، كما أضطر للتنويع في الطعام حتى يتناول بعض الأطباق معنا وغالبا ما يتربع على المائدة نوعان من الشربة وطبقان رئيسيان علاوة على البوراك والسلطة. في حين ترجع سولاف وهي ربة بيت وأم لطفلين ضرورة التنوع في المائدة إلى خدمة الأذواق وإكرام الضيف أيضا، تقول ''غالبا ما يشاركنا الإفطار أفراد من عائلتي أو من عائلة زوجي حيث جرت العادة أن ندعوهم لمشاركتنا الإفطار بمعدل 10 مرات في الشهر، لهذا أحرص دوما على أن تكون مائدتي مميزة وجذابة، حيث أتابع جديد الطبخ على القنوات التلفزيونية وأشتري الكتب الخاصة أيضا، فمن المهم جدا بالنسبة لي أن يثني الجميع على طبخي علاوة على أن إكرام الضيف واجب''. وحم زوجي ... رغبة لا ترد بعض الرجال يصابون بوحم رمضان، وهو الأمر الذي تترجمه مظاهر اللهفة والحرص على تحضير أكثر من نوع من الأطباق الأساسية والمقبلات والمقليات، وكذا الغضب وإحداث المشاكل إذا لم تنصع الزوجة لرغبات الزوج، علاوة على دخول البعض للمطبخ ومراقبة الزوجة إلى حين التأكد أن مطلبه رهن التحضير، أو حتى المشاركة في تحضير بعض الأذواق، لأن ذلك يخفف من رغبته الحادة في تناول ذلك الطبق إلى حين أذان المغرب، تقول سارة متزوجة حديثا ''رغم أنني متزوجة عن حب إلا أنني لم أكن أعرف أن زوجي من النوع الذي يصاب بالوحم الشديد خلال رمضان، صراحة لقد تفاجأت بكثرة طلباته، حيث يدخل يوميا بقفة ممتلئة ويطلب مني أن أعد العديد من الأطعمة على غرار اللحم الحلو والشطاطح بمختلف أنواعها وكذا الشوربة والسلطة والبوراك، رغم أنه لا يقدر على تناول ذلك الكم من الأطعمة، فغالبا ما أعيد الطبق كما وضعته ليقبع بالثلاجة مدة يومين، إلا أنني أرغمه على تناوله في اليوم الموالي وأطلب منه إكمال ما تم تحضيره قبل طلب الجديد، أو بالتوازي حتى لا نكون من المبذرين فأحيانا ينصاع لي وأحيانا أخرى اضطر للانصياع لوحم زوجي''. أما يوسف 45 سنة صاحب محل لبيع المواد الغذائية يرى أن رمضان شهر التنويع والبركة، والشهر الوحيد الذي يضمن التنوع على مائدة الإفطار، ومن خلاله فقط يمكن للرجل أن يمارس أنواع الدلال حيال ما تشتهي معدته يقول ''رمضان الشهر الوحيد الذي يمكننا تناول أشهى المأكولات فيه، كما تتنوع المائدة وتصبح شهية وتخدم رغبات الصائمين الذين يصابون بالوحم لا إراديا، فكلما وقعت عيني على شيء اشتهيته وتمنيت تناوله عند الإفطار، لهذا اشتهي الزليف والمخ وكذا الدوارة والبكبوكة وكلها أطباق تكره زوجتي تحضيرها خلال رمضان، إلا أنها تلبي مطلبي لأنني لا أتناول إلا ما أشتهيه''.