دعا رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان السيد فاروق قسنطيني المنظمات غير الحكومية الدولية التي أساءت إلى الجزائر في فترة التسعينات إلى الاعتذار إذا ما أرادت أن تقوم بزيارات للجزائر، وأعلن من جهة أخرى بأن فريق مقرري لجنة حقوق الإنسان الأممية سيصل إلى الجزائر في سبتمبر القادم وستكون له مهمة الاطلاع على ملفات اجتماعية منها التربية والصحة والسكن والتغذية وحقوق المرأة. وقال السيد قسنطيني في ندوة متبوعة بنقاش نظمت أول أمس بالمركز الإعلامي للمجاهد أن الدعوة التي وجهتها الجزائر عن طريق قرار موقع من طرف الوزير الأول السيد أحمد أويحيى إلى هيئات حقوق الإنسان، يشمل فقط مقرري لجنة حقوق الإنسان الأممية وتم تحديد خمس مجالات معنية بمهمة هؤلاء، حيث سيقومون بمعاينة وضعية المرأة الجزائرية، خاصة في الجانب المتعلق بالعنف الممارس ضدها وكذا وضعية التعليم وحق الحصول على الرعاية الصحية وكذا السكن والتغذية. وذكر أن الدعوة أيضا موجهة إلى خمس لجان حكومية معنية بحقوق الإنسان تابعة لكل من بريطانيا وكندا والمغرب وإسبانيا وإيطاليا. وأوضح أن قرار إعادة فتح الأبواب أمام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان جاء بقرار من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومن شأنه أن يسمح للهيئات الأممية واللجان المدعوة بملاحظة التطور الحاصل في مجال حقوق الإنسان بالجزائر. وفي سؤال يتعلق بحصر توجيه الدعوة في مقرري لجنة حقوق الإنسان الأممية دون المنظمات الحقوقية غير الحكومية عاد الأستاذ قسنطيني للحديث عن العلاقة التي تربط تلك المنظمات بالجزائر، حيث حملها مسوؤلية الإساءة للجزائر طيلة سنوات الأزمة الأمنية التي عرفتها في تسعينيات القرن الماضي، وذكر بأن تلك المنظمات عملت على تأليب المجتمع الدولي ضد الجزائر من خلال ادعائها بأن الدولة الجزائرية كانت تشن حربا على ''الديمقراطيين'' وليس الإرهابيين، وروجت لمقولة من يقتل من؟ ولم يكتشف العالم حقيقة ما كان يعانيه الشعب الجزائري إلا بعد هجمات 11 سبتمبر على الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح السيد قسنطيني أنه من حق الجزائر المطالبة بالاعتذار وأنه نقل هذا الانشغال إلى تلك المنظمات ودعاها إلى ''التكفير عن ذبنها، الأمر الذي لم يحدث إلى غاية الان''. ولمح إلى أن الدعوة لم توجه إلى تلك المنظمات لكونها لم تقدم على الاعتذار واشترط مجيئها الى الجزائر باتخاذها لهذه الخطوة. ورغم هذا الموقف الحازم إلا أن رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان أبدى أملا في أن يتم السماح لها بدخول الجزائر وقال ''القرار لم يتخذ بعد لكن هناك أمل في أن يتم السماح لها في المستقبل بزيارة الجزائر''. وتطرق المحامي قسنطيني إلى ملف المفقودين ونفى أن تكون له اية مسؤولية في منع تجمع عائلات المفقودين أمام مقر اللجنة بالعاصمة، إلا انه اعتبر من جهة أخرى محاولة إقحام سياح اجانب في تلك التجمعات مساسا ليس بالقضية التي يدافعون عنها فقط ولكن بالجزائر أيضا. وبالنسبة للسيد قسنطيني فإن ملف المفقودين تمت معالجته بصفة نهائية في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية مشيرا إلى أن اللجنة التي يترأسها غير معنية مباشرة بمتابعة هذا الملف ولكنها أخذت على عاتقها العمل على تسويته ونقلت انشغالات العائلات إلى السلطات العليا. وأعلن في هذا السياق بأن اللجنة ستتخلى عن متابعة الملف نهائيا، غير أن السيدة قويدري الأمينة العامة لجمعية المفقودين التي شاركت في الندوة دعت السيد قسنطيني للعدول عن ذلك، مؤكدة أن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان لعبت دورا كبيرا في تسوية الكثير من جوانب الملف وعليها مواصلة نشاطها، منددة في هذا السياق بمحاولة تمييع معالجة قضية المفقودين، ورفعت نداء للتكفل اجتماعيا بهذه الفئة. ونفس الموقف عبر عنه رئيس خلية متابعة تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المحامي مروان عزي الذي اتهم أطرافا بمحاولة تمييع قضية المفقودين وأشار إلى أنه من بين 6544 ملف تمت معالجة 6420 منها، في حين أن 120 ملفا لا يزال محل دراسة لعدم صدور محاضر الفقدان التي تمنحها السلطات الأمنية بعد إتمام جميع التحريات، وأوضح بأن 12 عائلة فقط رفضت التعويض الذي تم إقراره في إطار تطبيق بنود ميثاق السلم والمصالحة وأن ممثلي تلك العائلات هي التي تحاول اليوم التشويش على العملية ككل، ليصل إلى خلاصة أن منظمات المفقودين التي تحاول الطعن في المجهودات التي تم بذلها لطي الملف لم تعد تمثيلية، وتساءل عن دوافع مواقفها المتصلبة. وفي سياق تقديمه حصيلة تنفيذ بنود ميثاق السلم ، أكد السيد عزي انه تمت تسوية 2200 ملف يخص الأشخاص الذين رفعوا السلاح ضد الدولة الجزائرية خلال الأزمة واستفادوا من تدابير الميثاق وأنه ما بين 100 إلى 120 ملفا فقط لم تتم معالجتها وأن المجالس القضائية لكل من العاصمة وتيزي وزو وبومرداس والبويرة تعكف على دراستها حالة بحالة. وبخصوص بعض العناصر المتواجدة بالخارج والتي تسعى للاستفادة من تدابير الميثاق، وجه السيد عزي رسائل مطمئنة لهؤلاء مفادها أن الدولة لم تتخل عنهم بل إن التأخر المسجل راجع إلى كون أغلب المعنيين صدرت في حقهم أحكام غيابية وأن معالجة هذا الوضع تتطلب بعض الوقت وإجراءات معقدة تبدأ من القنصلية والسفارة بالخارج وصولا إلى النيابة العامة على مستوى مختلف المجالس المتبعين على مستواها مرورا بوزارتي الخارجية والعدل.