من المقرر أن تكشف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن تفاصيل قرار جديد سيصدر قريبا، يخص تنظيم المداومة الإجبارية للصيدليات خارج أوقات العمل، وحسب مدير الصيدلة بوزارة الصحة السيد حفيظ حمو فإن وزارته قامت بتحضير قرار جديد سينظم المداومة التي ستكيف مع العطلة الأسبوعية الجديدة التي تحولت منذ سنة إلى يومي الجمعة والسبت، وبمقتضى هذا القرار سيتم تمديد المناوبة إلى غاية الساعة الثامنة صباحاً وبمعدل صيدلية بكل بلدية، وفي انتظار تجسيد هذا القرار، يبقى عدد كبير من البلديات عبر الوطن محروما من الخدمات الصيدلانية ليلاً، مما وضع المواطنين والمرضى على الخصوص في مواقف صعبة للغاية. ورغم الحاجة الملحة إليها وأهميتها في الحياة اليومية للمواطنين لاسيما المرضى، إلا أن عدداً كبيراً من الصيدليات بالعاصمة لا تولي اهتماما للمناوبة ليلا، حيث تسارع إلى غلق أبوابها في وجه زبائنها بمجرد حلول الليل تاركة المريض وذويه في دوامة البحث عن الدواء الذي يتطلب اقتناؤه في الكثير من الحالات التنقل إلى مكان بعيد للحصول عليه وليته يكون متوفرا. ولم يكفّ المواطنون في العديد من مناطق العاصمة عن المطالبة بزيادة عدد الصيدليات المداومة ليلا على أن تكون متوفرة ،حيث يقطنون أو على الأقل على مسافات قريبة من بلدياتهم، ومن بين المناطق التي تشكو من هذا النقص نجد بلديات الضاحية الشرقية التي تكاد الصيدليات التي تعمل بها ليلا تنعدم في جل الأحياء ما أدى بسكانها إلى المطالبة بفتح صيدليات أخرى ليلية للمناوبة خلال سائر أيام الأسبوع، وعدم التنقل إلى وسط العاصمة التي صارت تضمن ذلك ببقاء بعضها مفتوحا ليلاً كتلك الموجودة بشارع طرابلس في بلدية حسين داي، التي تفتح أبوابها على مدار 24 ساعة لقربها من مستشفى نفيسة حمودي ''بارني'' وصيدليات أخرى بشارع ديدوش مراد، باب الوادي، و''طاقارا'' بأعالي العاصمة، غير أن هذا يبقى غير كاف، بالنظر إلى الكثافة السكانية وانتشار المستشفيات والمصحات بمختلف البلديات، وقد سجل غياب هذه الصيدليات المناوبة بالعديد من البلديات على غرار الحراش، وادي السمار، باش جراح والمحمدية، والتي حتى وإن فتحت إلا أنها بصفة مؤقتة فقط في شهر رمضان، لتعود إلى غيابها ليلا فيما بعد. مواطنون يقطعون 100 كلم للبحث عن الدواء والمقلق في الأمر هو اضطرار المواطنين بهذه البلديات بالإضافة إلى بلديات أخرى كالروبية، الرغاية، باب الزوار.. وغيرها إلى التنقل إلى وسط العاصمة وقطع أزيد من كلم 100 ذهابا وإيابا والبحث عن الصيدليات القليلة المفتوحة من أجل الحصول على الدواء، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل أين تصبح إمكانية الحصول عليه صعبة نظرا لنقص وسائل النقل. ويطرح المواطنون من جهة أخرى غياب الإعلام فيما يخص المناوبة الليلية حيث أكد العديد منهم أن اللوائح التي كانت تعلق على واجهات الصيدليات التي تتضمن توقيت وأيام المناوبة لأيام العطل والأعياد بالإضافة إلى برنامج المناوبة الليلية غابت تماماً، ليجد الباحث عن الدواء نفسه تائهاً في العديد من المرات بين أزقة شوارع العاصمة لعله يجد صيدلية مفتوحة. الصيادلة: لسنا ضد المناوبة لكننا ضد الفوضى وسوء التنظيم أكدت صاحبة إحدى الصيدليات بالعاصمة أن الأمر أصبح يستدعي ضرورة وضع جدول زمني صارم للتداول على المناوبة الليلية في جل الصيدليات المتواجدة عبر أحياء العاصمة، ضمانا لصحة المواطن، وكذا للتخفيف من عناء التنقل إلى الصيدليات المناوبة التي تبعد عنهم بعشرات الكيلومترات، ولم يتردد العديد من المواطنين القاطنين بالبلديات المحرومة من خدمة الصيدلة الليلية في مناشدة الجهات المعنية بغرض التدخل لتكثيف الرقابة على الصيدليات وإلزامها على الالتزام بنظام المناوبة لتخفيف الضرر على القاطنين بالمناطق البعيدة، وتنظيم طرق العمل بها التي تتسم بالفوضوية بالكثير من الأحيان. ومن جهته يرى أحد الصيادلة بشارع حسيبة بن بوعلي أن تواجد عدد من الصيدليات قريبة من بعضها البعض في منطقة واحدة أصبح يعيق العمل الليلي بحيث لا يرى العديد منهم جدوى في فتح أبواب صيدلياتهم معا قائلاً: ''صدقوني لقد سبق لي وأن عملت ليلاً ولم أر ولو زبوناً واحداً يدخل محلي'' مضيفاً انه ليس ضد المناوبة ليلا وإنما ضد الفوضى، مضيفاً:''على الوزارة الوصية تنظيم الأمور وعلى الصيادلة الالتزام بذلك''، بينما طرح أحد الصيادلة بباش جراح مسألة العمل ليلا في ظروف غير ملائمة كأن يجد صاحب الصيدلية وحده ليلا معرضاً لاعتداءات المنحرفين وهو المشكل الذي يشكو منه العديد من أصحاب الصيدليات الواقعة بضواحي العاصمة والبلديات شبه المعزولة. أما الصيدلية الشابة ''م.ن'' بحسين داي فأكدت أنها لن تلتزم بالعمل ليلا إلا عندما تتوفر كل الظروف، وأنها أصبحت تخشى من فكرة المناوبة بعد الذي حدث لها في وضح النهار، عندما دخل عليها شاب وهددها بالأسوأ وكان يلوح عليها بالتهديد إذا لم تعطه دواء قال إنه في أمس الحاجة إليه وأنه سيموت إذا لم يتناوله، قائلة:''أعتقد أنني نجوت من شر ذلك الرجل فلولا دخول بعض الزبائن لما خرج وتركني بسلام''. البرنامج السنوي مطبق والإجراءات الجديدة ستحسن الأمور وتؤكد من جهتها مديرية الصحة لولاية الجزائر ل''المساء'' أنه لم يسبق لها أن تلقت شكاوى من المواطنين وأن البرنامج السنوي للمناوبة المقرر منذ ثلاث سنوات من المفروض انه يسير بصفة عادية طوال العام، كما انه تم تعزيزه خلال شهر رمضان. وأوضح المصدر أن الوزارة تتابع عن كثب هذا البرنامج بواسطة شبكة مراقبة خاصة، فضلاً عن تعزيز هذا البرنامج بإجراءات جديدة سيتم الكشف عنها قريبا، وأن الوصاية عينت أطباء مفتشين من مختلف ولايات الوطن لمراقبة الصيدليات المعنية وكذا المستشفيات والمؤسسات الاستشفائية الأخرى العمومية والخاصة المعنية بنظام المداومة، كما وعدت المديرية بالتحسن عند تطبيق البرنامج انطلاقاً من مضمون القرار الوزاري الذي سيصدر قريبا. ومن جهتها أكدت نقابة الصيادلة ''سنابو'' أنه كان من المقرر أن تشارك الوزارة الوصية في ضبط وإعداد البرنامج الخاص بالمناوبة مع بداية سنة 2010 وذلك خلال اجتماع ثلاثي يجمع مديرية الصحة وعمادة الصيادلة والنقابة إلا أنه لم يحدث شيئ من هذا القبيل.