في هجمة غير مسبوقة على الإسلام والمسلمين خرج قس أمريكي من كنيسة معادية للإسلام ليعلن أمام الملأ إصراره على حرق نسخ من القرآن الكريم بعد غد السبت المصادف لذكرى هجمات الحادي عشر سبتمبر، مما أثار موجة تنديد وغضب واسعة شملت مختلف الدول الإسلامية والغربية والعديد المنظمات والهيئات السياسية والعسكرية والدينية. وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بالحملة التي تشنها كنيسة ''مركز اليمامة لنجدة العالم'' في غينسفيل بولاية فلوريدا الأمريكية والمصرة على حرق مئات النسخ من المصحف الشريف أقدس الكتب السماوية لأكثر من مليار مسلم في العالم. وطالبت بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الجريمة الشنعاء التي لن تساهم إلا في تعزيز مشاعر الكراهية والعداوة بين المسلمين والمسيحيين ليس في الولاياتالمتحدة بل في كل أنحاء العالم. وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تسارع إلى الإعراب عن إدانتها الشديدة لإصرار هذه الكنيسة على حرق نسخ من القرآن وطالبت القس تيري جونز بالعدول عن مثل هذا الفعل الذي أكدت بشأنه كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأنه مشين ومخز. وقالت خلال مأدبة إفطار أقامتها مساء أول أمس ''أنا أشعر بالارتياح لهذه الإدانة الواضحة والتي لا لبس فيها لهذا العمل المشين والوقح والتي صدرت عن رجل دين أمريكي''. ولكن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية لم تتطرق إلى إمكانية اتخاذ إجراءات صارمة لمنع هذا العمل الإجرامي رغم أن الجنرال الأمريكي ديفيد بيتريوس قائد القوات الأمريكية في أفغانستان لم يخف قلقه البالغ من انعكاسات حرق نسخ من المصحف الشريف على الجنود الأمريكيين المنتشرين في هذا البلد. والقلق نفسه استشعره الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ رامسونس الذي أكد بأن الدعوة لحرق القرآن الكريم قد يعرض حياة الجنود الأطلسيين في أفغانستان إلى الخطر. ولم تقتصر مشاعر القلق على الإدارة الأمريكية والحلف الأطلسي وتعدتها إلى هيئات أخرى حيث عارض الاتحاد الأوروبي بشدة إصرار القس الأمريكي على عملية الحرق وقالت كاترين اشتون وزيرة الخارجية في الاتحاد أنها ''تحترم كافة المعتقدات الدينية وهذا العمل غير صائب''. ولم تثر الدعوة غضب المسؤولين السياسيين والعسكريين فقط بل شملت رجال الدين من الديانات السماوية الثلاث حيث التقى أئمة وأساقفة وحتى حاخامات وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر وطالبوه بضرورة اتخاذ خطوات صارمة لوقف تنفيذ هذه الدعوة. وأعرب الزعماء الدينيون في إعلان مشترك بواشنطن عن أملهم في أن تتم قراءته عبر الولاياتالمتحدة في الكنائس والمساجد ''إننا ملتزمون ببناء مستقبل لا تؤدي فيه الاختلافات الدينية إلى العداء أو الانقسام بين الجاليات''. كما عبر هؤلاء الزعماء الدينيون ومن بينهم الرئيس الفخري لأساقفة واشنطن وميريلاند الكاردينال ثيودور ماكاريك ورئيسة الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا أنغريد ماتسون عن قلقهم حيال الجدل الذي صاحب الإعلان عن مشروع تشييد مركز إسلامي في نيويورك. وشددوا قائلين ''نعتبر أن التهجم على ديانة هو تهجم على كل مواطني الولاياتالمتحدة''. من جانبه أدان الفاتيكان بشدة هذا الفعل الخطير الذي وصفه بالإهانة الخطيرة ورفع شعار ''لا أحد يحرق القرآن'' محذرا من مغبة أن يفتح ذلك باب الأذى ضد الأقليات المسيحية في الدول الإسلامية. ويزيد تصادف عيد الفطر مع ذكرى ال11 سبتمبر من مخاوف وقلق الجالية المسلمة في الولاياتالمتحدة والتي دفعت بالعديد من المساجد والمنظمات الإسلامية إلى إلغاء مظاهر احتفالية في عيد الفطر مخافة تعرضها لاعتداءات. ولم تثن ردود الفعل المحذرة الكنيسة عن تنفيذ تهديداتها بحرق المصحف الشريف وقالت أنها مصممة على المضي قدما في خطتها المشينة وذهب القس جونز المعادي للإسلام إلى التقليل من مخاوف المسؤولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين واعتبرها في غير محلها. والمفارقة أن الدعوة لحرق نسخ من المصحف الشريف جاءت على أرض لا طالما نادت باحترامها للديانات وأكثر من ذلك عملت على إعداد تقارير عن دول أخرى اتهمتها بعدم احترام الديانات وتعايش الأديان وهو ما يطرح التساؤل حول من يوقف جنون قس لا يدرك عواقب الإقدام على مثل هذا الفعل المنافي لكل الشرائع الدولية؟.