أحدث قرار الادعاء العام السوري أمس بإصدار 33 مذكرة توقيف ضد عدة شخصيات رفيعة المستوى سورية ولبنانية وعربية وأجنبية هزة قوية في ملف اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ستكون له ارتدادات في عدة عواصم شرق أوسطية.ويؤشر قرار العدالة السورية في هذه القضية الشائكة لأن تكون له انعكاسات مباشرة على الوضع السياسي العام في لبنان وسيزيد من اشتداد عملية الصراع المتواصلة بين أحزاب الأغلبية النيابية والمعارضة اللبنانية بعد أن ساد الاعتقاد أن علاقتهما بدأت تسير باتجاه التفاهم العام بينهما. وساد مثل هذا الاعتقاد كون قائمة الأسماء التي شملها قرار التوقيف ضمت شخصيات مرموقة وعلى صلة مباشرة برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. وضمت القائمة النائب الحالي في مجلس النواب اللبناني مروان حمادة والوزير السابق شارل رزق والنائبين السابقين باسم السبع وإلياس عطا الله والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع الاستعلامات في قوى الأمن العقيد وسام الحسن ومستشار رئيس الحكومة الحالي هاني حمود. وجاء إصدار مذكرات التوقيف بناء على الدعوى القضائية التي رفعها جميل السيد المدير العام السابق للأمن العام اللبناني ضدهم قبل سنة من الآن والذي اتهمهم بالتورط في ''تلفيق شهادات زور''أدت إلى سجنه لمدة أربع سنوات بتهمة التورط في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في فيفري سنة .2005 وبرر السيد شهر أكتوبر 2009 لجوءه إلى القضاء السوري بوجود خمسة سوريين من بين الذين شملتهم الدعوى القضائية إضافة إلى إعلان القضاء اللبناني والمحكمة الدولية المكلفة بالنظر في اغتيال الحريري عدم صلاحيتهما النظر في شكواه. ويعد السيد أحد الضباط الأربعة الذين كانوا مسؤولين عن الأجهزة الأمنية لدى اغتيال الحريري وأوقفوا للاشتباه بتورطهم في عملية الاغتيال التي تمت عبر تفجير شاحنة في بيروت وتسببت في مقتل 22 شخصا آخرين. وأثارت مذكرات التوقيف صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية خاصة وأنها جاءت في ظرف استفحلت فيه الأزمة السياسية في هذا البلد على خلفية توجيه حزب الله اتهامات صريحة ضد المحكمة الخاصة الدولية باعتمادها على شهادات مزورة في تحقيقاتها التي أجرتها حول ملابسات اغتيال رفيق الحريري. واعتبر اللواء أشرف ريفي الذي يعد من بين المطلوبين أن ''الشرطة الدولية ''انتربول'' لن تأخذ بهذه المذكرات ولن يقبل بتعميمها'' استنادا إلى طابعها السياسي بينما قال النائب مروان حماده أن مذكرات التوقيف مجرد ''مهزلة'' وأكد أنه لم يبلغ بأي شيئ من القضاء السوري وأن ''لا مفعول قانوني'' للمذكرات. وأضاف ''لا أريد أن أزيد وقودا على نار سياسية... مشتعلة بين الفرقاء اللبنانيين حول أمور كثيرة تبدأ بالمحكمة ولا تنتهي بغيرها من المواضيع''. وتعرض حماده شهر سبتمبر 2004 لمحاولة اغتيال اتهم سوريا بالوقوف وراءها وأدلى بعد اغتيال الحريري بتصريحات عنيفة ضد دمشق. من جانبه قال النائب سمير الجسر المقرب من رئيس الوزراء اللبناني أن ''مذكرات التوقيف السورية ليس لها أي أساس قانوني لأن الأمر يتعلق بجريمة وقعت على الأراضي اللبنانية''، إضافة إلى أن مقدم الادعاء ومعظم المدعى عليهم لبنانيون. وقال ''هذه محاولة للطلب من الحكومة اللبنانية التراجع عن موضوع المحكمة الدولية''. وعلقت الصحف اللبنانية على قرار القضاء السوري حيث اعتبرتها صحيفة ''لوجور'' اللبنانية والناطقة بالفرنسية أنها ''إجراء تعسفي يعني إعلانا حقيقيا للحرب''. في وقت أكدت فيه صحيفة ''الأخبار'' المقربة من حزب الله بأن ''الشخصية المستهدفة متواجدة في القصر الحكومي'' في إشارة إلى سعد الحريري. ولكن سفير سوريا في بيروت علي عبد الكريم علي وفي محاولة لتهدئة الأوضاع نفى نفيا قاطعا أن تكون أي دوافع سياسية وراء إصدار هذه المذكرات التي قال أنها ''أمر قضائي بحت وليست هناك أية علاقة بين إصدارها وبين العلاقة القائمة بين سعد الحريري وسوريا''. وتأتي مذكرات التوقيف وسط تصعيد سياسي داخلي بين فريق الحريري وخصومه وعلى رأسهم حزب الله الذي يشن حملة عنيفة على المحكمة الدولية بعدما شكك في مصداقيتها نتيجة تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام إليه في جريمة اغتيال الحريري. وطالب حزب الله الحكومة اللبنانية بالتحقيق في قضية ''شهود الزور''.