أجمع قضاة وحقوقيون في منتدى ''المجاهد'' أمس حول إصلاح محكمة الجنايات على أن اعتماد الاستئناف والتسبيب يشكلان محور الإصلاح باعتبارهما إجرائين يزيدان في ضمان المحاكمة الجنائية العادلة وينسجمان مع التزامات الجزائر الدولية في هذا المجال بعدما انضمت تقريباإلى كل المواثيق والعهود المتعلقة بضمان الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان. وأوضح المشاركون على غرار مدير مركز البحوث القانونية والقضائية الأستاذ جمال بوزرتيني، أن اعتماد التقاضي على درجتين (الاستئناف) في المحاكمة الجنائية مع تسبيب الأحكام الجنائية، تقتضيه أحكام الدستور (المادة 154) وتفرضه أيضا التزامات الجزائر الدولية في مجال الحقوق المدنية والسياسية وحماية حقوق الإنسان. وأشار إلى أن اعتماد هذين الإجرائين، لا يعني أن القوانين السارية المفعول (القانون المدني والإجراءات الجزائية) لا تضمن للمتقاضين محاكمة جنائية عادلة، بقدر ما يعني أن الدولة تحرص على تدعيم إجراءات وآليات ضمان المحاكمة العادلة. ومن جانبه، أشاد النقيب الأسبق للمحامين، الأستاذ ميلود براهيمي، بإرادة الدولة الجزائرية في الحرص على تطبيق أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه سنة ,1986 ويتجلى ايمانها بذلك من خلال انضمامها الطوعي للبروتوكول الاختياري لهذا العهد في أعقاب أحداث 5 اكتوبر 1989 وبالضبط بعد شهر واحد من دستور ,1989 واللجوء من خلال قضية سيدار إلى القضاء الدولي الأممي كأعلى هيئة للطعن في الأحكام الوطنية. وقال الأستاذ براهيمي في هذا الصدد، أن الجزائر في هذا المقام بالضبط تعتبر الوحيدة في العالم الثالث على الأقل، التي يشهد لها بتوفير ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة. أما وكيل الجمهورية بالرويبة، السيد بوداش رابح، فأبرز أوجه المحاكمة العادلة في التشريع الجزائري بدءا بحقوق المتهم إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة كمنع الاعتقال التعسفي من خلال التوقيف تحت النظر، والتحقيق القضائي وتحديد مدة الحبس المؤقت، ضمان مبدإ الآجال المعقولة في المحاكمة وحقوق الدفاع والمساعدة القضائية، ووجاهة المحاكمات (علنية الجلسات)، وكذا تسبيب هذه الأحكام القضائية لا سيما في المخالفات والجنح، وأضاف السيد بوداش في هذا السياق، أن تسبيب هذه الاحكام أمر يمكن أن يكون إحد محاور إصلاح محكمة الجنايات. وبدوره، أوضح رئيس قسم بغرفة الجنايات بالمحكمة العليا الاستاذ بوسنة، أن اعتماد درجة التقاضي الثانية وتسبيب الاحكام وتجاوز مبدأ الاقتناع الشخصي الذي يعمل به نظام المحلفين، سيضفيان حركية وشفافية على عمل محكمة الجنايات الذي يتميز الآن بالثقل. وأضاف أن المحكمة العليا وفق التشريع الساري المفعول، هي محكمة قانون أي تنظر في شرعية الحكم وليست محكمة موضوع (وقائع). وعن القاعدة القائلة أن الطاعن لا يضر نفسه بطعنه، والتي أثارها الأستاذ براهيمي، فقد أفاد قاضي المحكمة العليا الأستاذ بوسنة أن هذه القاعدة يفترض أن تحترم في الجنايات على غرار احترامها في الأقسام الأخرى، لكن ذلك غير منصوص عليه، والقاضي في المحكمة العليا (الدرجة الثالثة) لا يجتهد خارج النص، ولكن يمكن إزالة الغموض في هذا الشأن من خلال الاجتهاد الحاصل لإصلاح محكمة الجنايات. وعلى صعيد متصل، أكد مدير الابحاث القانونية والقضائية، أن الجزائر هي تحت المستوى العالمي بخصوص تطبيق إجراء الحبس الاحتياطي (11 بالمائة فقط من الموقوفين)-.