حذر المحامي ميلود إبراهيمي، من إبقاء سير محكمة الجنايات على حاله، واعتبر أن الوضعية الراهنة لمحكمة الجنايات في الجزائر غير دستورية، حيث تنتهك فيها حقوق مخولة دستورا، ومنصوص عليها في اتفاقيات ومعاهدات دولية صادقت عليها الجزائر، وأوصى الحقوقي بضرورة إعادة النظر في سير محكمة الجنايات من أجل ضمان محاكمات عادلة، والقضاء على التمييز بين المواطنين. أظهر، أمس، نقاش حقوقيين وأساتذة جامعيين حول محكمة الجنايات في الجزائر، العديد من الثغرات التي تمس بشكل مباشر بنوعية الأحكام وبحق المتقاضي في الاستئناف، والمحاكمة في درجة ثانية أمام قضاة أكفاء، رغم أن نوعية الجناية مرتبطة مباشرة بنوعية العقوبة التي قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام. ولفت الأستاذ والحقوقي، ميلود إبراهيمي، إلى عديد الثغرات التي جعلت سير محكمة الجنايات خرقا للدستور وانتهاكا لحقوق المتقاضين. وقال المتحدث، أمس، خلال مداخلته في اليوم الدراسي حول إصلاح محكمة الجنايات المنظم من طرف مركز البحوث القانونية والقضائية، إن محكمة الجنايات المعروفة بثقل الإجراءات لا تضمن للمتقاضي حق الاستئناف، ومحاكمة ثانية تضمن بدورها حكما أكثر نوعية، مشيرا إلى أن حق الطعن لدى المحكمة العليا لا يكفي، بما أنه يعيد النظر في الحكم وليس في الوقائع، متسائلا عن منطقية منح حق الاستئناف في الجنح البسيطة ومنعه على الجنايات التي تعد أكثر خطورة في العقوبة. وعن المحلفين الشعبيين الذين يجهلون القانون، قال إبراهيمي إنه من الأفضل إما إلغاؤهم كليا وتشكيل المحكمة من قضاة محترفين، أو رفع عددهم من اثنين إلى أربعة، حتى يشكلوا الأغلبية في تشكيلة المحكمة الجنائية، وأضاف المتحدث أن الاعتماد على الاقتناع الشخصي في إصدار الأحكام في الجنايات، لابد أن يدعم بالتسبيب، أي أن يعلل القاضي سبب إصدار عقوبة السجن لعشر سنوات مثلا، أو أي عقوبة أخرى. كما انتقد الحقوقي عددا من الإجراءات المتعلقة بإصدار الأحكام غيابيا، وبوضع المتهم بارتكاب جناية في السجن عشية محاكمته، رغم ما يسببه له من توتر يؤثر على إمكانية دفاعه عن نفسه، معتبرا الوضعية الحالية غير مقبولة، مؤكدا على الضرورة العاجلة لإعادة النظر في هذه النقائص وضمان احترام الدستور والمبادئ العامة المعمول بها عالميا والمنصوص عليها في الاتفاقات الدولية. من جهته، أكد مدير مركز البحوث القانونية والقضائية، جمال بوزرتيني، أهمية التركيز على تكوين القضاة وترك المختصين يفصلون في القضايا، بدلا من الاعتماد على المحلفين الشعبيين، وإقرار حق التقاضي في الدرجة الثانية بهدف تحسين نوعية الأحكام.