أجمع مختصو القطاع الفلاحي بولاية وهران وحتى مسؤولوه على أن ظاهرة الجفاف وتذبذب تساقط الأمطار إلى جانب ندرة مياه السقي وسوء استغلال المياه الجوفية ستكون وراء تراجع الإنتاج الفلاحي للموسم المقبل، وهو الأمر الذي جعل العديد من المزارعين والفلاحين يرفضون الشروع في عملية الحرث والبذر وتوسيع مساحات زرع الحبوب بمختلف أنواعه اللين والصلب وحتى الشعير، حيث لا تتعدى مساحة زرع القمح اللين والصلب ثمانية آلاف هكتار، علما أن المساحة الأكبر مخصصة لزرعة الشعير الموجه لأعلاف الحيوانات، باعتبار أن القمح اللين والصلب يحتاج إلى كثير من المياه ليكون ذا جودة عالية تتناسب ونوعية الاستهلاك البشري، زيادة على أن المطاحن لا تتعامل مع القمح الرديء. وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن المساحة الزراعية الإجمالية المتوفرة بولاية وهران التي تعتمد على مياه الأمطار لا تتعدى 96400 هكتار، في الوقت الذي لا تتعدى فيه المساحة الإجمالية للمحيطات المسقية 6300 هكتار، أما الأراضي البور المحصاة فإنها تعادل 24 ألف هكتار ومن هذا المنطلق فإن المصالح التقنية لمديرية المصالح الفلاحية تتوقع إنتاج ما لا يقل عن 530 ألف قنطار من مختلف أنواع الحبوب وهذا بالنظر إلى كميات الأمطار المتساقطة التي لم تتجاوز العام الماضي 350 ملم، كما أن توزيعها وتنظيمها كان متذبذبا ما بين أشهر مارس وأبريل وماي، وهي الفترة التي تحتاج فيها الحبوب إلى كميات كبيرة من المياه، لكن الكمية المطرية لم تتعد خلال هذه الفترة 30 ملم، في حين ما تزال الآليات المستعملة في عمليات الحرث والحصاد والدرس أهم عوائق القطاع الفلاحي بوهران. وحسب حصيلة الأرقام المستقاة من مديرية المصالح الفلاحية فإنه يوجد بولاية وهران 54 آلة حصاد ودرس يعود تاريخ أول استعمال لها إلى ثلاثين سنة خلت، إضافة إلى ست آلات جديدة لجمع ما يفوق 350 ألف هكتار، وهو ما يعتبر غير كاف تماما، الأمر الذي دفع بالمصالح الفلاحية بالولاية إلى الاستعانة بالولايات المجاورة كسيدي بلعباس ومعسكر ومستغانم وعين تيموشنت. وبالعودة إلى إنتاج الموسم الفلاحي للعام الماضي فقد تم تحقيق إنتاج قياسي من الحبوب فاق 668 ألف هكتار، 70 في المائة منه شعير على مساحة إجمالية تقدر ب53711 هكتارا، علما أن الآمال تبقى متجهة نحو سهل ملاتة باعتباره مستقبل الفلاحة بالولاية، خاصة أنه من المنتظر أن يسقي 8700 هكتار، وذلك بالاعتماد على المحطة الرئيسية لمعالجة المياه الصحية وتطهيرها الواقعة ببلدية الكرمة، والتي سبق لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أن دشنها سنة ,2007 والتي تقدر طاقتها العلاجية بأزيد من 50 مليون متر مكعب سنويا، حيث يقع سهل ملاتة بين بلديات الكرمة ووادي تليلات وطفراوي، علما أن المحطة جاهزة الآن لسقي 5500 هكتار فقط كمرحلة أولى كونه يساهم في توسيع نسبة الأراضي المسقية من 4 في المائة إلى 45 في المائة، مع تنويع المزروعات وفق البرنامج المسطر المخصص للحبوب والزيتون والأعلاف بمختلف أنواعها لزيادة مردودية إنتاج الحليب واللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء حسب ما أكده مدير المصالح الفلاحية السيد محمد ميدون. وفي نفس هذا الموضوع من المنتظر أن يرتفع إنتاج الزيتون إلى ألف هكتار، على أن تفوق مساحة الحبوب المسقية خمسة آلاف هكتار، كما ستخصص مساحة ألفي هكتار للأعلاف الخضراء مع آفاق .2014 من جهة أخرى تسعى الجهات الوصية على مستوى مديريتي الفلاحة والري إلى استغلال المحطة وتشغيلها في سقي الأراضي البور التي تفوق مساحتها الإجمالية بوهران 24 ألف هكتار، وهو الأمر الذي من شأنه المساهمة في تنويع المزروعات المختلفة التي تعتبرها الدولة من أولويات العمل الفلاحي الذي تسعى السلطات المركزية من خلاله إلى تقليص فاتورة الاستيراد، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة مع الالتزام الذي تقدمت به الدولة في تدعيم المستثمرات الفلاحية الجماعية والفردية على حد سواء بأدوات السقي بكافة أنواعها، وهذا حفاظا على المخزون الباطني للمياه الجوفية.