لم يعد العامل البشري هو المتسبب الرئيسي في حوادث المرور بعد أن كشفت عمليات المراقبة التقنية للسيارات التي تشرف عليها كبرى الشركات العمومية مسؤولية المركبات المباشرة بفعل الاعطاب المتكررة والتي أصبحت مألوفة لدى المختصين والتقنيين الذين يؤكدون أن للسيارات مسؤولية في حوادث المرور بنسبة عالية قد تفوق تلك المسجلة بدول أوربا والبالغة 30 بالمائة، في حين لا تتعدى مسؤولية المركبات محليا ال5 بالمائة بحسب النتائج والدراسات المحلية، الأمر الذي يستدعي دراسات ميدانية للتأكد من الأرقام المعلنة ولتحديد المسؤوليات بشكل علمي ومدقق. ودعا السيد علي طواهري، المدير العام لشركة المراقبة التقنية للسيارات، في حديث ل''المساء'' إلى ضرورة انجاز دراسة ميدانية متخصصة للتأكد من الأرقام المعلنة حول العوامل المتسببة في حوادث المرور والتي تشير إلى أن العامل البشري يتحمل 90 بالمائة من المسؤولية، أما النسبة المتبقية والمقدرة ب 10 بالمائة فتتقاسمها الطرقات والمركبات وهذه الأرقام والإحصائيات ما هي إلا مغالطات، حسب السيد طواهري، على الرغم من المسؤولية الواقعية والأكيدة للسائقين والعامل البشري الذي يعد العنصر الأول المتسبب في حوادث المرور غير أن للسيارة نصيبا وافرا من المسؤولية قد تفوق تلك المسجلة بالدول الأوروبية. وطالب السيد طواهري بضرورة التدقيق أكثر في الأرقام المعلنة والتي لا تعكس الواقع ملحّا على ضرورة أن تأخذ جميع التحاليل والدراسات الميدانية بعين الاعتبار أهمية المركبة ودورها في حوادث المرور التي لا تزال تخلف المزيد من الأرواح والخسائر المادية والتي يتحملها العامل البشري وحده وهو جزء من ضمن 130عنصرا يدخلون في مسببات حوادث المرور. وأكد محدثنا أن نسبة حوادث المرور ترجع في الأساس إلى المركبات بنسبة تفوق 30 بالمائة على عكس ما تقدمه أغلب التقارير التي تستند أساسا إلى الإحصائيات والمعطيات التي تقدمها الجهات الأمنية التي تقول إن 95 بالمائة من حوادث المرور سببها الإنسان، في حين أن نسبة 5 بالمائة ترجع إلى حالة المركبة، وهذا في نظري خطأ فادح -يضيف السيد طواهري- الذي أعطى أمثلة واقعية عن جملة من الدراسات الدورية التي تعدها الدول المتقدمة لا سيما في أوروبا والتي تحمّل السيارات ما نسبته 30 بالمائة من حوادث المرور على الرغم من أن حظيرة السيارات بها جديدة ولا تقل عن الثلاث سنوات، فما بالك بالحظيرة الوطنية للسيارات بالجزائر التي يبلغ متوسط عمرها العشرين سنة على الأقل. وتبدأ متاعب السيارات بمجرد خروجها من المصنع ودخولها الخدمة لمدة تتراوح ما بين ثلاثة إلى اربعة أشهر حيث تبدأ تفقد أجزاء منها بشكل أوتوماتيكي غير أن غالبية السائقين لا يولون أهمية لسياراتهم وإن كانت جديدة على الرغم من ضرورة متابعتها وفق الدفتر الصحي الخاص بكل سيارة بإخضاعها لفحص دوري. وقد أدت حالات التهاون إلى ظهور أعطاب خطيرة بسيارات جديدة. وبحسب التقارير، فإن الاعطاب تتعلق في أغلب الأحيان بنظام الفرملة والأضواء مع العلم أن أهم الأجزاء التي يتم مراقبتها في السيارة تتعلق ب9 أجزاء وحوالي 130 نقطة في السيارة. وقد بذلت شركة ''كوت'' جهودا جبارة منذ تأسيسها في مارس2001 وفق مهام تتعلق أساسا بالمراقبة التقنية الإجبارية والدورية للمركبات وتحتوي (كوت) لوحدها على 23 محطة عبر 18 ولاية، مجهزة ب 63 خط مراقبة منها 28 وكالة موجهة إلى المركبات الثقيلة، في حين ال 32 وكالة المتبقية مخصصة للمركبات الخفيفة والسياحية. وقد حققت الأهداف المرجوة منها ويمكن تفسيرها حسب السيد طواهري باستقرار الأرقام والنتائج السلبية التي تخلفها حوادث المرور على الرغم من الارتفاع الكبير الذي تعرفه الحظيرة الوطنية للسيارات والتي قدرت ب3 ملايين سيارة، أي بزيادة فاقت المليون سيارة في السنوات الأخيرة، إلا أن عدد ضحايا حوادث المرور ما يزال مستقرا رغم ارتفاعه وهو الذي بلغ 4 آلاف قتيل سنويا، مما يعني أن المراقبة التقنية للسيارات بالإضافة إلى قانون المرور وإن لم يساهما في تخفيض حوادث المرور فإنهما ساهما في استقرار الرقم رغم الزيادة الكبيرة في عدد السيارات. وشدد السيد طواهري في حديثه على ضرورة اهتمام الدولة أكثر بالجانب المتعلق بالسيارات وهو الذي يتم عبر المراقبة التقنية التي لم تعد لها الأهمية الواجب أن تحظى بها ويجب الاستعانة بالتقارير التي تقدمها الوكالات التي تتعامل مباشرة مع المركبات، مما يؤهلها لإبداء آرائها واقتراحاتها بخصوص مسؤولية المركبات وتسببها في حوادث المرور. وفي هذا السياق، يقول محدثنا إن الترخيص لفتح وكالة للمراقبة التقنية للسيارات أصبح سهلا ومتاحا لكل من هب ودب حتى أصبح عدد الوكالات المتوفر حاليا يغطي ضعف الحظيرة الوطنية إذ أن 297 وكالة من شأنها مراقبة 6 ملايين سيارة، في حين أن الحظيرة الوطنية للسيارات لا تحتوي إلا على 3 ملايين سيارة مما يعني أن هناك فائضا في عدد الوكالات، الشيء الذي أدى بشكل واضح إلى خلق المنافسة غير الشرعية وكذا التزوير، مما ساهم بشكل كبير في تغيير الهدف المرجو من المراقبة، حيث ستصبح عملية تجارية محضة هدفها الربح وفقط. ويشير المدير العام ل''كوت'' إلى هروب الشاحنات والحافلات من المراقبة لدى الوكالات التابعة ل''كوت'' وتفضيلها التوجه نحو الوكالات الخاصة التي تقدم تسهيلات وتتسامح في عدة نقاط وتغض الطرف عن أخرى مع منح محاضر مزورة للمواطن دون قيامه بعملية المراقبة التقنية للسيارة، وهذه جريمة قد يدفع ثمنها المواطن بصفته المتضرر الوحيد من ذلك.