تحول ترامواي العاصمة من حلم جميل ينتظره الجميع إلى كابوس مزعج حبذا لو تنتهي فصوله في أقرب وقت ممكن وذلك بعد أن نغص هذا المشروع الواعد على العاصميين حياتهم وهو الذي أدى إلى غلق العديد من المحلات وحول مسارات السكان المقيمين بجواره وكذا السيارات التي امتلأت بها الطرقات وتعقدت حركتها على طول الخط المسطر للترامواي.. وتتعقد حياة العاصميين وهم يشاهدون توقف الأشغال مما يعني أن معاناتهم ستطول أكثر وفي نفس الوقت يستمعون إلى تصريحات المسؤولين التي تطمئنهم بأن الأشغال تسير على ما يرام !؟ وقد أدى تأخر استكمال أشغال ترامواي العاصمة الذي تغيرت تواريخ استلامه من سنة 2009 إلى سنة 2011 أو 2012 على حسب الظروف إلى استياء السكان وقلقهم من الوضعية التي آلت إليها حياتهم صيفا أو شتاء بفعل المعاناة التي تتسبب فيها الأشغال التي تسير بوتيرة السلحفاة بحسب سكان بلدية حسين-داي الذين خرجوا مرارا للتنديد بتأخر الأشغال وتردي حياتهم المعيشية وسط أكوام من الأتربة وصور الجرافات التي ضلت طيلة أسابيع قابعة بمكانها دون حراك. ويؤكد السكان أن صور الآلات وهي متوقفة تؤكد لنا أن استلام هذا الترامواي لن يكون غدا وأن معاناتهم ستستمر ربما لسنوات طوال كما كان الحال بالنسبة لمترو الجزائر الذي لم ير النور إلى غاية اليوم.. وعلى الأقل فإن أشغال المترو لم تزعج كثيرا السكان بما أنها كانت تتم تحت الأرض على عكس الترامواي الذي نتقاسم معه يومياتنا، حيث تستمر حالات الاختناق، بسبب تأخر إنجازه بكل الطرقات على طول الخط المسطر لإنجاز الترامواي لا سيما على مستوى حسين داي وبرج الكيفان والذي وصلت بها الاختناقات ذروتها لتنعكس على باقي الطرقات والمسارات المجاورة زادها في ذلك العدد المتزايد من المركبات، مما دفع بالعديد من المواطنين وأصحاب السيارات إلى البحث عن بدائل مريحة ومناسبة للوصول إلى قلب العاصمة تطمينات المسؤولين وواقع الأشغال لم يهضم سكان العاصمة تصريحات القائمين على قطاع النقل الأخيرة والتي تؤكد أن الأشغال تسير على ما يرام ولا يعترضها أي تأخير وأن تسليم مشروع الترامواي سيكون في آجاله التي أعيد تحديدها أكثر من مرة.. خاصة وهم يشاهدون بأعينهم كيف أن العمال هجروا مواقع الأشغال ولا يأتون إليها إلا نادرا لتفقدها كما أن طوابير السيارات والنقاط السوداء ما فتئت تتزايد يوما بعد يوم خاصة بالجهة الشرقية للعاصمة وعلى طول الطريق الوطني رقم 24 الذي تحول منذ قرابة السنة إلى نقطة مرورية سوداء. ويتساءل مواطنو العاصمة ما إذا سيكون مصير الترامواي كسابقه ''المترو'' الذي عمّر طويلاً واستهلك أموالا ضخمة مطالبين القائمين على المشروع بضرورة الإسراع والتسريع من وتيرة الأشغال التي يبدو أنها بعيدة عن المعايير المبنية على احترام الآجال. وعلى الرغم من استقدام عدد من قاطرات الترامواي وبدء تجريبها منذ عدة شهور على مستوى مستودع برج الكيفان الذي تقبع به القاطرات إلا أن تهيئة المسالك لوضع السكك الحديدية لا يزال يعرف تأخراً كبيرا وملحوظاً، وفي هذا السياق تشير مصادر مهتمة بالقطاع بأن المشروع لن يتم استلامه في الآجال المحددة، بالنظر إلى النزاعات العقارية والمتعلقة بتعويض السكان الذين يمسهم المشروع لاسيما على مستوى حي فايزي ببرج الكيفان الذي من الممكن أن يشكل عائقاً كبيراً أمام تقدم الأشغال، على أساس أن عشرات البنايات والمساكن تقع في محور المشروع. تواريخ تتوالى.. والتسليم متى؟ منذ الإعلان عن مشروع ترامواي الجزائر الذي تم الانطلاق فيه شهر مارس 2007 ، توالت تصريحات المسؤولين عن تاريخ استلام هذا المشروع الحلم الذي يمتد من شارع المعدومين بحسين داي إلى حي درقانة ببرج الكيفان على مسافة 23 كلم والذي يضم 30 محطة، ويمكنه نقل 150 ألف راكب يوميا.. حيث أنه وبشكل غير معلن يتم تأجيل تاريخ الاستلام الذي كان مقررا منتصف السنة الجارية غير أن عدم الالتزام بآجال التسليم دفع بالمسؤولين إلى تقسيم المشروع إلى أجزاء متفرقة يسلم كل واحد منها على حِده. واستنادا إلى تصريحات المسؤولين دائما كان من المتوقع تسليم المقطع الأول من خط الترامواي الذي يربط حي الموز ببلدية برج الكيفان في آجاله المحددة مطلع شهر أوت من سنة ,2009 إلا أن الميدان لا يعكس ذلك على الإطلاق بحيث أوضحت الجولة الميدانية وبعد انقضاء آجال التسليم أن الأشغال على مستوى هذا الجزء لا تزال تراوح مكانها ومن المحتمل أن تنتهي بداية السنة القادمة أو خلال الثلاثي الأول من السنة حسب أحد المسؤولين المشرفين على المقطع. وفي هذا السياق فإن الجولة التي قمنا بها تؤكد أن آجال الانتهاء من المشروع بعيدة عن الواقع، علما أنه سبق للمسؤولين أن أعطوا رزنامة زمنية مدققة لتسليم المشروع الذي ينجز -حسب المشرفين عليه - بمواصفات عالية تحرص من خلالها كل شركة منجزة على إبراز صورتها والمحافظة على مصداقية علاماتها التجارية. وحسب الرزنامة فقد كان متوقعًا تسليم كافة خطوطه الثلاثة على امتداد 23 كلم في أوت,2010 ويدخل شطره الأول الرابط برج الكيفان حي الموز بالصنوبر البحري مرحلة العمل في أوت2009 ويتبعه الشطر الثاني الرابط حي الموز وشارع المعدومين في جوان 2010 وأخيراً الشطر الثالث في صائفة السنة نفسها، غير أن شيئا من هذا لم يحصل وإلى ذلكم الحين. من نصدق من؟ ويطرح هذا السؤال لدى تفقدك المشروع على طول الخط الممتد بين شارع حسين داي وبرج الكيفان وكذا على مستوى حي مختار زرهوني ''الموز سابقا'' من جهة ولدى سماعك لتطمينات المسؤولين من جهة أخرى التي وفي كل مرة تؤكد استمرار الأشغال لتناقض نفسها بالإعلان عن أجل جديد للتسليم وربما سيكون سيناريو الترامواي هو ذاته الذي حصل مع المترو وفي الحال فإن الكارثة ستكون أكبر لأنه شتان بين أشغال نسمع عنها تحت الأرض وأخرى فوقها نعايشها ونعاني من آثارها الجانبية. بحيرات، مفارغ وتجارة متوقفة وخلال الجولة الميدانية التي قادتنا إلى الأحياء التي يمر بها المشروع، على غرار شارع طرابلس بحسين داي، أحياء الصنوبر البحري، تماريس ومختار زرهوني بالمحمدية، سوريكال بباب الزوار شوارع وسط مدينة برج الكيفان مروراً إلى حي درقانة، لاحظنا المعاناة التي يعيشها السكان الذين حرموا من الحياة العادية بعد أن تحولت الأحياء المذكورة وغيرها إلى ورشة مفتوحة، استحسنها في البداية المواطنون غير أنهم ما فتئوا يعربون عن تذمرهم بعد أن تأجل تسليم المشروع عدة مرات. وما لاحظناه خلال الاستطلاع ليس توقف الأشغال فقط وإنما الإهمال الذي طال أجزاء عديدة منه خاصة على مستوى شارع طرابلس وكذا برج الكيفان حيث تحولت الحفر فيها إلى بحيرات غطتها مياه الأمطار عن آخرها فيما تحولت مواقع أخرى إلى مفارغ لرمي النفايات أمام استحالة دخول شاحنات حمل النفايات عبر ممرات تم تضييقها بسبب الأشغال التي حرمت حتى الراجلين من السير العادي وحاصرت أحياء ومجمعات بأكملها كما هو الحال بالنسبة لحي ''لافارج ''بحسين - داي الذي لم يجد سكانه منفذا للخروج بعد أن حوصروا ببرك مائية وأكوام من الأتربة التي حولت الحي إلى مستنقع كبير خاصة لدى تساقط الأمطار. وليس بعيدا عن معاناة السكان فإن الحركة التجارية لم تصمد أمام حالة التدهور الكبير على مستوى خط الترامواي وهي التي أغلقت الممرات في وجهها الأمر الذي نفر المواطنين من التجول عبر المحلات التي أغلقت في مجملها أبوابها وهو ما لاحظناه خاصة عبر شارع طرابلس بفعل تراجع الأرباح. الإدارة... لا تجيب حاولت ''المساء'' التقرب من القائمين على مشروع الترامواي وعدم الاكتفاء بالمعاينة الميدانية رغم أنها صورة لا تحتاج لأي تعليق وكنا نأمل أن نجد لدى المشرفين على المشروع جوابا عن تساؤلاتنا عن سبب توقف الأشغال وتأخرها غير أننا اصطدمنا بنفس الإجراءات البيروقراطية التي تتعامل بها دائرة الاتصال مع ممثلي الصحافة والإعلام، بحيث طلب منا الحصول على ترخيص من الوزارة الوصية أي وزارة النقل لولوج مكاتب المسؤولين والحصول على تصريح منهم، فهم حسبهم ممنوعون من الإدلاء بأي تصريح بشأن الترامواي إلا بترخيص من الوزارة هذه الأخيرة التي راسلتها ''المساء'' مرارا لا لكن لا إجابة ممن تنادي ! وحاولت الاتصال بها هاتفيا إلا أن كل الأرقام لا ترد.