تعرف المنازل بأبوابها والبلدان بعواصمها، وما ترسم تلك الواجهة من انطباع لدى الشخص يحدد اختياره لولوج ذاك المدخل من عدمه. ''البهجة'' كما يحلو للعاصميين تسميتها، لم تعد تحوز على قلوب قاطنيها ولم تبق على جاذبيتها التي تسحب نحوها المعجبين كما فعلت مع الكولون في أيامها الخوالي، وأنت تجوب شوارعها لا شيء يوحي لك أنك بالعاصمة حتى تصادف قصر المرادية أو يتراءى لك مقام الشهيد.. الجزائرالبيضاء أضحت منطقة سوداء عادة ما تتذيل قائمة الترتيب في شتى المجالات حتى النظافة. دراسات أجنبية لا تبشر بالخير.. مهما اختلفت المؤشرات تبقى العاصمة تحافظ على مكانتها المتقدمة ضمن أسوأ المدن في تقارير دولية عدة، كيف لا وقد أدرجت في المرتبة 13 عربيا من بين 15 عاصمة عربية حسب مؤشر ''ميرسر'' لتصنيف جودة مستويات المعيشة في مدن العالم، في حين حازت تونس على المرتبة 4 عربيا و94 عالميا ضمن أفضل 100 مدينة في العالم أما الرباط فجاءت في المرتبة 6 عربيا. مؤشر ذي ''إكونومست'' منح الجزائر لقب ثاني أسوأ مدينة في ترتيب 140 مدينة يسهل فيها العيش، أما مؤشر جاهزية البنية الرقمية العالمي ومؤشر التنافسية الصادران عن المنتدى الاقتصادي العالمي بجنيف فوضعا على التوالي تونس في المرتبة 38 و,40 المغرب بالمرتبة 86 و72 والجزائر بالمرتبة 108و,83 وبالنظر لما هو عليه الحال في العاصمة فهذه التصنيفات لم تأت بالجديد أما إذا ما قارناها فيما بينها فإننا نكتشف أننا بعيدون كل البعد حتى عن جيراننا الذين لا تفصلنا عنهم سوى خطوط تدعى حدودا. الشاهد في هذه التقارير كان أرقاما ودراسات قام بها خبراء ومختصون أجانب وحتى نقترب أكثر من حقيقة الوضع بعيدا عن نظرية التضخيم التي قد يتبناها البعض، اخترنا أن تكون جولتنا اليوم عاصمية وفضلنا أن يكون الشاهد من أهلها هذه المرة. اقترابنا من العاصميين لم يكن لمجرد نقل أصداء صدحت بها المدينة الأولى في البلاد، ولكن لنقف على واقع تناسته ثقافتنا وتجاهله مسؤولونا ونرى حقيقة الصورة بأعين الجزائريين أنفسهم.. مشوارنا بدأناه من ديدوش وحسيبة وصولا إلى ساحة الشهداء وضواحيها، قلب العاصمة كان كما عهدناه ينبض بضوضاء المواطنين الذين لم تختلف وجهات نظرهم هذه المرة ولم تتفاوت آراؤهم على غير العادة. بين البارح.. واليوم يعتمد الجيل القديم على أرشيفه للحديث عن شوارع العاصمة وأزقتها التي كانت تنظف وتشطف بالماء يوميا وكانت تفوح منها روائح الياسمين، حتى المغتربين منهم وبالرغم من قضائهم فترة طويلة بالمهجر وزيارتهم لعدة مدن أوروبية إلا أن الحومة لازالت تحتفظ بصورتها الجميلة في ذاكرتهم التي لم يطلها النسيان. كما لا تزال الكثيرات من هؤلاء يتغزلن بها خاصة إذا تعلق الأمر بوصف ما كانت عليه أحياء وزنيقات القصبة، فهنا يعجز القلم عن نقل كل تلك العبارات ويكتفي باختصارها في جملة وحيدة (كانت كي الوردة). بعد 48 سنة من الاستقلال يجد التاريخ صعوبة في خط الجديد فالعاصمة في عهد أبنائها لم تفتقر للتنمية وحسب بل فقدت أيضا رونقها الذي كانت عليه في عهدها القديم. النظافة آخر هم العاصميين! طبعت النفايات أحياء العاصمة وأصبحت ديكورا فريدا يصنعه الكبار قبل الصغار ولم يعد تموقعها وسط الطرقات أو تحت الأشجار يثير الاندهاش أو الاستغراب فالأمر حسب أحد محدثينا أضحى بديهيا والهاجس الأكبر لم يبق في وجود الكيس الأسود وإنما في عدم وجوده أصلا ما جعل المنظر أكثر سوءا بانتشار تلك القاذورات على الملأ. أما الموضة الجديدة للتخلص من الفضلات فهي بشهادة أحد ضحاياها رمي مخلفات الأكل من نافذة السيارات في الطريق السريع بعد ما كانت الانطلاقة من نوافذ وشرفات العمارات. محدثونا لم يلقوا بالمسؤولية الكاملة على المصالح والسلطات المحلية وإنما كانوا موضوعيين باعترافهم أنهم أحد المساهمين أيضا في تفاقم الوضعية وأن عقلية ''تخطي راسي'' لا زالت تحكم ثقافتنا حول النظافة، في حين أنهم لم يتحمسوا لفكرة التوعية والتحسيس بقدر تأكيدهم على ضرورة وجود قوانين ردعية لمثل هذه التصرفات والأهم من ذلك تطبيقها دون تهاون وقد استدل بعضهم بقانون إجبارية حزام الأمن. أما البعض الآخر فذهب لمقارنة العاصمة الجزائرية بمثيلاتها في المغرب العربي وأقل ما استخلصه أنها لا ترقى لمستواهم مذكرا أن مجرد البصق يكلف صاحبه في تونس قرابة 3500 دج وهذا بالضبط ما يحتاجه الجزائري حتى يواكب جيرانه على الأقل في النظافة. الشرفات المهترئة، المجانين والمتسولون.. ديكور العاصمة الجديد الطابع المعماري القديم لبنايات العاصمة منحها خصوصية تاريخية إلا أن عدم إعادة تهيئة تلك المباني وترميمها جعلها أقرب للأطلال منها إلى السكنات وأفقدها لونها الأبيض الذي عرفت به، حتى أنه على حد قول أحد الشباب أصبح لزاما على المواطن توخي الحذر وهو يمر بمحاذاة تلك العمارات معلقا على حادثة الوفاة التي تسبب فيها سقوط إحدى الشرفات القديمة بشارع حسيبة بن بوعلي بالأمر المؤسف في ظل وجود ناطحات سحاب غير بعيد عنا. إذا كنت من المحظوظين فلربما ستجد سبيلا للوصول بسيارتك إلى البيت أو حتى ركنها بالقرب منه، هذا ما ابتدرتنا به سيدة عاصمية تقطن ساحة الشهداء بعد أن ضاقت ذرعا بطرقات الحي الضيقة والمكتظة بالباعة المتجولين مشيرة إلى أنها زارت من قبل الدارالبيضاء المغربية وانبهرت بما رأته من طرقات واسعة وجميلة. كما أنها أبدت حيرة كبيرة أمام تفاقم ظاهرة التشرد التي أصبحت تضم أمهات بأطفالهن وحتى عائلات بأكملها تفترش الكراتين وتقتات بالتسول. أما المجانين فقد أصبحوا بالنسبة لها خطرا يهدد أمنها وسلامتها خاصة بعدما عايشت حادثة اعتداء أحدهم على سيدة وابنتها بشارع ديدوش مراد. ولحوادث السطو والجرائم كلام آخر.. ترى بعض التقارير أن الجزائر من الناحية الأمنية تكون قد أحرزت تحسنا نسبيا من حيث تخلصها من الخطر الذي شكلته العمليات الإرهابية، لكنها بالمقابل أثبتت ارتفاع معدلات الجريمة في العاصمة التي جاءت في صدارة المدن العربية المعرضة للإجرام بعد العاصمة اللبنانية بيروت، وهذا ما أكده لنا صاحب أحد المحلات بباب الوادي الذي لم يترك لنا فرصة للاستفسار وبمجرد سماعه كلمة العاصمة هب قائلا (ما بقاتش عاصمة) معربا عن أسفه لما آلت إليه أحوال بعض وليدات العاصمة وفقدانهم للرجلة والحرمة على حد تعبيره، وراح يوضح أنه على زمانه لم تكن المرأة تسرق كما يحدث الآن إذ انتشرت ظاهرة خطف المجوهرات وحقائب اليد مستدلا بما تعرضت له شابة في العشرينات من عمرها بسوق علي ملاح، حيث اعتدى عليها أحدهم بالسلاح الأبيض بعد أن منعته من سرقة سلسلتها الذهبية. بالإضافة إلى سرقة السيارات التي أرقت منام الكثيرين ممن أصبحوا مهووسين بصوت صافرة الإنذار خاصة بعدما توالت هذه السرقات على غرار ما يحدث هذه الأيام بحي الأفواج بساحة أول ماي. كما أنه استاء من انتشار حوادث القتل بين أوساط الشباب وحتى المراهقين من أجل فتاة ما أو هاتف نقال وغيرها من الأسباب التافهة. الاكتظاظ والمواصلات الهاجس الأكبر الوافدون الجدد للعاصمة لم يختلف كلامهم عن سابقيهم من سكانها إلا في شدة التأثر كتلك السيدة التي التقينا بها في إحدى المكتبات وهي معلمة بالابتدائي جاءت من قسنطينة وصدمت بما واجهته من مشاكل على غرار الاختناق المروري والازدحام في المواصلات الأمر الذي يضطرها إلى البقاء بالمدرسة في فترة ما بين الدوامين أو قضاء ذلك الوقت في التنقل بين المحلات والمكتبات في ظل غياب المرافق العمومية والمساحات الخضراء التي قد توفر لها قسطا من الراحة بعد ساعات عمل شاقة مع التلاميذ. كما أن محدثتنا أبدت استغرابها من حجم الاكتظاظ الذي شهدته إلى درجة أنها تلجأ في بعض الأحيان إلى استخدام طريق السيارات بدل الرصيف الذي يعج بالمارة، ناهيك عن المنظر اللاحضاري - حسب رأيها- الذي يصنعه المتنقلون والركاب عبر مختلف المحطات أثناء صعودهم الحافلة والذي يفضي في مرات عدة إلى نشوب تلاسنات وشجارات عنيفة وقد وصل الأمر إلى حد تشابك الفتيات مع بعضهن بالأيدي في مظهر يوحي بالخجل والذهول وقد أشارت بنت الجسور المعلقة إلى ضرورة توسيع المدينة بفصل العاصمة السياسية عن الاقتصادية وتوفير فرص الشغل في باقي الولايات وفتحها أمام الاستثمارات التنموية حتى تستقطب الشباب للبقاء بها. خارج نطاق التغطية ''ما تتخبط به العاصمة من مشاكل هو تحصيل حاصل لكونها في بلد متخلف لم يتخلص بعد من مخلفات الاستعمار وآثار العشرية السوداء التي مر بها''، كان هذا رأي إطار بأحدى الشركات الأجنبية اعتاد على السفر إلى بلدان مختلفة بحكم المنصب الذي يشغله. ومن خلال تجربته الشخصية أكد لنا أن السبب يعود لثقافتنا المحدودة وعدم رغبتنا في التغيير والتطور وأبسط صورة وضعنا فيها حال العاصمة بحلول ساعة معينة من المساء، حيث تجد الأحداث تتسارع وكأن بوابة الزمن ستغلق، الأسواق تنهي تجارتها، المحلات توصد أبوابها والحافلات تتوقف عن السير وحتى الخبز يصبح من المفقودات التي تستوجب قطع مسيرات طويلة للحصول عليه. كما أشار إلى أيام العطل والأعياد التي ترتب لها العائلات فتشتري المؤونة مسبقا وكذا الصعوبات التي تواجه الأجانب في بعض المناسبات كعدم توفر العاصمة مثلا على مطاعم خاصة بغير المسلمين خلال شهر رمضان. أما عن الفنادق وفيما عدا بعضها من ذوات الأربع والخمس نجوم فقد فضل أن يسميها مراقد لأنه أقرب وصف لها على حد قوله. وبالرغم من أن الشاب العاصمي لم يلجأ لفكرة المقارنة التي رآها بعيدة كل البعد إلا أنه استرسل في وصف التقدم الذي حققه الغرب في شتى المجالات دون أن يخفي ولعه الزائد بالعاصمة الألمانية التي أبهرته بنظامها. مشاريع ماتت على الورق وأخرى قتلت منتظريها واقع العاصمة اليوم لا يعكس تماما الصورة الجميلة التي ترسمها المخططات وتتناقلها ألسنة المسؤولين، فالمشاريع الكثيرة التي لم يعد المواطن يحصيها لاتنفك أن تكون مجرد أمانٍ بقيت حبيسة الورق والأدراج أو حلم تحول إلى كابوس بعد سلسلة من الفضائح والتأخيرات. أما القليل من المشاريع التي تتحقق بين الفينة والأخرى فلا ترتقي لأن تكون نقطة التحول التي ستمنح للعاصمة شرعية تسميتها. آمال ضائعة.. كلما اقتربت العاصمة من وضع حجر الأساس لمشروع ما تنتهي المسيرة قبل بدايتها، هذا ما حدث لمجموعة ''إعمار'' الإماراتية التي قررت تصفية نشاطها في الجزائر بعد أن قدمت منذ دخولها عام 2006 مشاريع بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار لتطوير خليج العاصمة على مساحة 260 هكتارا وفق مقاييس عالمية، حيث خصص أكثر من نصف تلك المساحة داخل البحر بالنمط نفسه الذي أنشئت به جزرا اصطناعية في الإمارات العربية وقد اعتبرت هذه التجربة الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر. كما شملت خطط المشاريع مدينة جامعية تتسع ل50 ألف طالب ومجمعات وأبراجا وفنادق راقية وملعب فولف ضخما وحدائق مائية. إلا أن هذه المشاريع بقيت مجرد تصاميم ومجسمات بسبب بعض العراقيل والإجراءات الخاصة. كما أقدمت شركة الإمارات الدولية للاستثمار هي الأخرى على إلغاء مشروع ''دنيا بارك'' أو الحديقة الكبيرة التي تتربع على حوالي 800 هكتار (بالجهة الغربية للعاصمة) وترسم بحزامها الأخضر الذي يجوب ثلاث مدن عاصمية دالي ابراهيم، العاشور، أولاد فايت مجسما لشكل ''قلب نابض''، وقد جمع المشروع مساحات سكنية لتجسيد أكثر من 55 ألف سكن مكونة من عمارات ذات 15 طابق وفيلات، فضلا عن فنادق توفر 500 غرفة، وبرج للحظيرة يتكون من 47 طابقا، ومستشفى دولي من 155 غرفة كان سيتم توسيعه مستقبلا حسب الطلبات المقدمة. كما وفر مساحات خضراء مكونة من ملعب للفولف وآخر للتنس، مسبح وحديقة للحيوانات بالإضافة إلى مساحات للألعاب وغيرها . مواعيد مؤجلة يبدو أن المشاريع في الجزائر تخلف جميع المواعيد ولا تعرف آجالا محددة، وميترو العاصمة مثال حي لمشروع أطلقه الأجداد وعايشه الآباء وسيدشنه الأحفاد من بعدهم، وقد أدى تأخر إنجازه إلى استمرار الاختناق المروري بالعاصمة، وبعث التساؤل لدى مواطني العاصمة ما إذا سيكون مصير الترامواي كسابقه ''الميترو'' الذي عمّر طويلاً وتجاوز العقدين من الزمن دون أن يركبه أحد. ففي غضون مارس 2007 تم الانطلاق في مشروع ترامواي الجزائر الذي يمتد من شارع المعدومين بحسين داي إلى حي درفانة ببرج الكيفان على مسافة 23 كلم والذي يضم 30 محطة، ويمكنه نقل 150 ألف راكب يوميا، حيث تتولى عملية إنجازه شركة ''أولستوم الجزائر'' الفرنسية، تحت إشراف شركة ميترو الجزائر، وذلك بتكلفة إجمالية تبلغ 350 مليون أورو، وتقرر تسليمه بعد 45 شهرا، إلا أن الشركة الفرنسية تكون قد استفادت من مهلة إضافية لاستكمال الأشغال التي كان يفترض أن تنتهي في مارس 2010 وفقا لبنود المخطط التوجيهي، قبل قرار مراجعته وإعداد مخطط توجيهي جديد هو الثالث من نوعه منذ الاتفاق المبرم بين الطرفين في جوان .2007 وقد تم تمديد آجال الإنجاز لثلاث سنوات إضافية وتحديد تاريخ مارس 2013 موعدا لتسليمه. و.. طموحات قائمة رغم كل الوعود التي تجاهلتها والآجال التي تجاوزتها، إلا أن الحاجة الملحة لتغيير أوضاع العاصمة جعل المواطنين يفتحون باب المصابرة لاستقبال تلك المشاريع التي يترقبون تجسيدها على أرض الواقع يوما ما، فمشروع إعادة تهيئة خليج العاصمة الذي بدأ منذ فترة طويلة خلال الثمانينيات، حيث رصدت الحكومة خطة لإعادة تهيئة القطاع الساحلي شرق منطقة الميناء، كان قد عُلق بسبب ما تكبدته الجزائر من أضرار إثر تراجع حاد في أسعار النفط وذلك على مدى نصف عقد من الزمن، لينطلق من جديد عبر مشروع المسجد الكبير المزمع إنشاؤه ليكون ثالث أكبر مسجد في العالم بعد مسجدي مكةوالمدينةالمنورة. أما مشروع (الجزائر مدينة) الذي ترعاه مجموعة شركات ''دهلي'' فقد انطلقت الأعمال به سنة 2006 على أن يتم تسليمه سنة .2011 ويحتوي مشروع المجمع الضخم الذي يتربع على مساحة واسعة على ساحل العاصمة أبراجا سكنية ضخمة من 22 إلى 70 طابقا، وسلسلة فنادق بسعة 2000 سرير، ومكاتب أعمال متطورة تقع في ثلاثة أبراج ذكية مصممة لتسهيل كل عمليات التنسيق والإدارة الحديثة، بالإضافة إلى شقق فاخرة ومراكز تجارية وفضاء للخدمات المتطورة. وفضلا عن كل ذلك، هناك مشروع ميناء ترفيه وهو ''مارينا الجزائر'' الذي يتسع لنحو 600 قارب ويخت، وكذا حديقة مائية مغطاة أطلق عليها اسم ''بابا عروج''، تستقبل أزيد من 5 آلاف شخص يوميا، هذا بالموازاة مع إمكانية أكثر من 30 ألف زائر الدخول إلى المدينة دفعة واحدة. كما أن الأرصفة صممت بمساحة 12 مترا كاملة لمنع أي ازدحام، وتوفير كافة ظروف الإقامة الطيبة بالمدينة التي ستصبح قلب الجزائر النابض والحيوي. مشروع آخر ينتظر إنجازه قبل عام 2025 وهو مشروع المدينةالجديدة بوغزول (155 كلم جنوبي العاصمة) التي كان الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين قد بادر في سبعينيات القرن الماضي إلى الإعراب عن رغبته في جعلها عاصمة بديلة للجزائر، إلا أن المشروع ظلّ مجمّدا لسنوات طويلة، حتى وإن حاول مجمّع الخليفة المصفى بعث الفكرة في عام 2002 غير أن إعلان المجمع إفلاسه سنة ,2003 أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، إلى غاية إعادة بعث المشروع من جديد في 2004 حيث أطلقت مشاريع لإنشاء المدن الجديدة في سيدي عبد الله، وبوينان، وبوغزول والمنيعة، وتم تخصيص مدينة سيدي عبد الله في المجال التكنولوجي والمعلوماتي، وبوينان في الميدان الترفيهي والرياضي. أما مدينة المنيعة فبرمجت لتكون مدينة سياحية من الطراز العالي، وبالنسبة للمدينة الجديدة بوغزول فرشحت لتكون مركزا ماليا عالميا ومدينة أيكولوجية تعتمد بشكل أساسي على الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة. وانطلاقا من المخطط النموذجي للمدينة، فقد تمت برمجة مركز أعمال ضخم يشمل مقرات بنوك وشركات تأمين ومؤسسات اقتصادية، ناهيك عن فنادق من الطراز الرفيع وقاعة مؤتمرات، ومراكز تكوين وأبحاث وتطوير، وسيجري ربط المدينة من شمالها إلى جنوبها عن طريق خط ترامواي على شكل حلقة، فيما ستتم تصفية مياه الأمطار ومياه الصرف لضمان التنوع البيولوجي ووجود المياه، بينما ستمتد شبكات الاتصال على 225 كلم، وستستخدم فيها آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في بناء المدن الجديدة الأشبه بالمدن الفضائية، حيث ستكون بوغزول مخصصة لقطاع الخدمات والتكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي. وقد رست صفقة المشروع على مبلغ 650 مليون دولار فاز بها تكتل كوري مشكل من خمس شركات سنة .2008 كل هذه الأرقام والمشاريع والمخططات هل من حق الجزائري اليوم أن يحلم بتحققها يوما، حتى تكون له عاصمة تليق بمكانة وتاريخ الجزائر تكون مغايرة تماما عن صورة عاصمة اليوم التي يرسم تفاصيلها جحافل المتسولين والمجانين وأكوام الملابس المشوهة لشرفات المدينة وأطنان النفايات الموزعة على أزقتها وزواريبها؟... الجواب على هذا السؤال يبقى بيد أصحاب الحل والعقد.. و286 مليار دولار كفيلة بأن تجعل من الحلم حقيقة.