يسبب إهمال العناية بصحة الفم والأسنان تعرض الفم لالتهابات خطيرة تؤدي في أخطرها إلى الإصابة بسرطان الفم، كما أن إهمال نظافة الأسنان أو العناية بها يؤدي إلى فقدانها وبالتالي اللجوء إلى تركيب جسور أسنان أو أسنان اصطناعية قد تسبب من جهتها آلاما فظيعة خاصة إذا ما تم التحايل في صنعها. وعليه يؤكد المختصون على الأهمية القصوى في العناية بنظافة الفم تفاديا لمزيد من أمراض الجهاز العصبي والهضمي على السواء. قد يظن معظم المواطنين أن علاج أسنانهم يتوقف على شهرة جراح الأسنان الذي يعالجون عنده، لكن بالنظر إلى الواقع فإننا قد نجد الكثير من أطباء الأسنان نالوا الشهرة بسبب موقع عيادتهم في مدينة معينة دون أخرى، والأكيد في علم الطب عموما والأسنان خاصة أن معظم العلاجات لا تظهر نتائجها إيجابية كانت أو سلبية إلا بعد مرور بعض الوقت، لذلك لا يمكن الحكم على عمل جراح الأسنان بمجرد أنه عالج الآلام من الوهلة الأولى، بل يجب أن ننتظر مدة زمنية لنلمس النتائج أكانت سلبية أم إيجابية، ومن ذلك الحديث عن جسور الأسنان أو الأسنان الاصطناعية التي يتسبب استعمالها لدى البعض في رائحة الفم الكريهة بعد التركيب، أو احمرار اللثة وانتفاخها، أو حتى آلاما عند الأكل، وقد صادفنا أثناء إجراء هذا الاستطلاع حالات كثيرة لمواطنين عالجوا عند بعض أطباء وجراحي الأسنان سواء معالجة ضرس أو تركيب جسر أو أسنان اصطناعية، ولكن الآلام لازمتهم في وقت كان من المفروض أن تفارقهم بعد الجراحة! أو ان تسبب لهم الأسنان الاصطناعية آلاما حادة عند الأكل، وهو أمر غير طبيعي، أو أن يلجأ من ركّب جسر أسنان إلى انتزاعه إذا أكل لأنه ببساطة لا يتلذذ بأكله بسبب مادة الجير المصنوع منها ما يغير طعم الأكل.. ولندع عينات استطلاعنا يتحدثون بأنفسهم..
أجسام دخيلة تسبب احمرار اللثة وآلاما عند الأكل تقول إحدى السيدات إنها تضطر الى نزع طاقم أسنانها الاصطناعي حتى تتمكن من تناول أكلها سواء في الغداء أو العشاء، والسبب أنها لا تستطعم الأكل بتلك الأسنان الاصطناعية التي لم تألفها إلا بعد سنوات، كذلك تشرح لنا سيدة أخرى أنها لم تتمكن من استعمال جسر أسنانها الاصطناعي العلوي إلا بعد مرور أشهر، وتشير إلى أنها اضطرت إلى معايدة جراح الأسنان لقرابة السنة لأنه لم يأخذ في البداية القياس جيدا ما يعني خسارة مالية مضاعفة، أما عن الأكل فإنها تؤكد أن هناك فرقا شاسعا بين الاصطناعي والطبيعي، وذلك يظهر بالخصوص في أكل الكسكسي وبعض الفواكه مثل التين بحيث تلتصق الجزيئات الصغيرة بالأسنان الاصطناعية ما يجعل أمر نزعها وتنقيتها مرارا أمرا مزعجا، وتشير إلى أن استغراق مدة سنة كاملة حتى تركب الأسنان جيدا يعود كذلك الى ان حجمها لم يكن كباقي أسنانها وأن الأسنان الاصطناعية كانت تعيق نطق الكلمات بشكل سليم عندها، ما جعلها تشير إلى أن تلك التركيبة الأولى كانت قطعة خردة واضطر المختص لإعادتها! أما سيدة أخرى فتؤكد أن تركيبة جسر سن في الفك العلوي والفك السفلي سبب لها احمرارا في اللثة بعد أيام قليلة من التركيب، ناهيك عن ظهور راحة كريهة في فمها، ما اضطرها الى الاستعاضة عن استعمالهما. وبالمثل تعترف شابة قالت إنها ركبت ضرسا اصطناعيا منذ حوالي الشهر، ولكنها تضطر لنزعه جانبا عند الأكل لسبب بسيط وهو الإحساس بوجود ''جسم غريب'' في الفم.
العناية بالفم مهملة كليا لدى الجزائريين يشرح جراح الأسنان الدكتور ''الطيّب شريف'' في حديث مع ''المساء'' ماذا يقصد بجسر الأسنان بالقول إنه قطعة أسنان اصطناعية تعوض الأسنان الطبيعية المفقودة، مع الإشارة الى ان طقم الأسنان يحل أيضاً محل الأسنان المفقودة ولكنهما مختلفان، فالجسر يختلف عن الأسنان الاصطناعية في بنيانه، فهو يحل محل سن واحدة، أو اثنتان وقد يكون ثابتاً في الأسنان المجاورة بواسطة مشابك موضوعة على الأسنان المجاورة. وتوضع جسور الأسنان للصغار وللبالغين بعد أن يتأكد جراح الأسنان أنه لا أمل في استرجاع السن أو الضرس المصابة بالتسوس بحسب شرح الدكتور، مشيرا إلى أن نظافة الفم والأسنان غير مدرجة في ثقافة الجزائريين، وهذا ما يسبب أضرارا بالغة على الأسنان لا تقوّمها العلاجات الترميمية أو التجميلية، وذكر المختص أن 09 من أسنان التلاميذ في الطور الابتدائي أسنانهم مسوسة، وهو رقم اعتبره رهيبا ومخيفا جدا بالنظر إلى كون التسوس سيبقى ينخر فم صاحبه، ما ستنجر عنه عواقب وخيمة خاصة إذا لم يتم العناية بالتسوس في وقته. يظهر ذلك على المدى البعيد في أمراض الجهاز العصبي والهضمي على السواء. وقال المختص إن ''جسر الأسنان عمليا يكون ثابتا، وتلك الأسنان التي يتم نزعها لا تسمى جسرا وإنما هي أسنان اصطناعية، وإذا أحس الشخص الذي ركب له جسر أو أسنان اصطناعية بأي ألم أثناء الأكل فإن مرد ذلك إلى خلل في صنع تلك الأسنان أو الجسر من طرف الفنّي المختص، ولا علاقة لذلك أبدا بالجراح المعالج''، ويضيف: ''جراح الأسنان يعالج الأسنان المصابة بالتسوس، وهو الذي يمكنه تقرير إن كان المريض بحاجة الى تعويض السن أم لا، وفي هذه الحالة يقوم الجراح بأخذ قياس الفك ثم يبعث بالقياس إلى المختص الفني في صناعة الأسنان الاصطناعية وبعد صناعته يأتي المريض لقياسه مجددا ثم يعاد مرة أخرى الى الفنّي المختص لترميمه وتصفيفه كآخر خطوة، ويجب لفت الانتباه إلى أمر آخر وهو أن مسألة التعود على جسر الأسنان أو الأسنان الاصطناعية سيأخذ وقتا طويلا لأن الفم سيعتبر كل شيء يغرس فيه دخيلا، كما أشدد ان الإحساس بالألم عند الأكل على الجسر أو السن الاصطناعي معناه أن هناك خللا ما في التصنيع وعليه يجب مراجعة الجراح مجددا''.
نتائج غياب الوعي الصحي! كذلك يتحدث المختص عن العناية بصحة الفم والأسنان بالتأكيد على أنه ''لا يتردد على عيادة جراح الأسنان إلا نوعان من المواطنين: ذلك الذي لم يغمض له جفن بسبب آلام الضرس، أي بعد وقوع الفأس في الرأس - كما يقول المثل - أو الشابة التي تحضر لزفافها وتذكرت أخيرا أنه عليها العناية بجمال ابتسامتها، وهذا ما يجعلني أؤكد أن الأسنان تأتي في آخر الاهتمامات بالنسبة للجزائريين، كذلك هناك اعتقاد خاطئ لدى الجزائريين الذين يعتبرون ان العناية بالأسنان مكلفة جدا، رغم أن الأرقام تشير الى ان معدل كلفة علاج ضرس واحد في أوروبا تضاهي 004 أورو، وعندنا في الجزائر لا تتجاوز 0003 دينار، ما يعني أن كلفة العلاج في الجزائر أقل بكثير''، ويضيف: ''نقطة أخرى أريد الإشارة إليها وهي أنه مع التطور الحاصل في مجال معالجة الأسنان لا يوجد في قاموس الطبيب النزيه كلمة ''يجب خلعه'' بل إن العلاج متوفر، فقط لا بد من عدة جلسات علاجية ومتابعة، ولكن هناك مرضى غير صبورين يريدون قلع الضرس من أول جلسة بسبب الآلام، كما أن هناك بعض الأطباء -سامحهم الله - يعملون بنظرية قلع الضرس أيسر وأربح! وهذا يؤدي الى إدخال المريض الى عالم التركيبات السنّية، وهي الأكثر ربحا بالنسبة لهم، ولا تأخذ منهم الوقت الكثير، فلتركيب جسر ضرس واحد أو تعويض مكان السن المخلوعة يجب أن يتم قتل السن التي قبلها والتي بعدها ما يعني ربحا مضاعفا للجراح''، بالمقابل هناك - للأسف - بعض فنيّي الأسنان يلجأون إلى بعض التجاوزات لغرض الربح السريع، معتمدين على قلة الوعي الصحي لدى أغلب المرضى، فمنهم من يبحث عن الأرخص والأقل تكلفة ليوفر لنفسه بعض النقود، كما أن هناك من الفنيين من يعتمد على أردإ أنواع المادة الخام، وهذا يؤدي إلى التهابات حادة في اللثة بعد استعمال تلك التركيبات، ومن نتائجها تغلغل بقايا الطعام الى داخل التركيبة وبدء عملية التخمر التي تنجر عنها رائحة الفم الكريهة، وكذلك اتساع رقعة التسوس في الأسنان السليمة المجاورة نتيجة تراكم بقايا الطعام بينها وبين جسر الأسنان, ويعّدد المختص بعض النصائح التي شدد فيها على ضرورة العناية بصحة الفم، ومن ذلك تخصيص ميزانية سنوية للعناية بالأسنان، لأن فقدان إحدى الأسنان يعني المزيد من أمراض الجهاز الهضمي، ناهيك عن الناحية الجمالية إذا كانت الأسنان الأمامية هي المتضررة وما تسببه من حالة نفسية كالخجل عند الضحك، كما أن شباب اليوم يخصصون ميزانية لمظهرهم الخارجي ولهندامهم، فنجدهم يشترون أطقما من الملابس بأثمان باهظة، ولكنهم بالمقابل لا يخسرون 001 دينار على اقتناء فرشاة ومعجون أسنان، أو حتى زيارة طبيب الأسنان لإجراء فحص عادي، والأكثر من ذلك يشدد المختص على ضرورة تخصيص 3 دقائق يوميا للعناية بنظافة الفم والأسنان تماما مثلما تخصص ذات المدة الزمنية لأداء فريضة الصلاة.