عادت ''بهيجة رحال'' مطربة الحوزي الجزائريَّة، لتتصدر الواجهة الفنيَّة، من خلال إصدار مزدوج أهدت من خلاله نصوص أعمالها الكاملة لعشَّاق النوبة المغاربيَّة الأندلسيَّة، كما سلَّط الكتاب الثاني الضوء على مسيرة بهيجة الَّتي كرَّست حياتها لخدمة التراث الموسيقي الأندلسي. تضمّن مصنّف ''بهجة النفوس في بهاء جنات الأندلس'' الذي ألفه ''سعدان بن بابا علي'' الباحث الجزائري في الموسيقى الأندلسيَّة بالتعاون مع بهيجة رحَّال، حصيلة لمختلف روائع نجمة النوبة المغاربيَّة، فضلاً عن قرص مضغوط سمعي وآخر بصري، ويمكن لقارئ الكتاب تتبُّع المسار الشعري والغنائي لبهيجة وما يتصل بجماليات أدائها لسائر أزجال النوبة المغاربيَّة الأندلسيَّة. كما أسهب كتاب ''العشق والمرأة والحدائق في الموشحات الأندلسيَّة''، وهو الشق الثاني للمصنَّف، في تصوير المرأة في الموشحات الأندلسيَّة وعلاقتها بجمال الطبيعة، في وقت احتوى المصنَّف أيضًا على ترجمات بالفرنسيَّة لما لا يقلّ عن مئتي قصيدة أندلسيَّة لبهيجة، حيث جرى انتقاء الكم المذكور من مجموع 650 قصيدة تفننت بهيجة في الشدو بها على مدار الخمسة عشر سنة المنقضية. وأوضحت بهيجة أنّها اشتغلت على الموسيقى والتسجيل والحفلات، بينما اعتنى سعدان بالتحليل والترجمة، مع الإشارة إلى أنَّ بهيجة وسعدان سبق لهما التعاون في تجربة أولى حملت مسمى ''القلم والصوت والريشة'' قبل سنتين. وترى صاحبة التسعة عشر ألبومًا، أنَّ جمع أعمالها وتيسير الإطلاع عليها إلى غير العرب، سيمكِّن من التحول إلى مرحلة جديدة تسمح بنقل وترقية التراث الموسيقي الأندلسي، مبرزةً حرصها من خلال الإصدار المزدوج على تقديم ومضة بيداغوجيَّة تعين على تعليم هذا الفن بشكل أكثر مرونة وفعالية، علمًا أنَّ بهيجة تواظب منذ سنة ,2000 على تقديم دروس في الموسيقى الأندلسيَّة للأطفال بباريس. وسبق لسيِّدة الطرب الأندلسي الَّتي غنت لابن زيدون وولاَّدة بنت المستكفي، أن طالبت بتدوين فن ''النوبة''، مبديةً انزعاجها إزاء ما سمته ''الواقع المؤسف'' للأغنية الأندلسيَّة في بلادها، خلافًا لما يشهده كل من المغرب وتونس من حراك. وأبدت من تلقب ب''سفيرة النوبة الأندلسيَّة''، معارضتها لطريقة الحفظ المعتمدة حاليًا من ممارسي الغناء الأندلسي، حيث جزمت أنَّ هذه الطريقة تتناقض مع التعلم الصحيح لأساسيات أي نوع موسيقي، متصوِّرةً أنَّ ذلك سيٌفقد مع مر الوقت الكثير من خصوصيات النوبة، كما جزمت ببطلان النظريَّة القائلة ب''رجاليَّة'' النوبة الأندلسيَّة. مشيرةً إلى أنَّ رواة التّاريخ يذكرون أنَّ النساء كنَّ السبَّاقات للتتلمذ على يد زرياب.