أثار التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية المصرية تزامنا مع احتفالات رأس السنة وخلف مقتل 21 شخصا مخاوف السلطات المصرية من اندلاع أعمال عنف طائفية بين المسلمين والأقباط المسيحيين. ويغذي هذه المخاوف تصاعد حالة الغضب بين السكان الأقباط الذين تجمعوا أمس بالآلاف لتشييع جنازة ضحايا التفجير بإحدى مقابر مدينة الإسكندرية ثاني أكبر المدن المصرية. وردد حشود المشيعين شعارات طائفية من بينها ''بالروح بالدم نفديك يا صليب'' رافضين تقبل تعازي الرئيس المصري. وكان الرئيس حسني مبارك قد أدان الاعتداء بشدة وقال أنه ''عملية إرهابية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية'' متوعدا بأن ''دماء أبنائنا لن تضيع هدرا، وسنقطع يد الإرهاب المتربصة بنا''. وسبقت التشييع أجواء من التوتر في محيط الكنيسة، حيث رشق مئات الشبان الموزعين ضمن مجموعات صغيرة قوات الأمن المنتشرة في المنطقة بالحجارة وقارورات المياه وهو ما استدعى إطلاق عناصر الأمن القنابل المسيلة للدموع والطلقات المطاطية. وكانت اشتباكات نشبت مساء أول أمس بين مسيحيين ومسلمين في حين استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق الحشود الغاضبة التي استخدمت الحجارة والعصي في مواجهة رجال الأمن. وهو ما جعل الصحافة المصرية بكافة توجهاتها تناشد المسحيين والمسلمين على السواء بضرورة وضع اليد في اليد من أجل التصدي للإرهاب الدولي وتنظيم القاعدة. هذا الأخير الذي وجهت السلطات المصرية أصابع الاتهام لعناصره خاصة وأنه كان قبل شهرين قد هدد بضرب الأهداف المسيحية في مصر على خلفية اختفاء امرأتين مسيحيتين بعد رواج أنباء واسعة عن اعتناقهما الإسلام، حيث قيل إن السلطات سلمتهما للكنيسة. وفي هذا السياق قالت صحيفة ''روز اليوسف'' الحكومية ''أن هناك من يسعى إلى تفجير البلد'' في حين حذرت صحيفة الشروق المستقلة من احتمال اندلاع حرب أهلية على الطريقة اللبنانية واعتبرت أنه ''في حال نفذ مخطط الإرهابيين كما يسعون إلى ذلك فإنه يمكن لمصر أن تسقط في مستنقع شبيه بذلك الذي حدث في لبنان أفريل .''1975 وقد شكلت استراتيجية السلطة في مصر في معالجة التفجير على أنه قضية أمنية قبل كل شيء محل انتقادات الجميع، حيث قالت صحيفة ''المصري اليوم'' إنه ''لا يمكن السكوت عن هذا العمل الإجرامي الذي يجب مواجهته بكل حزم وشجاعة''. وكانت وزارة الداخلية المصرية استبعدت فرضية انفجار سيارة مفخخة واعتبرت أن الاحتمال الأقوى هو أن يكون انتحاري قد فجر نفسه بواسطة قنبلة محلية الصنع لكن عن طريق عناصر خارجية. وقالت إن ''ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حاليا للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قد قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ''. وتواصلت ردود الفعل المنددة بتفجير الإسكندرية الذي استهدف كنيسة مسيحية، حيث طالب البابا شنودة بسرعة القبض على مرتكبي الحادث ورفض توجيه الاتهام لأي جهة بالوقوف خلفه. من جانبه اعتبر بيان لقساوسة الإسكندرية الحادث تصعيدا لما أسموها الأحداث الطائفية الموجهة إلى الأقباط ''والافتراءات الكاذبة التي كثرت ضد الكنيسة ورموزها في مدينة الإسكندرية''. وقد أدانت أحزاب المعارضة والقوى السياسية المصرية الاعتداء على كنيسة القديسين، وقررت في اجتماع عقد بمقر حزب الوفد تنظيم وقفات تضامنية، مع اعتبار يوم السابع جانفي عيدا للوحدة الوطنية. كما استنكرت جماعة الإخوان المسلمين الهجوم ووصفته ب''الإجرامي والآثم'' وأكدت في بيان لها أن الإخوان ''يرفضون كل أشكال العنف وتهديد وترويع الآمنين من المسيحيين والمسلمين'' ودعت ''أبناء الوطن إلى توحيد الجهود من أجل النهوض بمصر والتصدي للهجمة الإجرامية الغريبة ''.