قتل ستة أقباط وشرطي في صعيد مصر، ليل الأربعاء الخميس، في هجوم مسلح، اندلعت على إثره مواجهات بين قوات الأمن وآلاف الأقباط الغاضبين· وأعلن مصدر أمني أن الهجوم، الذي أصيب فيه تسعة أقباط آخرين، استهدف مسيحيين مصريين كانوا متجمعين عشية عيد الميلاد لدى هذه الطائفة في مدينة نجع حمادي الواقعة على بعد 700 كلم جنوبالقاهرة· وأفادت مصادر أمنية وشهود عيان اتصلت بهم وكالة فرانس برس بأن أكثر من ثلاثة آلاف قبطي تجمعوا في مستشفى نجع حمادي، أول أمس، حيث نقلت جثث الضحايا، وأخذوا يهتفون ''لا للاضطهاد، بالروح بالدم نفديك يا صليب''· وحاول الأقباط الخروج من المستشفى للتظاهر في الشارع، ولكن رجال الشرطة منعوهم، فبدأوا في إلقاء الحجارة عليهم، وردت قوات الأمن بإطلاق القنابلالمسيلة للدموع، كما استخدمت خراطيم المياه في محاولة لتفريقهم، وفق المصادر نفسها· وتم تشييع جثامين الضحايا، بعد الظهر، في جنازة شارك فيها 5 آلاف قبطي، وحرص على السير فيها كذلك محافظ قنا مجدي أيوب وكبار المسؤولين الأمنيين في المحافظة· وبعد الجنازة، وقعت مرة أخرى صدامات متقطعة بين المتظاهرين والشرطة· وحسب المعلومات الأولية المتوافرة لدى النيابة العامة التي بدأت التحقيق في الاعتداء، فإن ثلاثة رجال كانوا يستقلون سيارة نفذوا الهجوم على ثلاث مراحل واستمر إطلاق النار قرابة أربع دقائق، وفق مصدر قضائي· ووفق المعلومات نفسها، فإن الضحايا تساقطوا على مسافة 400 متر في شارع رئيس يضم كنيستي العذراء وماري يوحنا وتقع بينهما مطرانية نجع حمادي· واتهم أسقف نجع حمادي الأنبا كيرلس الشرطة ونواباً نافذين في الحزب الوطني الحاكم بتسهيل الاعتداء على الأقباط· وقال في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس من القاهرة: ''المتهم معروف وهو مسجل خطر مشهور باسم حمام كموني وكان يفترض أن يكون موقوفاً ولكن الشرطة تركته حراً بتحريض من نواب نجع حمادي وهم نواب نافذون في الحزب الوطني الحاكما· وأضاف: إن ''عديداً من المسيحيين في المدينة تلقوا طوال الأسبوع الماضي رسائل تهديد على هواتفهم المحمولة، تؤكد أن المسلمين سينتقمون منهم في عيد الميلاد''· وقال: ''الناس غاضبون وقلقون للغاية''· وكان مصدر أمني ذكر أن ''مجهولاً يرافقه اثنان آخران يستقلون سيارة قاموا بإطلاق أعيرة نارية على مواطنين مسيحيين في أثناء وجودهم بمنطقتين تجاريتين بمدينة نجع حمادي بمحافظة قنا، مستغلاً تجمعات الأخوة المسيحيين لمناسبة احتفالهم بعيد الميلاد المجيد''· ويمكن أن يعزز إطلاق النار الذي جاء بعيد مشاركة جمال مبارك نجل الرئيس المصري في قداس منتصف الليل في كاتدرائية العباسية القبطية في القاهرة، مخاوف هذه الطائفة التي تشكل ثمانية بالمئة من أصل ثمانين مليون مصري· وأوضح المصدر نفسه أن ''الشخص المجهول عاود في طريق هروبه إطلاق النار على بعض الموجودين أمام دير الأنبا بضابا الكائن بإحدى المناطق الزراعية المتاخمة لمدينة نجع حمادي''· وأكد المصدر أنه ''تم على الفور تعزيز الإجراءات الأمنية اللازمة، وتتابع أجهزة البحث الجنائي إجراءاتها حاليا لضبط الجناة''· وأضاف: إن ''المعلومات تؤكد وجود مؤشرات مبدئية لارتباط الحادث بتداعيات اتهام شاب مسيحي باختطاف فتاة مسلمة بإحدى قرى المحافظة''· وحصلت تلك الحادثة في قرية فرشوت القريبة من نجع حمادي، وقد أثارت غضب عدد من المسلمين في المنطقة أقدموا في لحظة غضبهم على حرق منازل وصيدليات تابعة لأقباط· وأكد المصدر الأمني أن ''أقوالاً مبدئية للشهود تواترت بأن الجاني له سوابق إجرامية ويدعى محمد أحمد حسين، وهو ما اتفق مع المعلومات التي توافرت لدى أجهزة الأمن فور وقوع الحادث''· ويشكو الأقباط منذ أكثر من عشرين عاماً من تعرضهم للتمييز والمضايقات بشكل منهجي· كما يحتجون على استبعادهم من بعض المراكز الأساسية في الجيش والشرطة والقضاء والجامعات· وجرت اشتباكات في السنوات الأخيرة بين المسلمين والأقباط في عدة مناطق في مصر وكان سببها في معظم الأحيان رفض المسلمين السماح للأقباط ببناء كنائس جديدة أو توسيع أخرى قائمة أصلاً· كما أن نزاعات طائفية ثارت كذلك في حالات عديدة بسبب علاقات عاطفية تربط شباناً وشابات أقباطاً ومسلمين· وكان الأقباط، أيضاً، أحد أهداف الجماعات الإسلامية المسلحة التي وقفت وراء موجة عنف شهدتها مصر طوال تسعينيات القرن الماضي· وقللت الصحف الحكومية، أمس، من خطورة أحداث نجع حمادي مكتفية بنشر البيان الرسمي للأمن في صفحاتها الداخلية·