هل سيكون هذا العام سنة التغيير في مجلس الأمن الدولي وقد كثر الحديث على أكثر من صعيد بضرورة إصلاح هذه الهيئة وتجديد ماهية وجودها بعد أن استأثرت القوى الكبرى لنفسها بدور كان من المفروض أن يؤول إلى الأممالمتحدة لإدارة قضايا العالم والبحث عن حلول لمشاكله. سؤال يطرح بقوة خاصة وان هذه الهيئة المعنية بالحفاظ على السلم والأمن العالميين فشلت طيلة العقود الماضية في تسوية غالبية الصراعات والنزاعات وبالتالي إحلال السلام في مختلف بؤر التوتر المعروفة في العالم ليس لأنها تفتقد إلى القوانين الكافية أو إلى آلية تنفيذها ولكن لأنها لا تتمتع بحرية اتخاذ القرارات التي بقيت حبيسة مصالح الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن الدولي بفضل ورقة الفيتو التي تمتلكها. وهو ما جعل هذا الأخير يعتمد سياسة الكيل بمكيالين في معالجة مختلف القضايا مما أفقده مصداقيته وجعلته هيئة من دون روح بحاجة إلى نفس جديد لمواجهة التحديات والرهانات التي أفرزتها متغيرات الوضع الراهن في ظل بروز قوى جديدة على غرار البرازيل والأرجنتين وجنوب إفريقيا والهند وألمانيا واليابان الطامحة جميعها إلى الظفر بمنصب دائم داخل مجلس الأمن.وبرأي بعض المحللين فإن دخول كل من ألمانيا والهند وجنوب إفريقيا إلى العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن منذ أمس قد يشكل فرصة لتفعيله وتوسيعه كما ترغب بذلك غالبية الدول الأعضاء في الأممالمتحدة.وتوقع دبلوماسيون أن تعطي الأشهر ال12 القادمة فكرة عما يمكن أن تنجح في تحقيقه الدول الأعضاء القديمة والجديدة لتسوية القضايا الساخنة في العالم.والمؤكد أن ألمانيا والهند وجنوب إفريقيا والعضوين الجديدين الآخرين البرتغال وكولومبيا سيخضعون للامتحان اعتبارا من الأيام المقبلة بحيث سيتحتم عليهم التعامل مع الأزمة في كوت ديفوار والاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان المقرر الأحد المقبل واستمرار المواجهة في شبه الجزيرة الكورية.ومن جهتها ستحاول القوى متابعة مساعي الدول الطامحة إلى شغل مقاعد دائمة في المجلس وستركز بالأخص على تحركات جنوب إفريقيا والهند خوفا من أن تقدم هاتان الدولتان على وضع عراقيل داخل مجلس الأمن بالنظر إلى مواقفهما المتناقضة مع مواقف الدول الغربية في كيفية معالجة عديد القضايا الخلافية في العالم. وحتى الآن تحفظت بريتوريا وبرازيليا ونيودلهي على فرض عقوبات على دول مثل إيران. ولكن سفير جنوب إفريقيا بازو سانكو أكد أن بلاده لا تريد مجلس امن ''مجمدا''. وقال أن ''كل بلد سيثير القضايا المهمة بالنسبة له ونأمل أن يكون هناك تأثير جماعي دون أن يكون هناك انقسام بيننا وبين الدول الدائمة العضوية''. من جانبه أكد السفير الهندي سينغ بوري ان كل القوى ''ستكون على الموجة نفسها على صعيد الأهداف العامة وإذا كان هناك بعض التمايز فسيكون بناء''. وفي السياق نفسه وعد السفير الألماني بيتر فيتيغ بتقديم ''قيمة مضافة'' لعمل المجلس خلال ولايته وقال ''اذا رأت الدول ان المجلس قام بعمل جيد فهذا سيعطي بعض الدفع للمناقشات حول إصلاحه''. وتؤيد فرنسا الدولة دائمة العضوية فكرة توسيع المجلس ليضم القوى الجديدة بصفة أعضاء دائمين في نفس الوقت الذي عبر فيه الرئيس باراك اوباما عن تأييده لقبول الهند كعضو دائم لكن كل ذلك بقي في إطار التمنيات منذ سنوات.ومهما كان مستقبل هذه الخطط فإن جنوب إفريقيا والهند وألمانيا تنوي ترك بصماتها خلال تواجدها في مجلس الأمن الدولي. وفي هذا السياق تشير جنوب إفريقيا إلى أن ثلثي النزاعات التي تشغل هذه الهيئة تقع في إفريقيا وقال سفيرها أن بلاده ''تريد تجنب سقوط الحروب الإفريقية في خانة ''النزاعات المنسية'' مثل النزاع في الصحراء الغربية الذي ''لا تفعل'' الأممالمتحدة من اجله أي شيء.