تحب المرأة الجزائرية بطبيعتها الفضولية تعلم كل ما تجهله، خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الأشغال اليدوية التي يمكن لها ممارستها في منزلها، والسيدة عائشة خلوفي واحدة من اللواتي أتقن كل الأشغال اليدوية المعروفة، وسعت بكل شغف إلى تعلم حرفة جديدة وهي حرفة »الكرة السحرية« بعدما رأت سيدة صينية تمارسها، فكانت أول جزائرية أتقنت هذه الحرفة.. ''المساء'' التقتها ودردشت معها حول هذه الحرفة اليدوية. عرفتنا بداية السيدة عائشة بنفسها قائلة ''أنا سيدة متزوجة وأم لثلاثة أطفال، خصني ربي بموهبة تتمثل في القدرة على تعلم كل الأشغال اليدوية، كالطرز والرسم على الحرير وفن تنسيق الزهور...إلخ، ولأني شغوفة بتعلم كل ما أجهله في مجال الأشغال اليدوية بحكم أني ماكثة بالبيت، حدث أن التقيت بسيدة صينية علمت أنها تعلّم حرفة اسمها ''الكرة السحرية'' فدفعني الفضول إلى معرفة هذه الحرفة والاطلاع على خباياها، وبالفعل اقتربت من السيدة الصينية وتعلمت منها أساسياتها، بعدها اقتنيت بعض الكتب التي تشرح كيفية تصميم بعض الأشكال بالكرة السحرية والتي كانت من إعداد السيدة الصينية، وشيئا فشيئا أتقنت هذه الحرفة وأبدعت فيها، حيث أقوم اليوم بصناعة ما لا يخطر على بال أحد من خلال هذه الكرات الملونة، ولأن الكثيرين رغبوا في تعلمها من الشباب والشابات، بدأت أعلمها لبعض البنات في منزلي، ومؤخرا انضممت الى جمعية حماية الحرف الكائنة بالشراقة حتى أنشط فيها بصورة رسمية''. وحول المقصود بحرفة الكرة السحرية حدثتنا السيدة عائشة قائلة ''في الحقيقة هي حرفة سهلة وبسيطة تتطلب القليل من التركيز ومعرفة الحساب، لأنها حرفة تتطلب القيام بعملية العد لتركيب الكرات السحرية، وعلى العموم بالرجوع إلى تاريخنا العريق نجد أن جداتنا كن يتزين بالسلاسل المرصعة بالكرات الزجاجية الملونة، حيث كن يستخدمنها كحلي، ولأنها اليوم تباع منفردة في الأسواق وبأحجام وألوان مختلفة وهي نفسها التي استغلها الصينيون لصنع التحف، قمنا نحن أيضا باستغلالها، حيث نقوم بشراء الكرات الزجاجية الملونة ونشتري أيضا خيط الصيد، بعدها نختار الشكل المطلوب صنعه سواء كانت علبة أو مزهرية أو لوحات، ونقوم بأخذ الحبات الزجاجية وندخلها في الخيط ونقوم بعملية حسابية لإعداد الشكل المطلوب عن طريق شد الخيط وإرخائه، قد يتطلب منا الشكل سويعات لننتهي منه، كما يمكن أن يستغرق بعض الأيام حسب حجمه''. هي حرفة راقية نالت إعجاب كل من اطلع على ما قامت بإعداده السيدة عائشة من أعمال، كيف لا وهي تنطوي في حد ذاتها على بعض المميزات التي تجعلها تنافس غيرها من الأشغال اليدوية، بل وتحل محل الكثير من أدوات التزين بالمنازل، ولعل من بين ميزاتها أن الشيء المصنوع من الكرات السحرية لا يتعرض للكسر إذا سقط، فمثلا علبة حفظ أدوات التجميل الخاصة بالمرأة تصنع عادة من مادة قابلة للكسر، ولكن تلك المصنوعة من الكرات السحرية الأكيد أنها لن تنكسر حتى وإن سقطت، كما أنها لا تتلف ولا تظهر عليها علامات القِدم، يكفي إزالة الغبار عنها ومسحها حتى تظهر جديدة. تخصصت السيدة عائشة في صناعة مجموعة من الديكورات الجميلة التي تقدمها للعرائس حتى يزينّ بها منازلهن، وقد لقيت إقبالا كبيرا لاسيما وأنها ديكورات فريدة من نوعها، وتضفي على المكان الذي توضع فيه جمالية خاصة، ومن جهة أخرى نبهتنا السيدة عائشة إلى أن لهذه الحرفة خاصية أخرى تتمثل في مساعدة من يقبل على تعلمها على نسيان همومه ومشاكله لأن التركيز مع الشيء المراد صنعه والحرص على عدم الخلط في الحساب والتشوق لإنهاء العمل كلها عناصر تمكن المتعلم من نسيان همومه وتهدئة أعصابه. وفي الأخير تأمل السيدة عائشة من الجهات المعنية أن تمدها ببطاقة الحرفي حتى تتمكن من عرض أعمالها في مختلف المعارض، وكذا تعليم أكبر عدد ممكن من الراغبين في تعلم هذه الحرفة الراقية.