أحبت عالم الخياطة والتفصيل والرسم والطرز فأبدعت فيه، رغبت في نقل ما تعلمته إلى السيدات اللواتي يقاسمنها نفس الميول بغية تزيين بيوتهن أو لتجهيز بناتهن أو من أجل ممارستهن نشاطا تجاريا، فكان الإقبال عليها حتى من خارج ولايات الجزائر، إذ تقصدها الفتيات من ولاية البليدة وبومرداس ومن تيزي وزو، خفة روحها وطريقتها البسيطة جعلت كل من يقبل عليها طلبا للتعلم يتحول إلى معلم، يتعلق الأمر بالسيدة وهيبة شارشور متزوجة وأم لطفلين، مختصة في الخياطة والطرز، أجرت "المساء" معها هذا الحوار للتعرف على مشوارها. - بداية كيف كانت الانطلاقة في علم الخياطة والطرز الصيني؟ كأية فتاة جزائرية تولد وبداخلها ميل إلى ممارسة الأشغال اليدوية، وكانت البداية من احتكاكي بوالدتي التي تعد أول مدرسة لي، يكفي فقط أن أذكر أنها من سكان حي القصبة العريقة الذي اشتهر منذ القدم بممارسة النسوة فيه لمثل هذه الأشغال التي كانت تنعكس على المنازل وما تلبسه العرائس. - ولكن هل اكتفت السيدة وهيبة بالتعلم على يد والدتها فقط؟ طبعا لا فقد أخذت القواعد الأولى من والدتي وكنت أسافر من وقت لآخر رفقة والدي إلى فرنسا، وهناك تعرفت على سيدة إسبانية تصنع نماذج مذهلة في مجال ديكور المنازل، فقررت أن أتخصص في صنع "الشورة"، حيث تلقيت تربصا مدته شهرين كان كافيا بالنسبة لي، إذ كنت أصنع الشورة لمنزلي ولمنازل أفراد عائلتي، ولأن الناس كانوا يعجبون بها ويطلبون مني أن أعلمهم قررت أن أفعل ذلك، والتحقت بالعديد من المدارس الخاصة لتعليم الشورة المنزلية. - إلى جانب تشوير المنازل تخصصت أيضا في تعليم الطرز الصيني، فما هي حكايته؟ بالنسبة للطرز الصيني لم أتعلمه في مدرسة معينة، بل حبي لتعلم مختلف الأشغال اليدوية دفعني لتعلمه على يد السيدة الاسبانية ذاتها، فإعجابي بالطرز الصيني جعلني أتقنه، حيث علمتني السيدة الإسبانية التقنيات الأولى فقط، ولمعلوماتكم الطرز الصيني بدأ عند الصينيين، ولكن الإسبان هم الذين أتقنوه، ولأني أحب الرسم والألوان أبدعت فيه، من جهة أخرى الطرز الصيني من الأشغال اليدوية المحبوبة كثيرا عند الفتيات، يكفي فقط توفر قطعة قماش وشرائط ملونة وإبرة خاصة وقليل من الإرادة عند المتعلمة للنجاح فيه والربح من وراءه. - تعلم السيدة وهيبة أيضا الرسم على الحرير وتنسيق الزهور، ماذا عنها؟ الرسم على الحرير هو الوحيد الذي تعلمته بمدرسة الفنون الجميلة، حيث دام تربصي سنة ونصف، تعلمت فيه مختلف الألوان وكيفية إمساك الريشة، بعدها أتقنت الرسم على القماش، في حين لا أخفي عليكم أن تنسيق الزهور كان عبارة عن تفجير لموهبة دفينة بداخلي ظهرت حين حضرت يوما أحد الأعراس، حيث أعجبت بباقة الزهور التي كانت تحملها العروس فقررت أن أدخل عليها بعض التعديلات لإعطائها صورة جمالية أخرى، ولشدة إعجاب الناس بطريقتي في تنسيق الزهور أصبحت العرائس يأتين بفساتين زفاف خالية من الورود فأقوم بتزينها بمختلف أنواع وأشكال الزهور التي أعدها بنفسي، حيث أوزعها بطريقة فنية وجمالية، إلى جانب كل ما يرافق الفستان من اكسسوارات الشعر وباقات الورود وكل ما يتعلق أيضا بتزيين البيوت بمختلف أنواع الورود. - من بين كل هذه المهن أيها الأكثر طلبا من الراغبات في التعلم؟ الفتيات والنساء يفضلن أكثر تشوير المنزل أو الطرز الصيني، فبالنسبة للأول يكفي فقط أن تتعلم السيدة عندي مدة ثمانية أشهر حتى تتعلم كل التقنيات الخاصة بإعداد شورة مختلف الأثاث والغرف المنزلية، أما بالنسبة للطرز الصيني فتحبه الفتيات خاصة فيقبلن على تعلمه لأنه سهل من جهة ولا يفقد قيمته من جهة أخرى، كما أنه يتطلب أدوات بسيطة ومتوفرة بالسوق، هذا فضلا عن كون ما يباع بالأسواق غير متقن وباهظ الثمن. - ماهو السر وراء إقبال المتربصات من خارج الولاية للتعلم لديك؟ ربما طريقة تقديمي للدرس، حيث أمزج بين الجد والمرح وأعتمد على تبسيط المعلومة، فحتى وإن كانت المتعلمة أمية تريد التعلم من أجل الاسترزاق يمكنها أن تتقن العمل، خاصة إذا أحبت ما تقوم به، هذا إلى جانب أنني أعلم المتربصات كل التقنيات ولا أخفي عنهن أي شيء، بل أنبههن إلى بعض الأمور التي تسهل عليهن العمل، ولكن في المقابل لا بد على المتعلمة أن تكون لديها رغبة في التعلم وأن تكون مستعدة لإتقان ما تعلمته حتى تنجح فيه. - في الأخير ما الذي تتمناه السيدة وهيبة؟ لدي خبرة 17 سنة في مجال الخياطة والطرز درست في العديد من المدارس الخاصة، أمنيتي نقل كل ما تعلمته إلى الراغبات في التعلم من خلال إعداد كتاب ألخص فيه خبرتي، إلى جانب رغبتي الجامحة في أن يكون لدي مكان ولو صغير حتى أزاول فيه نشاطي وأعلم من خلاله كل فتيات الجزائر.