''زينة الكتبة''، هو مخطوط مجهول حول صناعة الكتاب العربي، كشف عنه حديثا محمود زكي الباحث بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، والذي عثر عليه ضمن المخطوطات غير المفهرسة بدار الكتب المصرية، حينما كان يتعاون في فهرسة مخطوطاتها، مما يعد كشفا أصيلا عن نص مجهول لعالم مشهور، لم تذكره الدراسات الحديثة في الشرق والغرب حتى كمصدر تراثي مفقود، سواء التي اعتنت بالموضوع أو المؤلف. المخطوط قديم يرجع تأليفه إلى القرن الرابع الهجري، ويصف فيه مؤلفه الطبيب والكيميائي الشهير أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، كيف كان العرب يصنعون الكتاب قديما، بداية من صناعة الأخبار، مرورا بالأخبار السرية وحيل الكتابة، انتهاء إلى وصفات قلع آثار الحبر من الورق والبردي والرق (الجلد) والثياب وغير ذلك، من ذلك مثلا وصفات لأخبار خاصة بالسفر والحفظ الطويل، وأحبار لا تظهر إلا في الليل، وأخرى تختفي تدريجيا، وكيفية معالجة البردي لإظهاره. هذه المعارف ضرورية في معرفة مكونات المخطوطات التي وصلتنا، وكيفية دراستها وصيانتها وترميمها، فهي تجيب عن سؤال: كيف كان العرب قديما يصنعون المخطوطات فعليا؟ دون تصورات أو افتراضات نظرية، هذا فضلا عن التوثيق الحضاري والتاريخي لبواكير صناعة الكتاب العربي أو ما يعرف ب»الوراقة«، وهي تقابل إنتاج الكتاب بالمفهوم الحديث. إنه أقدم مخطوط في موضوعه الذي يظهر جانبا مهما من جوانب الحضارة العربية والاسلامية التي لم تهتم فقط بالعلوم والمعارف الدينية والعقلية، وإنما اهتمت كذلك بالعلوم التطبيقية وبالصناعات اليومية، ومن اهمها صناعة الكتاب، مخزن المعارف وسجل التجارب والخبرات في الحضارات الراقية. ويأتي اهتمام الباحث بالمخطوط المكتشف ضمن إطار تخصصه الدقيق، الذي يعد أحد القلائل فيه، وهو علم المخطوطات (أو الكودولوجيا)، وهو دراسة المخطوطات كوعاء مادي اثري بعيدا عن محتواه العلمي في اطاره التاريخي والحضاري بمنهجية وخلفية تختلف عن تخصصات التاريخ والآثار والمكتبات. ويسعى الباحث محمود زكي في مشروعه الخاص، لدراسة علم المخطوطات بمنهجية علمية تبدأ بجمع وحصر مخطوطات صناعة الكتاب وتحقيقها ودراساتها، ثم البناء عليها في دراسات رأسية تفصيلية.