تعكس التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الارتفاع المفاجئ في أسعار بعض المواد الأساسية، الحرص على حماية القدرة الشرائية للمواطن مثلما سبق لها وأن تدخلت في العديد من المناسبات عندما شهدت السوق الوطنية اضطرابا في التزويد ببعض المواد كالنقص أو ارتفاع الأسعار. وجاءت إجراءات أول أمس عقب الاحتجاجات التي شهدتها بعض مناطق الوطن، مما دفع بالحكومة إلى طمأنة المواطنين بالتأكيد على تدارك الوضع من خلال كسر الاحتكار على استيراد السكر ودعم سعر الزيت. وجدد المجلس الوزاري المشترك الذي انعقد أول أمس برئاسة الوزير الأول السيد أحمد أويحيى عزم الدولة الحازم على التدخل كلما كان ذلك ضروريا من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين أمام أي زيادات للأسعار المنبثقة عن تقلبات السوق الدولية أو عن سعر الكلفة محليا، مذكرا في هذا الصدد بعمليات الدعم الهامة المباشرة وغير المباشرة التي تتكفل بها الخزينة العمومية من أجل ضمان سعر الحليب والقمح أو من أجل الإبقاء على أسعار الماء والغاز والكهرباء دون تغيير. أما الإجراءات المتخذة فتتمثل في تعليق دفع الحقوق الجمركية والرسم على القيمة المضافة والضريبة على أرباح الشركات الذي تمثل تكلفتة الإجمالية نسبة 41 بالمائة وهو العبء الذي يحسم من سعر الكلفة ابتداء من أول جانفي إلى 31 أوت .2011 وتخص بالدرجة الأولى تعليق دفع الحقوق الجمركية المطبقة على استيراد السكر الأحمر والمواد الأساسية التي تدخل في إنتاج الزيوت الغذائية، مع العلم أن هذه الحقوق الجمركية تقدر بنسبة 5 بالمائة. كما قررت الحكومة تعليق دفع الرسم على القيمة المضافة على نفس هذه المواد، مع العلم أن هذا الرسم على القيمة المضافة يقدر ب17 بالمائة وكذا تعليق دفع الضريبة على أرباح الشركات المطبقة على نشاط إنتاج هاتين المادتين، مع الإشارة إلى أن هذه الضريبة تقدر نسبتها ب19 بالمائة فيما يخص نشاطات الإنتاج وب25 بالمائة بالنسبة لنشاطات التوزيع. أما بخصوص أسعار القمح الذي تمون به المطاحن لإنتاج مادة الدقيق فقد طمأنت بأنها ستبقى مدعمة من قبل الدولة ولن يطرأ عليها أي تغيير، مشيرة إلى أنه ومن أجل احتواء المضاربة على هذه المادة سترتفع حصة كل مطحنة من القمح اللين من 50 بالمائةإلى 60 بالمائة من طاقة إنتاجها وبهذا الخصوص فقد تم تكليف الديوان المهني للحبوب بتنفيذ هذا الإجراء منذ أمس. وشددت الحكومة على ضرورة تنفيذ هذه التدابير مع تسجيلها لبعض المعاينات التي صاحبت الارتفاع المفاجئ لبعض المواد الأساسية واسعة الاستهلاك، واصفة الشروط الجديدة التي فرضها البعض في تموين باعة الجملة للسكر والزيت ب''غير المبررة'' باعتبارها من اختصاص السلطة العمومية، ففيما يخص الحليب ومشتقاته والحبوب ومشتقاتها، فإن المواد الأولية تقدم إلى الملبنات والمطاحن على أساس أسعار ثابتة ومدعمة بقوة من قبل الدولة. وأشار البيان في هذا الصدد إلى أن الإشاعات المتعلقة برفع أسعار هذه المواد أو ندرتها في الأسواق ليست صحيحة ولا مبرر لها. أما بخصوص السكر والزيوت الغذائية فإن ارتفاع أسعار موادها الأولية في السوق الدولية لا يمكن لوحده أن يكون سببا يبرر الزيادة المفاجئة لأسعار بيع هذه المواد بالتجزئة التي طرأت في الأيام العشرة الأخيرة. وقد حرصت الحكومة على أن يلتزم المنتجون والموزعون بتجسيد أثر هذه الإجراءات على سعر بيع المواد للمستهلك وذلك في الوقت الذي ستقوم فيه (الحكومة) خلال الفترة ما بين جانفي وأوت 2011 بمشاورات مع المتعاملين المعنيين لتحديد نظام كفيل بضمان الاستقرار الدائم لأسعار السكر وزيت المائدة قصد التصدي مستقبلا وبصفة مستمرة لأية تقلبات في الأسعار على مستوى السوق الدولية. كما ذكرت بمنع أي متعامل اقتصادي أن يكون بديلا للسلطات العمومية في فرض إجراءات أو آجال مفرطة لتموين البائعين الموزعين بالجملة ولاسيما عندما يتعلق الأمر بمواد أساسية، في حين أن باعة الجملة غير ملزمين بتقديم أية وثيقة جديدة لمنتجي السكر أو زيت المائدة أو بتسديد كلفة طلبياتهم بواسطة الصك، علما بأن هذا الإجراء سيصبح إجباريا في نهاية شهر مارس المقبل. وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها الدولة لضمان استقرار الأسعار في الأسواق الوطنية عند تسجيل أزمات في بعض المواد الأساسية، فقد سبق لها أن اتخذت قبل شهر رمضان الماضي إجراءات لضمان تزويد المواطنين بالمواد الحيوية مثل البطاطا، حيث تم إنشاء مخزون وطني احتياطي تم تسويقه في أوقات الذروة. ووسعت هذه الإجراءات إلى مواد أخرى كالخضر والفواكه واللحوم، إلى جانب إقرار إجراءات تحفيزية لفائدة الفلاحين من خلال الإبقاء على الدعم الموجه لهم. كما أبقت الحكومة على نفس التدابير الموجهة لفائدة الناشطين في مجال القمح من خلال الاحتفاظ بنفس سعر بيع القنطار الواحد من القمح المقدر ب4500 دج.