ثلاث وعشرون سنة هو عمر البرنامج الإذاعي السينمائي المتميّز ''سينراما''، الذي دأب على تقديمه الزميل المتألّق دوما، جمال الدين حازورلي، على أثير القناة الإذاعية الأولى من محطة قسنطينة الجهوية، وكانت طوال هذه السنوات النافذة التي يطلّ منها المستمعون الأوفياء للحصة على الجديد في الفن السابع الوطني والعالمي، والفضاء الذي تحوّل شيئا فشيئا إلى فسحة للتواصل الجميل. البداية كانت عام 1988 والجزائر تعيش تحوّلات فارقة في نسيجها الاجتماعي، الإعلامي والثقافي، وجاءت الفكرة بسيطة وعفوية، إذ باح المخرج الإذاعي جمال الدين حازورلي، برغبته في أن يتضمّن الحيّز الأسبوعي المخصّص لمحطة قسنطينة الجهوية، برنامجا ثقافيا وترفيهيا يعكس اهتمامات شريحة واسعة من المستمعين، فأطلق بذلك برنامج ''سينراما'' الذي أطفأ شمعته الثالثة والعشرين نهاية الأسبوع الفارط. فعلى أنغام موسيقى ''جبل طارق'' للفنان المتكامل جمال علام، تعطى إشارة انطلاق ''سينراما'' وتتوالى الفقرات ما بين الأخبار، الحوارات، متابعة التظاهرات السينمائية الوطنية، العربية والأجنبية، وكذا الاتصالات الهاتفية التي باتت سمة جميلة في البرنامج، تشكّلت من خلالها شبكة واسعة من المستمعين الأوفياء، الذين تتوسّم فيهم الجدية والاهتمام الكبير ببرنامج سينمائي يعدّ الأشهر في الشبكة الإذاعية الجزائرية، رغم أنّ صاحبه لم يكن ليخاطر في بدايته بالرهان على استمراره كلّ هذه السنوات، إلاّ أنّه اكتشف قدرته على تحويله إلى أهم البرامج الإذاعية في الجزائر. ويقول جمال حازرلي في أحد تصريحاته الصحفية، إنّ استمرار البرنامج كلّ هذه السنوات لا ينفي جملة المشاكل التي اعترضته وكادت تعصف بوجوده، على غرار القرار الذي صدر عن أحد المسؤولين في 2004 وأدى إلى غيابه سنتين، لولا تدخل عز الدين ميهوبي الذي كان وقتها مديرا عاما للإذاعة الوطنية وأمر بعودة بثه في أكتوبر ,2006 لذا، فإنّ حازرلي يرى أنّ سرّ هذا الاستمرار كان نابعا بالدرجة الأولى من الإرادة الشخصية وحبّه للسينما ورغبته في تمكين المستمع من مرجعية ثقافية حول السينما، من خلال ما كان يقترحه في كل عدد من مادة ثقافية دسمة، إلى جانب وجود جمهور وفي في الجزائر وحتى خارجها، والذي لا ينكر فضله في استمراره من خلال التواصل التفاعلي. ويضيف المتحدث أنّ غياب الحياة السينمائية في الجزائر في السنوات الأزمة، كاد يؤثر في صيرورة البرنامج في ظل غياب المادة الثقافية التي تسمح بمده بشحنات إضافية للاستمرار. موضّحا أنّ الجزائر لو كانت تعرف حراكا ثقافيا أكبر لاختلف الأمر وكان للبرنامج وزن أكبر، وهو ما اضطره في ظل هذه الظروف إلى مضاعفة مجهوده ليكون في مستوى البرامج الكبرى. ويطفئ ''سينراما'' شمعته الثالثة والعشرين ويسير نحو ربع قرن من الوجود، وهو البرنامج الذي تابعه الأغلبية شبابا فكهولا، صبايا فأمّهات، وتمكّن من خلق جمهور جديد من الشباب وجد ضالته في كلّ ما يقدّم شعاره في ذلك الجدية والجدة والانفتاح.