يحبس الجميع في لبنان أنفاسه في انتظار ما ستسفر عنه الوساطة القطرية-التركية في احتواء الأزمة السياسية اللبنانية المستفحلة بين الفرقاء اللبنانيين بطرق دبلوماسية.وعرفت شوارع العاصمة بيروت أمس جوا غير عاد بعد أن انتشرت تعزيزات الجيش في مختلف الأماكن وأغلقت المدارس أبوابها أمام تلاميذها خوفا من الأسوإ الذي يمكن أن ينجر عن أي تسريبات بخصوص مضمون القرار الاتهامي الذي ستصدره المحكمة الدولية المختصة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. ووصل وزيرا خارجية قطر وتركيا حمد بن جاسم بن جابر ال ثاني واحمد داوود اوغلو أمس إلى بيروت لإجراء محادثات مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري لبحث سبل احتواء الأزمة اللبنانية. تزامنا مع ذلك استقبل الرئيس السوري بشار الأسد قائد أركان الجيش اللبناني جون قهوجي حيث اجرى الرجلان محادثات تناولت سبل التعاون بين الجيشين السوري واللبناني خاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان في الوقت الراهن. وتأتي هذه التحركات استكمالا للقمة التي احتضنتها العاصمة دمشق اول أمس بين الرئيس السوري بشار الأسد وأمير دولة قطر احمد بن خليفة آل ثاني والوزير الأول التركي طيب رجب اردوغان الذين أعربوا عن آمالهم في استئناف الوساطة السعودية-السورية لما للعاصمتين الرياضودمشق من تأثير على مختلف الفرقاء اللبنانيين. يذكر أن الوساطة السعودية-السورية التي قادها العاهل السعودي عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد قبل عدة أشهر لاحتواء تداعيات مضمون تحقيق المحكمة الدولية حول لبنان انتهت إلى الفشل بعدما قررت المعارضة بقيادة حزب الله إسقاط حكومة الحريري الأسبوع الماضي. ولكن الرئيس اللبناني ميشال سليمان أكد أن المسؤولية الأولى والأهم تبقى على عاتق اللبنانيين لإيجاد الحلول السياسية المناسبة لأزمتهم من خلال المؤسسات ونهج الحوار الصادق والخلاق. وقال في كلمة أمام السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمد في لبنان بضرورة التوصل إلى ''حلول دون الوقوع في الفتنة وضرورة معالجتها عن طريق الحوار وهو ما كرسته القمة الثلاثية اللبنانية-السعودية-السورية التي انعقدت في بيروت والبيان الصادر عنها في 30 جويلية الماضي''. وارجع الرئيس سليمان استقالة الحكومة إلى ''تعطل الحوار داخل مجلس الوزراء وهيئة الحوار الوطني وإلى اعتبارات ظرفية وبنيوية منها ما يتعلق بالجدل المحيط بموضوع المحكمة الدولية الخاصة ومنها ما هو طبيعي في الأنظمة التوافقية التي تعتمدها الدول القائمة على التعددية''. وكان وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أكد أن حل الأزمة السياسية الراهنة في لبنان يجب أن ينطلق من الثوابت التي أرسيت في إطار المبادرة السورية-السعودية محذرا من الاستخدام والاستغلال السياسي للمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري. ومع استمرار حالة الترقب في بيروت حذر دنيال بيليمار مدعي المحكمة الخاصة حول لبنان من أي شائعات قد تروج حول مضمون قرار الاتهام السري الذي قدمه أول أمس إلى المحكمة لدراسته وذلك قبل البدء في إصدار مذكرات التوقيف ضد المتهمين. وقال بيليمار أن ''أية شائعات حول قرار الاتهام سيكون لها نتائج عكسية''. وأضاف القاضي الكندي أن ''قرار الاتهام لا يشكل إلا مرحلة أولى في الطريق الذي سيؤدي في النهاية إلى نهاية اللاعقاب في لبنان وأيضا مرحلة أولى في المسار القضائي''.