عاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس، إلى أرض الوطن بعد مشاركته في أشغال القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الثانية بشرم الشيخ في مصر. وكانت القمة قد اختتمت، الأربعاء المنصرم، بإصدار إعلان، أكد فيه القادة العرب، عزمهم على تطوير منظومة العمل العربي المشترك وآلياتها التنموية بصفه خاصة. وشدد الإعلان على أن تطوير منظومة العمل العربي المشترك سيسمح بالارتقاء بمستوى أدائها وتمكينها من أداء عملها وتنفيذ المشاريع العربية في المجالات التنموية التي أصبحت تحتل الصدارة على أجندة العمل العربي المشترك. وقد بعث رئيس الجمهورية، لدى مغادرته القاهرة، برقية شكر إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك، جاء فيها: ''يسرني وأنا أغادر جمهورية مصر العربية الشقيقة أن أتوجه إليكم باسم الوفد الجزائري وأصالة عن نفسي بجزيل الشكر مقرونا بمشاعر الود والتقدير على ما لقيناه منكم ومن الشعب المصري الشقيق من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة خلال إقامتنا بين ظهرانيكم''. كما أعرب الرئيس بوتفليقة عن ''عالي'' تثمينه لما بذلته مصر من الجهود والإمكانات لإنجاح القمة العربية الاقتصادية وخروجها بقرارات ''تستجيب لتطلعات الشعوب العربية إلى تحقيق التنمية والتقدم'' وإكباره ''لروح المسؤولية التي تحلى بها القادة العرب لرفع التحديات التي تواجه الأمة العربية''. كما بعث رئيس الجمهورية برقية لقائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي، جدد له من خلالها التحية، جاء فيها: ''يسعدني وأنا أعبر المجال الجوي الليبي عائدا إلى الجزائر أن أجدد لكم التحية سائلا المولى عز وجل أن يمن عليكم بموفور السعادة والهناء وعلى الشعب الليبي الشقيق باطراد التقدم والرخاء''. كما جدد رئيس الجمهورية، أول أمس، تحية الإخاء في برقية بعثها لرئيس الدولة التونسي السيد فؤاد لمبزع، جاء فيها: ''يسعدني وأنا أعبر المجال الجوي التونسي، عائدا إلى الجزائر، أن أجدد لكم تحية الإخاء، داعيا المولى جلت قدرته، أن يمن عليكم بعونه، في أداء مهامكم التاريخية''. يذكر أن موضوع الأمن المائي، شكل أحد المحاور التي حظيت بعناية القادة العرب في قمة شرم الشيخ، خاصة وأن المنطقة العربية تتميز بشح في هذا المورد الحيوي الذي أصبح يشكل مصدر قلق للعديد من الدول العربية في القرن ال.21 وأكد القادة العرب الذين شاركوا في القمة العربية الاقتصادية الثانية، ومن بينهم، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في ختام أشغال القمة الأربعاء الفارط، على ضرورة تطوير منظومة العمل العربي المشترك بما يسمح بالتنفيذ الفعلي للمشاريع التنموية خاصة التي تمثل أولية قصوى على المدى القصير كالأمن المائي والغذائي لما لها من آثار سلبية على الدول العربية. وقد نجم اهتمام القادة العرب بهذين الموضوعين أساسا عن تداعيات تغير المناخ التي من شأنها أن تؤثر على الموارد المائية وأن تزيد من ندرتها في منطقة بدأت بعض دولها تعاني من المعضلة وكذا بسبب تقلب أسعار المواد الأولية في الأسواق الأولية الذي انعكس سلبا على القدرة الشرائية وما قد ينجم عنها من مشاكل اجتماعية قد يصعب احتواؤها. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الموارد المائية بالدول العربية ضئيلة جدا، حيث يقدر معدل حصة الفرد العربي من المياه بأقل من 500 متر مكعب سنويا، في حين أن المعدل العالمي يفوق6000 متر مكعب، ما يؤكد أن الوطن العربي، يعد من المناطق الأكثر فقرا للماء في العالم، الشيء الذي أدى ببعض الدول العربية إلى استيراد الماء من الخارج لسد حاجياتها. ولهذا الغرض، طالبت القمة باستكمال استراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة. علما أن الأبعاد الديموغرافية والاقتصادية والسياسية معطيات ينبغي أخذها بعين الاعتبار في استراتيجيات العمل العربي المتعلقة بمشكل الماء خاصة مع تزايد الطلب على هذه المادة الحيوية، خصوصا، في القطاع الفلاحي بمنطقة الشرق الأوسط. ويشكل بدوره الأمن الغذائي، إحدى أولويات العمل العربي التي أكد عليها إعلان القمة، مبرزا، أن ''الأمن الغذائي يمثل أولوية ''قصوى'' للدول العربية وجب التعامل معه ب''فكر جديد'' و''رؤية هادفة''. وبشأن البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، طلب القادة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية متابعة تنفيذ الخطة التنفيذية الإطارية للبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي مع تحديد مرحلته الأولى خلال الفترة 2011 - 2016 علما أن المبلغ المطلوب لتنفيذ هذه المرحلة يقدر ب27 مليار دولار والمرحلة الثانية 65,4 مليار دولار والمرحلة الثالثة أيضا 65,4 مليار دولار نهاية البرنامج عام .2030 كما دعت القمة الدول العربية إلى منح مزايا تفضيلية للقطاع الخاص لتوسيع مشاركته للاستثمار في المجالات المحددة بالبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي. وبخصوص مشاريع البنية الأساسية الإقليمية التي أقرتها قمة الكويت الأولى، وعلى رأسها مخطط الربط البري ومشروع الربط الكهربائي، سجل القادة العرب أن هذه المشاريع ''شهدت طفرة تستحق الإشادة وتملي ضرورة الاستمرار فيها للوصول للأهداف المرجوة منها''. وفيما يتعلق بالربط البحري العربي، قرر القادة في قمتهم تدعيمه من خلال قيام الدول العربية بتحديد موانئها الرئيسية وتطويرها حتى تتوفر فيها عوامل الأمن والسلامة والمعايير الدولية المعمول بها بالنظر لأهمية النقل البحري الذي يتكفل ب90 من حركة البضائع في العالم. وفي هذا الصدد، قال رئيس الجمهورية في كلمته ''لقد آن الأوان لإصلاح موانئنا وتطوير الخطوط الملاحية البينية العربية لتواكب مستوى الموانئ الدولية المتطورة وبهذا تتيح الانخراط ضمن حركة نقل البضائع العالمية''. أما بالنسبة لمشاريع الربط الكهربائي العربي، فقد دعت القمة صناديق التمويل العربية والإقليمية والدولية للمساهمة في تهيئة الشبكات الكهربائية الداخلية لبعض الدول العربية الأقل نموا. وأشاد القادة العرب أيضا بالخطوات التنفيذية التي أنجزت في المبادرة الكويتية الخاصة بتوفير الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي منوهين باستجابة الدول العربية والإعلان عن مساهمتها التي بلغت 1,293 مليار دولار من المبلغ المستهدف وهو 2 مليار دولار. ودعت القمة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي إلى سرعة البدء في تمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي. و مادامت الاستثمارات العربية البينية تشكل ''المدخل الأفضل'' لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي وتجسيد التنمية الاقتصادية العربية المنشودة، دعا الرئيس بوتفليقة إلى بذل جهد أكبر لتكييف أطرها التشريعية والتنظيمية لفتح المجال أمام الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية. وقال رئيس الجمهورية في هذا الإطار، ''ينبغي لنا بذل جهد أكبر لتكييف أطرنا التشريعية والتنظيمية وجعلها عملية أكثر مواءمة ومرونة بقدر يتسنى معه فتح المجال واسعا أمام الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية''. وبشأن الاتحاد الجمركي العربي، طالب القادة العرب ببذل مزيد من الجهود لاستكمال توحيد جداول التصنيفات للتعريفة الجمركية للدول العربية قبل نهاية عام ,2012 تمهيدا للدخول في التفاوض على فئات التعريفة الجمركية والانتهاء منها ضمن الوقت المحدد للإعلان عن الاتحاد الجمركي العربي بحلول عام .2015 ودعت القمة القطاع الخاص إلى إقامة شركات المخاطرة (المبادرة) ووضع الآليات المناسبة لتشجيع الاستثمار بها والتعاون في تنفيذ المشاريع التي اعتمدتها القمة العربية الاقتصادية بالكويت. من جانب آخر،شدد إعلان القمة على ضرورة استغلال الإمكانيات والطاقات التي تملكها البلدان العربية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وعبر طاقات الرياح والاستخدامات السلمية للطاقة النووية وكذلك مصادر الطاقة الشمسية التي تتمتع بها الدول العربية ''وما يتيحه كل ذلك من فرص لاكتساب تقنيات حديثه وخلق فرص عمل تحافظ على البيئة وتنميتها''.