عقد مجلس الوزراء أول أمس الخميس اجتماعا برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وأصدر إثر ذلك بيانا فيما يلي نصه الكامل: ''ترأس رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة اجتماعا لمجلس الوزراء هذا اليوم الخميس 29 صفر 1432 الموافق 03 فبراير .2011 استهل مجلس الوزراء أعماله باستعراض الأحداث التي شهدتها البلاد وكذا ما تم اتخاذه عقبها من الإجراءات وفتحه من الورشات بأمر من رئيس الدولة. بهذه المناسبة ترحم رئيس الجمهورية على أرواح ضحايا الاضطرابات الأخيرة. وأشاد باحترافية أفراد الدرك الوطني والأمن الوطني الذين لم يدخروا جهدا ولا تضحية في سبيل الحفاظ على الأملاك وصون النظام العمومي في كنف التقيد التام بالقانون ممتثلين للأوامر الرئاسية التي بموجبها منع استعمال الأسلحة النارية بالذخيرة الحية أثناء الحفاظ على النظام. وإذ أشار إلى أن ما حصل من مظاهرات كان مرفوقا في بعض الحالات باللجوء إلى العنف والمساس بالممتلكات صرح رئيس الدولة بأن مثل هذه الأعمال المؤسفة جديرة بالشجب والإدانة. واستطرد رئيس الجمهورية قائلا: ''لا يمكن لأي مطلب كان أن يخول المساس بالأرواح والممتلكات. إنه يؤسف لمثل هذه التجاوزات التي طرأت في وقت حققت فيه البلاد كمّا غير مسبوق من الإنجازات لتدارك تأخرها وتلبية التطلعات الاجتماعية للساكنة وفي ظرف يجري فيه إطلاق برامج جديدة هامة وإنجاز إصلاحات جوهرية وفي حين يظل فيه تحسين ظروف معيشة المواطنين في صدارة السياسة العمومية''. وأضاف الرئيس بوتفليقة في معرض حديثه: ''مع هذا ومهما كانت النتائج المحققة بعد في مجال الاستجابة لتطلعات شعبنا فإن المظاهرات الأخيرة تشكل ولا ريب تعبيرا عما يساور مواطنينا من قلق وقنوط. ومن واجبنا من ثمة أخذها في الحسبان والتعاطي معها ببذل المزيد من الجهود''. واستطرد رئيس الدولة قائلا: ''منذ بضع سنوات خلت سبق وأن جاء التزامي بالتكفل بتطلعات شعبنا وآماله على رأس الأولويات المتمثلة في السلم والوئام والمصالحة الوطنية. ولما أخذ هذان المطلبان الحيويان يتجسدان شيئا فشيئا صار إنعاش التنمية الغاية الجديدة. والآن وقد أصبحت ثمار تلك الجهود بارزة للعيان كل يوم أكثر فإنه من الأهمية بمكان الاستمرار في تلبية احتياجات شعبنا بالتكفل على نحو أفضل بالحالات الاستعجالية وتحسين نوعية الخدمات والأداء العموميين وبإشاعة الطمأنينة كذلك في قلوب مواطنينا في مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية أو أي تحد آخر. ذلكم هو المبتغى من الإجراءات والورشات التي أمرت باتخاذها وفتحها منذ بداية الشهر الجاري''. وذكر رئيس الجمهورية بأن '' كل واحد سجل من جهة أخرى التعليقات والتحليلات أو حتى المطالب ذات الصبغة السياسية التي تم الجهر بها مؤخرا. إن التعبير عنها على تنوعه جدير بالاحترام من حيث إننا في بلد تسود فيه ديمقراطية تعددية تم افتداؤها بقدر باهظ من التضحيات الوطنية. لكن وجهات النظر هذه تستدعي كذلك التذكير بأمور وتوضيح أخرى''. وأكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن ''لا أحد يمكنه إنكار احترام الحقوق المدنية والسياسية والحريات الأساسية وحمايتها في بلادنا. والدليل على ذلك تعدد مشارب وانتماءات أحزابنا السياسية العديدة وتنوع الصحافة الوطنية وحيويتها وكون شعبنا يدعى دوريا للاقتراع كي يختار بكل سيادة من يحكمه على كافة المستويات من بين المترشحين المتعددين الذين يعرضون أنفسهم على اختياره بعد استيفاء الشروط القانونية''. ''أما فيما يخص حالة الطوارئ فإنه تم فرضها من منطلق الاستجابة لمقتضيات مكافحة الإرهاب لا غير والسبب هذا هو وحده الذي يملي الإبقاء عليها بمقتضى القانون. إن حالة الطوارئ لم تحل في أي وقت من الأوقات دون حراك سياسي تعددي نشط ولا هي عرقلت إجراء حملات انتخابية حامية متحمسة بشهادة الملاحظين الذين تابعوها''. وأردف رئيس الجمهورية قائلا: ''من ثمة ومن أجل وضع حد لأي جدال غير مؤسس حول هذه المسألة أكلف الحكومة بأن تنكب فورا على صياغة النصوص المواتية التي ستتيح للدولة مواصلة مكافحة الإرهاب إلى النهاية بنفس الفعالية وفي إطار القانون. وبالتالي سيؤدي ذلك إلى رفع حالة الطوارئ في أقرب الآجال''. كما ذكر رئيس الجمهورية بأنه ''باستثناء ولاية الجزائر لا مانع لتنظيم المسيرات في كافة الولايات الأخرى شريطة تقديم الطلبات واستيفاء الشروط التي يقتضيها القانون. حقا إن العاصمة مستثناة في هذا المجال لأسباب معروفة لها صلة بالنظام العام وليس أصلا للجم حرية التعبير فيها. ومن المعلوم أن مدينة الجزائر تتوافر على عدد جم من القاعات ذات السعة المتفاوتة هي بلا مقابل تحت تصرف أي حزب أو جمعية على أن يقدم طلب قانوني لذلك بغية الجهر برأيه على الملأ''. واستطرد رئيس الدولة قائلا: ''أما فيما يخص ارتفاق الأحزاب السياسية بالتلفزيون والإذاعة فليس هناك لا قانون ولا تعليمة يمنعه على أي تشكيلة أو جمعية شرعية. من ثمة يتعين على التلفزيون والإذاعة أن يقوما بتغطية نشاطات سائر الأحزاب والمنظمات الوطنية المعتمدة وفتح القنوات أمامها بالإنصاف''. ''ويتعين على الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية المعتمدة أن تراعي على الخصوص أحكام الدستور والقوانين المتصلة بالنشاط السياسي ذلك أن الحرية لا يمكنها أن تفضي بأي حال من الأحوال إلى الانزلاقات والفوضى التي سبق للجزائر أن دفعت ثمنها باهظا''. وإذ عاد إلى موضوع ما ينتظره المواطنون أمر رئيس الجمهورية الحكومة بتوخي السرعة في إنهاء عديد الورشات الهامة محددا لها آجالا قصيرة وملزمة. في المقام الأول وبرسم استحداث فرص الشغل الذي شهد بعد نتائج هامة رافقها تراجع قوي لنسبة البطالة خلال العشرية الفارطة أمر رئيس الجمهورية الحكومة بالسرعة في صياغة إجراءات جديدة الغرض منها على وجه الخصوص: 1- تحسين أشكال الدعم العمومي للشباب المترشح للاستفادة من آلية القروض المصغرة وتوسيع هذه الآلية بحيث تشمل إنشاء مكاتب جماعية من قبل حملة الشهادات من خريجي الجامعة وتخفيف الشروط والإجراءات المتصلة بذلك وتفعيل استغلال المحلات المنشأة لصالح الشباب العاطل. 2- تمديد فترات صلاحية آلية ما قبل الاندماج في الحياة المهنية السارية من أجل تحسين فعاليتها. 3- رفع قدرة استيعاب آليات التشغيل المؤقت استجابة للطلب الكبير عليها مع تحسين جاذبيتها. 4- توسيع الإجراءات المحفزة على توظيف الشبان طلاب العمل من قبل المرقين والمستثمرين في كافة مجالات النشاط بما فيها المجال الفلاحي. 5- زيادة التحفيزات والتشجيعات على إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة محدثة لمناصب الشغل مع الفراغ عاجلا من إعداد العدة الموجهة لتسهيل حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على القروض البنكية. وستتم دراسة جملة الترتيبات التي تتطلبها الإجراءات الخمس هذه من قبل مجلس الوزراء نهاية هذا الشهر. في المقام الثاني وفيما يخص الاستجابة للطلب على السكن أشار رئيس الدولة إلى أن سنة 2010 شهدت استلام أكثر من 190.000 وحدة سكنية من البرنامج الجاري لإنجاز مليوني مسكن تم الشروع في بناء ما يربو عن الربع منها. وأوعز للحكومة أن تبادر إلى: 1- تعجيل منح الكمية الهائلة من السكنات الاجتماعية ذات الطابع الإيجاري التي تم تسليمها محليا. 2- استكمال بعض ورشات السكن الترقوي التي ما تزال معطلة بسبب نزاعات شتى. ويتعين إيجاد حل للوضع القانوني لهذه الحالات وتهيئة السكنات كي لا تبقى غير مأهولة. 3- تعجيل تنفيذ برنامج السكن الريفي الذي يصل مجموعه إلى 700.000 وحدة سكنية وينبغي إطلاق ثلث هذا المجموع على الأقل قبل نهاية السنة الجارية. 4- تكثيف وتيرة إنجاز ال 340.000 وحدة سكنية الموجهة للقضاء على السكنات الهشة في كامل التراب الوطني وهو الإنجاز الذي تمت مباشرته. 5- تشجيع البنوك المحلية على تسهيل استفادة المواطنين من قروض الترقية العقارية في إطار الآليات التي تم إحداثها خلال السنة الماضية. وعند الاقتضاء تنشئ الحكومة صندوق ضمان خاص بالقروض الممنوحة للمواطنين بغرض بناء أو شراء سكن فردي في مجمعات سكنية. وأوضح رئيس الدولة انه ينتظر من الحكومة في نهاية هذا الثلاثي تقريرا مرحليا حول تقدم هذه التدابير الرامية إلى مضاعفة الاستجابة لطلبات السكن. وفي المقام الثالث وبخصوص ضبط السوق والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين في مواجهة تقلبات أسعار المواد الغذائية الأساسية في الأسواق الدولية اعتبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه لابد من دعم هذه المسألة الجوهرية دعما يصب في اتجاه القرارات التي تم اتخاذها السنة الماضية ومنذ مطلع هذه السنة. ومن هذا الباب أوعز للحكومة أن تكفل: 1- توسيع نطاق تطبيق آلية تثبيت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بحيث يشمل الخضر الجافة علما أن هذه الآلية المطبقة بعد على القمح والحليب تم توسيعها بحيث صارت تشمل كذلك مادتي السكر والزيوت الغذائية. 2- تحديد هوامش الأسعار القصوى التي تطبق على هذه المواد ومشتقاتها وعند الإنتاج أو الاستيراد وعند مختلف مستويات التوزيع والبيع بالتجزئة وذلك بالتنسيق مع العاملين الاقتصاديين والمنظمات المعنية. 3- إقحام السلطات العمومية في تموين السوق المحلية بالمواد الاستهلاكية الأساسية وضبطها. 4- إيلاء المزيد من التحفيز لتطوير الإنتاج الفلاحي والفلاحي الغذائي على الصعيد المحلي إلى جانب ضبط سوق الخضر واللحوم. 5- تعزيز إدارة الرقابة التجارية من اجل تأطير أفضل للسوق. من هذا المنظور يتعين على الإدارة هذه أن تتخذ الترتيبات اللازمة كي تستعمل قبل نهاية السنة المقبلة الخمسة آلاف (5000) منصب مالي الموضوعة بعد تحت تصرفها برسم الفترة الخماسية. وسترافق الحكومة هذا الإجراء بما يلزم من أشكال الدعم حسب الحاجة. 6- تعميق التحضيرات المتعلقة بمختلف الإجراءات المقررة من اجل تحسين الضبط والشفافية في مجال النشاطات الاقتصادية والتجارية بما يجنب أية محاولة لتوظيف هذه الإجراءات ضد الصالح العام. في هذا الصدد أنيط بالحكومة أن تتولى: - تخفيف الصيغ والإجراءات الموجهة لتحويل النشاط التجاري الصغير غير الرسمي الممارس في الطريق العمومي نحو أماكن معدة لذلك وهذا بالتنسيق مع الجمعيات وممثلي المعنيين. - وتعميق التشاور والشرح والاتصال فيما يخص المزايا التي يجنيها الاقتصاد من اعتماد الدفع بالصكوك بالنسبة للمبالغ التي تعادل أو تفوق 500.000 دج وكذلك تعميم الفوترة في كافة المعاملات التجارية. لذا يؤجل تطبيق التدابير المتصلة بهذين الإجراءين إلى حين استيفاء الشروط المطلوبة. فالحكومة مأمورة بأن تشرع دونما تأجيل في تنفيذ التعليمات الرئاسية المتعلقة بتثبيت وضبط سوق المواد الغذائية الأساسية وترفع تقريرا مرحليا بشأن ذلك في نهاية شهر مارس المقبل. هذا واغتنم رئيس الدولة المناسبة فذكر بما يوليه من أهمية للحفاظ على حرمة المال العام ولمكافحة الفساد قائلا: ''هناك مساس بالمال العام وآفة الفساد قد استفحلت فلا أحد يحاول إخفاء هذا الأمر الذي يستنكره المجتمع ولكن ليس بإمكان أحد أن ينكر إصرار الدولة وتصميمها على محاربة هذه الانحرافات بكل ما يخوله القانون من صرامة''. واستطرد رئيس الدولة مشيرا إلى أن ''آليات الوقاية من هذه الانحرافات تم تعزيزها على غرار مجلس المحاسبة الذي وسعت صلاحياته بحيث صارت تشمل من الآن فصاعدا فضلا عن الإدارات الشركات العمومية يعد تشريعنا المتعلق بهذه الآفات من أقسى التشريعات والدليل على ذلك هو أن الفساد يعتبر في نظر القانون جنحة لا يسري عليها التقادم''. وأضاف رئيس الجمهورية قائلا: ''بالتالي إنني أؤكد من جديد أنه لن يفلت من القصاص ما تثبته العدالة من جريمة أو جنحة من جرائم وجنح الفساد أو المساس بالمال العام. وهذا مع مراعاة قرينة البراءة طبقا للقانون. وعليه أدعو الإطارات والمسيرين العموميين إلى النهوض بمهامهم في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة التي يخدمونها وفي العدالة المستقلة''. ومن هذا المنطلق كلف رئيس الدولة الحكومة بإعداد الأحكام التشريعية المواتية بغية رفع التجريم عن فعل التسيير وهذا لزرع المزيد من الثقة في نفوس الإطارات المسيرين على ألا يعني ذلك تخويلا للاعقاب. في المقام الرابع: أوعز رئيس الدولة للحكومة أن تسهر على تحسين أداء الخدمة العمومية وبالخصوص: 1 - اغتنام فرصة دراسة مشروع مراجعة قانون البلديات الجارية على مستوى البرلمان من اجل أن تولي الصدارة لدور وإسهام المجالس الشعبية البلدية في الاستجابة لتطلعات المواطنين على المستوى المحلي والشروع فورا في برنامج تعزيز وتأطير البلديات بالكفاءات القادرة على تحسين نوعية الخدمات. 2- السهر على توحيد الإجراءات التنظيمية التي تطبقها الإدارات والجماعات المحلية في كامل التراب الوطني في إطار مهامها المتعلقة بالضبط والحفاظ على النظام العام. 3- تخفيف قوام الملفات الإدارية وإجراءات معالجتها كلما كان ذلك ممكنا. وبدءا من الآن يجب تأمين وفرة أوفى للمستندات المطلوبة لاستخراج وثائق إثبات الهوية الجديدة واعتماد إجراءات أسرع في تسليمها. 4- مراعاة الجودة والسرعة والفعالية في الخدمات التي تقدمها الإدارات والمؤسسات العمومية. وعلى الولاة أن يسهروا فعليا على تحقيق هذا المبتغى كل في مقاطعته. وأضاف رئيس الدولة أنه ''إلى جانب ما سبق يتعين على كل مسؤول السهر على تحسين الإصغاء للمواطنين والتواصل معهم وكذا الاتصال ما بين مختلف الإدارات المركزية والمحلية''. كما سجل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه ''ينبغي للمرفق العام الكف عن القبوع في الرتابة وعن الاقتصار على التجند الظرفي عند حصول الأزمات. فلابد له أن يعود إلى ما تمليه رسالته ويجدد عهده بأخلاقياته. لا احد ينتظر تغير الأمور بين عشية وضحاها في هذا المجال لكنه من حق المواطنين أن يلمسوا التحسن السريع والتغير النوعي''. وأردف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قائلا: ''وعلى أية حال فإن كل مسؤول مهما كانت درجة مسؤوليته ملزم أكثر من أي وقت مضى بواجب النجاعة وهذا من خلال التواجد في الميدان ومن خلال جودة الخدمات التي تقدمها الإدارات أو المصالح أو المؤسسات الموضوعة تحت إمرته. وهذه معايير لن تقل أهميتها في المستقبل عن أهمية تنفيذ البرامج المرسومة''. وختم رئيس الدولة توجيهاته وتعليماته حول هذا الملف موضحا أنه فضلا عما تم إصداره اليوم من تعليمات وتحديده من آجال فإن جملة المسائل التي تم تناولها ستكون دوريا محل متابعة وتقويم. بعد أن تناول الأحداث التي شهدتها بلادنا في مطلع شهر يناير 2011 بالمناقشة واتخذ على ضوئها القرارات اللازمة تولى مجلس الوزراء خلال جلسته المنعقدة يوم 03 فبراير 2011 بالدراسة والموافقة على مشروع قانون عضوي يحدد تنظيم المحكمة العليا وسيرها وصلاحياتها. الغرض المتوخى من هذا النص هو تيسير تنفيذ الأحكام الدستورية التي تنص على انه يتم تحديد تنظيم المحكمة العليا وسيرها وصلاحياتها بمقتضى قانون عضوي. من هذا الباب يأتي مشروع القانون العضوي المعروض على المجلس ليقنن ممارسة يسري العمل بها منذ أن تم في بلادنا اعتماد نظامين قضائيين أولهما ذو طابع عادي تختص به المحكمة العليا وثانيهما ذو طابع إداري يختص به مجلس الدولة. يوضح النص المذكور أن المحكمة العليا التي تنظر في مراعاة القانون تسهر على حسن تطبيق القانون عن طريق الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن المحاكم ومحاكم الاستئناف وعلى احترام شكل الإجراءات وقواعدها. كما يمكن للمحكمة العليا بصفة استثنائية وفي حالات يحددها القانون أن تبت في المضمون. وفضلا عن القواعد المتعلقة بتنظيم هذه الجهة القضائية يدعم مشروع القانون هذا استقلاليتها بمنحها الاستقلالية المالية واستقلالية التسيير. يجدر التذكير بأن رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء حرص في إطار إصلاح المنظومة القضائية الجاري منذ عقد من الزمن على تأمين كافة الشروط والوسائل للمحكمة العليا وللقضاة المستشارين حتى يؤدوا مهامهم على أحسن وجه وهذا مراعاة لجلال المهمة التي يتولونها. من جهتها اتخذت المحكمة العليا عدة إجراءات رافقت عمليات مراجعة قوانين الإجراءات القضائية وقلصت بصفة ملموسة من آجال نطقها بقراراتها. تناول مجلس الوزراء بعد ذلك بالدراسة والموافقة مشروع قانون يعدل القانون العضوي المتعلق بصلاحيات مجلس الدولة وتنظيمه وسيره. ففيما يخص صلاحيات مجلس الدولة ينص مشروع القانون على أن هذا المجلس ينظر في المقام الأول والأخير في طعون الإلغاء وذلك بتأويل أو تقدير مطابقة الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية والمؤسسات والمنظمات المهنية الوطنية للقانون. كما ينص مشروع القانون العضوي هذا على اختصاص المجلس بالبت عند الاستئناف ضد الأحكام القضائية والقرارات التي تصدرها الجهات القضائية الإدارية وكذلك البت في قضايا الطعن بالنقض ضد الأحكام النهائية التي تصدرها الجهات القضائية الإدارية. والى جانب توضيح الصلاحيات القضائية لمجلس الدولة في المجال الإداري يضفي مشروع القانون العضوي المزيد من الدقة على الإجراءات المتعلقة بالآراء الصادرة عن مجلس الدولة بشأن مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة قبل عرضها على مجلس الوزراء. إن اقتراح مراجعة القانون العضوي المتعلق بمجلس الدولة هذا سيعزز النظام القضائي الإداري الذي يشهد التواتر التدريجي لإنشاء المحاكم الإدارية. كما تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة أربعة مشاريع مراسيم رئاسية تتعلق بالتنقيب عن المحروقات واستغلالها. مشروع المرسوم الرئاسي الأول يخص الموافقة على الملحق رقم 4 بالعقد المبرم بتاريخ 10 يوليو 2002 بين شركة سوناطراك وثلاثة شركاء لها وهم زrepson exploration argelia saس و"RWE DEA AG س وزEDISON INTERNATIONALس من اجل التنقيب عن المحروقات وتقديرها واستغلالها في المحيط المسمى '' رقان الشمالي الكتلتين 315 ج و352 ج ''. ويتضمن مشروع المرسوم الرئاسي الثاني الموافقة على ستة عقود للتنقيب عن المحروقات واستغلالها أبرمت بتاريخ 30 يونيو 2010 بين الوكالة الوطنية لتثمين الموارد من المحروقات (ALNAFT) وشركة سوناطراك. ويتعلق مشروع المرسوم الرئاسي الثالث بالملحق رقم 02 التابع للعقد المبرم بتاريخ 23 افريل 2005 المبرم بين شركة سوناطراك وشركتي ''غولف كيستون بتروليوم ليميتد GULF KEYSTONE PETROLEUM LIMITED" و'' ب غ نورث سي هولينقس ليميتد BG NORTH SEA HOLDINGS LIMITED من اجل التنقيب عن المحروقات وتقديرها وتطويرها واستغلالها في المحيط المسى حاسي باحمو (الكتل :317 ب و322 ب و347 ب و348 و349 ب). أما مشروع المرسوم الرئاسي الرابع فيتضمن الموافقة على المحلق رقم 1 بالعقد المبرم بتاريخ 20 يوليو 2009 بين الوكالة الوطنية لتثمين الموارد من المحروقات (ALNAFT) وشركة سوناطراك. سيشرك الملحق هذا بنسبة ضئيلة شركة ENI ALGERIA EXPLOARATION BV في استغلال المحروقات بالمحيط المسمى '' رورد مسعود الشمال''. بعد ذلك تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مشروع مرسوم رئاسي يتضمن إنشاء مجموعة منجمية عمومية تدعى '' مناجم الجزائر''. سيتم تزويد المجموعة الصناعية هذه برأس مال تملكه الدولة غير قابل للتقادم ولا للتصرف تبلغ قيمته 5 ملايير دج وستحول لها أصول المؤسسات العمومية الخمس التي تنشط حاليا في مجال المناجم. سيتولى مجمع '' مناجم الجزائر'' الإسهام بقوة في تكثيف التنقيب عن الثروات المنجمية في البلاد واستغلالها وهو ما سيساعد في إنشاء الكثير من مناصب الشغل ورفع نسبة الصادرات من غير المحروقات. إن المقاربة هذه التي سيتم تغليب الاستثمارات الوطنية فيها ستتيح كذلك إشراك الأطراف الأجنبية المستعدة لنقل التكنولوجيا والخبرة''. هذا وواصل مجلس الوزراء أعماله متناولا بالدراسة والموافقة مشروعي صفقتين بالتراضي البسيط. المشروع الأول يتعلق بانجاز مقر معهد الدبلوماسية والعلاقات الدولية التابع لوزارة الشؤون الخارجية. سيعهد المشروع هذا الذي تبلغ قيمته الإجمالية 700 مليون دج إلى مؤسستين تتوليان حاليا بناء مقر وزارة الشؤون الخارجية الذي ستنتهي الأشغال به قريبا. أما الملف الثاني فيتعلق بصفقتين لانجاز خطوط سككية. من ثمة سيتم إبرام عقد تقارب قيمته 45 مليار دج ويخص انجاز خط سككي بين مدينتي بوغزول والمسيلة بطول 151 كلم مع تكتل يضم مؤسستين عموميتين تتوليان نسبة تفوق 75 بالمائة من الصفقة تشاركهما مؤسستان مختلطتان. وسيتم الاتفاق مع ثلاثة مكاتب دراسات وطنية للإشراف على الانجاز. أما العقد الثاني وقيمته تفوق 44 مليار دج فيخص انجاز خط سككي بين مدينتي بوغزول وتيسمسيلت بطول 139 كلم. وقد أوكل إلى مجمع يضم خمس مؤسسات وطنية تحوز نسبة مختلطة وتتولى ثلاثة مكاتب دراسات وطنية مهمة الاشراف على الانجاز. تم منح عقود الأشغال السككية هذه بطريقة التراضي القانونية بناء على تعليمات رئيس الجمهورية الذي أمر بتأهيل المؤسسات المحلية التي تملك حصصا في الصفقات وبإنعاشها بإيلائها حصصا من العقود العمومية. كما تناول مجلس الوزراء بالدراسة اقتراحا يتعلق ببرنامج تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة وتعزيز النجاعة الطاقوية قدمه السيد وزير الطاقة والمناجم. يأتي مشروع البرنامج هذا عملا بتعليمات رئيس الدولة بمناسبة جلسة مصغرة عقدت في شهر غشت الماضي لدراسة ملف قطاع الطاقة في اطار تخطيط احتياجات البلاد من الطاقة على المديين المتوسط والبعيد وفي سياق التطورات الدولية المتصلة بحماية البيئة. سيتم تطوير إنتاج الكهرباء باستعمال الطاقات المتجددة على ثلاث مراحل متتابعة. من ذلك أن سنوات 2011 و2012 و2013 ستكرس لتدعيم جانب المعطيات من خلال إجراء دراسات ومشاريع نموذجية الغاية منها اختيار أنجع التكنولوجيات الجديرة بوضعها حيز التنفيذ. أما سنتا 2014 و2015 فستشهدان إطلاق قدر معتبر من الاستثمارات اللازمة التي سترتفع إلى أن تصل في آفاق 2030 مستوى إنتاج يعادل 22000 ميغاواط من الكهرباء باستعمال أكثر من ضعف القدرات الحالية التي تعتمد على الغاز الطبيعي. وبالموازاة مع ذلك سيعتمد تطوير النجاعة الطاقوية على عدة مناهج منها العزل الحراري للمساكن ومسخنات الماء العاملة بالطاقة الشمسية وتعميم الإنارة باستعمال الأدوات المقلة من استهلاك الكهرباء وخفض استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي بالاعتماد على تحفيزات عمومية وتطوير وسائل النقل العمومية والخاصة التي تعتمد على الغاز وقودا. هذا المسعى الذي يتطلب استثمارات هامة سيمكننا من توفير ما يقارب 600 مليار متر مكعب من الغاز في ظرف 25 سنة. من ثمة سيتم الاحتفاظ بنصف هذا الحجم للعقود الزمنية المقبلة بينما سيدر النصف الآخر المصدر إيرادات إضافية لبلادنا لا تقل عن 200 مليار دولار خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة. كما سترفق هذه السياسة الطاقوية الجديدة بتطوير صناعة مناولة محلية في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة تكون قادرة على إحداث ما لا يقل عن 100.000 منصب شغل بقيمة مضافة عالية. عقب مناقشة هذا الملف صرح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر ستطلق برنامجها الوطني للطاقات الجديدة والمتجددة وسياسة لاقتصاد الطاقة. وبالنظر إلى جدة التكنولوجيات التي ستطبق مستقبلا من طابع جديد ألح رئيس الدولة على تكريس فترة 2011 - 2013 كلية للتحكم في المعارف والتكنولوجيات ذات الصلة بهذا المجال الحديث الولادة حتى على المستوى العالمي. من هذا الباب أوعز رئيس الجمهورية للحكومة أن تسهر على ترقية التعاون مع كافة الشركاء الأجانب العموميين منهم والخواص المستعدين لاقتسام معارفهم مع بلادنا وأن تسعى لإقامة شراكة قوامها الاقتسام المنصف للمنافع. كما تم تكليف الحكومة بأن تشجع عن طريق أفضل التحفيزات المتضمنة في قانون الاستثمار الشراكة مع المجمعات الصناعية الدولية المتخصصة من اجل إنتاج التجهيزات والتكنولوجيات التي تحتاجها الطاقات الجديدة والمتجددة بعين المكان بالجزائر. كما أمر رئيس الجمهورية الحكومة أن تعمل خلال السنوات الثلاث هذه على حشد مبلغ 2 مليار دج اللازم لانجاز الدراسات ومخصصا ماليا بقيمة 12 مليار دج موجه لدعم الكهرباء التي سيتم إنتاجها في الهياكل التجريبية للطاقات الجديدة والمتجددة وكلف الحكومة بتسهيل حشد أكثر من 50 مليار دج من القروض البنكية بشروط تحفيزية لإتاحة انجاز الوحدات التجريبية خلال هذه الفترة. هذا ووافق رئيس الدولة على إنشاء محافظة للطاقات الجديدة وأمر باتخاذ الترتيبات اللازمة لجمع الكفاءات والخبرات الوطنية المتوفرة في مراكز البحث العلمي ذات الصلة بهذا الملف. كما قرر مجلس الوزراء أن يدرج ضمن مشروع قانون المالية المقبل تخصيص نسبة 1 بالمائة من الجباية المحصلة من المحروقات لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة ولترقية الاستعمال الأنجع للطاقات التقليدية. وأوضح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن ''هذا التخصيص المالي يعكس عزمنا على جعل المحروقات التي تملكها بلادنا ترافق من الآن فصاعدا الاستثمارات اللازمة لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة لفائدة أجيال المستقبل''. عقب ذلك استمع مجلس الوزراء وناقش عرضا قدمه وزير المالية حول مشروع مرسوم تنفيذي يتضمن الموافقة على النظام الداخلي النموذجي للجان الصفقات العمومية. النص هذا الذي جاء عملا بالموسوم الرئاسي الصادر في أكتوبر 2010 والمتضمن مراجعة القوانين المطبقة على الصفقات العمومية يدخل بوجه أخص إجراءات جديدة قمينة بتعجيل أشغال لجان الصفقات العمومية نذكر منها : - تثبيت أعضاء اللجان الوطنية للصفقات. - إلغاء مكتب هذه اللجان بغرض تخفيف فترة معالجة الملفات - تعيين مستخلفين لأعضاء اللجان بما في ذلك رؤساء اللجان ومقرروها وذلك تجنبا للتأخر الذي قد ينجم عن أي غياب للمعنيين. - توضيح مهام لجان الصفقات العمومية بما يمكنها من السهر على احترام الإجراءات والشفافية عند إعلان المناقصات وفتح العروض أما الاختيار التقني للمتعهدين فهو من المسؤولية القانونية للمشرف على الانجاز. - وكذا تحديد أجل دراسة الطعون بخمسة عشرة يوما. وإذ سجل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن التدابير الجديدة هذه تأتي في أوانها لتقلص أجل دراسة الملفات من قبل لجان الصفقات العمومية ألح على ضرورة إصدار الهيئات المختصة قراراتها حول الصفقات العمومية في شفافية تامة وأمر الحكومة بالعمل على مستوى مختلف القطاعات على اطراد تنشيط أداء البرنامج الخماسي للاستثمارات العمومية الجاري. بعد ذلك استمع مجلس الوزراء وناقش عرضا حول المجلس الوطني للشراكة بصفته آلية تعزز السياسة الوطنية للتكوين والتعليم المهنيين تماشيا مع السوق الوطنية للشغل. يأتي تنصيب المجلس هذا تطبيقا للأوامر الرئاسية المتوخية المساوقة الدائمة بين احتياجات السوق الوطنية للشغل ونتاج التعليم والتكوين المهنيين. هذه الهيئة التي انتخبت حديثا مدير مؤسسة لرئاستها تضم إلى جانب مندوبي التعليم والتكوين المهنيين ممثلين عن أرباب العمل العموميين والخواص والغرف وجمعيات أرباب العمل وكذلك أجهزة ترقية التشغيل وتطوير الاستثمارات. كما سيتم إنشاء فروع محلية لها. وخلصت دراسة هذا الملف إلى تعليمة أصدرها رئيس الجمهورية للحكومة بأن تعمق على كافة المستويات تقويم وتكييف منظومة التعليم الوطنية بما يجعلها تستجيب على نحو أفضل لما هو مطلوب من الإطارات والكفاءات التي تحتاجها التنمية الوطنية. وأضاف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قائلا '' أنني أقول واكرر اليوم إنه بإمكان الشعب الجزائري أن يفخر بحق وهو يرى ما يقارب 10 ملايين من أبنائه يتوجهون يوميا إلى المدارس والجامعات أو مراكز التكوين. فذلك دليل على تعلق بلادنا بالعلم وبإتاحة الترقية الاجتماعية لجميع مواطنيها''. وختم رئيس الدولة بالقول '' ومع ذلك فان هذه النتيجة التي هي في حاجة إلى تدعيم تفرض علينا وثبة نوعية حتى نكيف على نحو أفضل التكوين الملقن في كافة المستويات مع السوق المحلية للشغل ونقلص بذلك بطالة حملة الشهادات. من ثمة انتظر من الحكومة أن تجد الإجابات التي تواجه بها هذا التحدي مواجهة ناجعة''. وختم مجلس الوزراء أعماله بالموافقة على قرارات فردية بالتعيين والإعفاء في مناصب عليا للدولة''.