اجتمع مجلس الوزراء أمس الاربعاء برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة حيث اصدر بيانا فيما يلي نصه الكامل: ترأس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس الأربعاء 05 رمضان 1430 ه الموافق 26 أوت 2009 اجتماعا لمجلس الوزراء. في مستهل أعماله تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مشروع أمر رئاسي يتعلق باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها. إن ترقية حقوق الانسان وحمايتها مكفولة كفالة صريحة بينة بمقتضى أحكام الدستور وما انفكت تحظى على الدوام بعناية خاصة من قبل رئيس الجمهورية وما يدل على ذلك هو بالذات انشاء اللجنة الوطنية الاستشارية المكلفة بهذه المهمة. فبغرض اطراد ترسيخ مكانة هذه اللجنة ودورها أوعز رئيس الدولة للحكومة باعداد مشروع نص قانوني قصد تعزيز أسسها القانونية ودعم حظوتها على المستوى الدولي لاسيما لدى منظومة الأمم الامتحدة. من ثمة وطبقا للمعايير ذات الصلة المعتمدة من قبل منظمة الاممالمتحدة ستحكم اللجنة الوطنية من الآن فصاعدا عدة قانونية تحدد مهامها وصلاحياتها بصفتها جهازا مستقلا منصب لدى رئيس الجمهورية من حيث هو حامي الدستور والحقوق الاساسية للمواطنين والحريات العامة. والنص هذا جاء على وجه الخصوص بمزيد من الشفافية في انتقاء اعضاء اللجنة الوطنية الذين يعينهم رئيس الجمهورية بعد ترشيح تنظر فيه مسبقا تشكيلة تتألف من عدد من القضاة السامين تتولى التأكد من أن هؤلاء تتوفر فيهم المقاييس التي يشترطها القانون من كفاءة أكيدة واخلاق عالية واهتمام بحماية حقوق الانسان وصيانة الحريات العامة. ولدى تدخله حول الملف هذا ذكر رئيس الجمهورية بأن الشعب الجزائري المتمسك بقيمه الذاتية والذي ضحى تضحيات جسام في سبيل استعادة حقه في الحرية وقد أحل غذاة إسترجاع استقلاله مسألة حق المواطن في الكرامة والتنمية والأمن محل الأولوية الدائمة. التحولات التي شهدتها الجزائر جاءت لتعميق وترقية واحترام حقوق الانسان واستطرد رئيس الدولة قائلا: »إن التحولات التي شهدتها الجزائر خلال العقود الأخيرة جاءت لتزيد رسوخا مبدأ احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية. وتعميق ترقية واحترام حقوق الانسان هو ما دأبنا على تحقيقه طيلة عقد كامل من الزمن وعلى كافة الأصعدة من خلال تعزيز الأمن والسلم من خلال المصالحة الوطنية واصلاح العدالة والجهود المبذولة من اجل التنمية البشرية«. بعدها دعا رئيس الجمهورية اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان وحمايتها الى بذل المزيد في مناطق البلاد الداخلية ضمن المهمة الموكلة لها قانونا والى مزيد من التفاعل على الساحة الدولية لاسيما مع منظومة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة من اجل التعريف بالحقائق والتقدم الذي حققته بلادنا في مجال حقوق الانسان. إثر ذلك تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مرسوما رئاسيا يتضمن نموذج قانون أساسي للمراكز الثقافية الجزائرية بالخارج. والنص هذا يجسد عزم رئيس الدولة على جعل هذه المراكز محطات لإشعاع الثقافة الوطنية بالخارج الى جانب توظيفها توظيفا أنجع في توطيد الصلات الثقافية بين الجالية الوطنية المقيمة بالخارج و وطنها الجزائر. من هذا الباب و طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية ستصبح المراكز الثقافية الجزائرية بالخارج ملحقة بوزارة الشؤون الخارجية وسيتم تزويدها بمجلس إدارة يضم مختلف القطاعات المعنية وعلى الخصوص الوزارات المكلفة بكل من الثقافة والجالية الوطنية في الخارج والتربية الوطنية. هذا ولقد خول للمراكز الثقافية هذه فتح ملحقات من اجل تعزيز ترقية الثقافة الوطنية بالبلدان حيث تقام ومن اجل التقرب اكثر من الجالية الوطنية المقيمة بالخارج الجزائر تعمل على إعادة الاعتبار لثقافتها الوطنية العريقة وعلى الاسهام في الحوار البناء بين الثقافات واغتنم رئيس الدولة مناسبة الموافقة على النص هذا مسجلا أن الجزائر المنشغلة اليوم بعد استعادة السلم بمعركة اعادة البناء الوطني تعمل أيضا على اعادة الاعتبار لثقافتها الوطنية العريقة وعلى الاسهام في الحوار البناء بين الثقافات والحضارات العالمية. وأضاف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة »هذه بالذات احدى الغايات التي توخيت من التظاهرات الثقافية الكبرى التي نظمتها بلادنا خلال السنوات الأخيرة سواء أتعلق »بسنة الثقافة الجزائرية بفرنسا« أم بالمهرجان الثقافي الافريقي الثاني الأخير أو بتظاهرة »تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية« التي تجري سنة 2011 ومن المنظور هذا ذاته نعتزم بفضل المراكز الثقافية في الخارج مواصلة ترقية ثقافتنا عبر أصقاع العالم والتعريف بالوجه الحقيقي للجزائر بلد الحضارة وتقاليد التسامح وحسن المعاشرة«. وإذ ألح على الدور الذي ينبغي للمراكز الثقافية بالخارج الاضطلاع به في سبيل تعزيز الصلات الثقافية وروابط الهوية مع مواطنينا المغتربين أمر رئيس الدولة الحكومة بالسهر على بعث دينامية حقيقية في المركز الثقافي الجزائري الموجود بباريس ومباشرة فتح المركز الثقافي الجزائري بالقاهرة. إنشاء مجلس استشاري للجالية الوطنية بالخارج هذا وتناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مرسوما رئاسيا يتضمن إنشاء المجلس الاستشاري للجالية الوطنية بالخارج. يعكس إنشاء المجلس هذا الذي أعلنه رئيس الجمهورية في الربيع الفارط العزم على تطوير حوار دائم مع الجالية الوطنية بالخارج بخصوص تحديد البرامج والأنشطة الكفيلة بتعزيز الصلات مع أبناء الوطن المغتربين وترقية إسهامهم في التنمية الوطنية. سيضم المجلس الموضوع تحت سلطة رئيس الجمهورية ستة وخمسين (56) ممثلا عن الجالية الوطنية بالخارج يتم انتخابهم أثناء جلسات وطنية من بين المشاركين المخولين وثلاثة وثلاثين (33) ممثلا عن الإدارات والمؤسسات العمومية إلى جانب خمس (5) شخصيات يعينها رئيس الدولة من بين الوجوه المشهود لها بالكفاءة والإلتزام بالمسائل ذات الصلة بالجالية الوطنية بالخارج. المجلس الاستشاري سيكون منتدى للتشاور من أجل توثيق الصلات بين مغاربينا وبلادهم وفضلا عن الدورات العامة العادية ستكون للمجلس لجان دائمة مكلفة بالكفاءات الوطنية المقيمة خارج الوطن والبحث العلمي وبمسائل الاقتصاد والاستثمار وبالشبيبة والتضامن الوطني والأسرة وبالنشاطات الثقافية واخيرا بالاتصال والاعلام. بخصوص هذا الملف استهل رئيس الدولة حديثه بتوجيه التحية للجالية الوطنية بالخارج وذكر بالتزامها الثابت على الدوام بدءا بمشاركتها في كفاح التحرير الوطني واسهامها في اعادة بناء الجزائر المستقلة ووصولا الى عهد قريب عند كل محنة واجهها الوطن . وأكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه »من أجل توثيق الصلات بهذا الجزء من الآمة الذي لا يتجزأ عنها حقا وصدقا ارتأينا إنشاء المجلس الوطني هذا الذي ليس المتوخي منه أن يحل محل الحركة الجمعوية الخاصة للجالية الوطنية بالخارج ولا أن يعفى السلطات العمومية لا من مسؤولياتها ولا من مهامها تجاه هذه الجالية«. وأضاف رئيس الدولة أن المجلس هذا سيكون منتدى للتشاور من اجل توثيق الصلات بين مغتربينا وبلادهم والتحسين المستمر للخدمة العمومية التي تقدمها الدولة لرعاياها في الخارج لاسيما في إطار الحماية القنصلية وكذا ترقية اسهام الكفاءات والطاقات الوطنية المغتربة في تنمية الجزائر في المجالات العلمية والاقتصادية وغيرها. وأوعز رئيس الجمهورية للحكومة بتعجيل إجراءات تنصب المجلس هذا ملحا على ضرورة ضمان التمثيل الحقيقي في الجلسات الوطنية التي ستتولى انتخاب ممثلي الجالية الوطنية بالخارج بكل حرية ومشيرا إلى أنه »يأمل أن يكون المجلس فضاء للتقارب بين ابناء الجالية الوطنية بالخارج بفضل اللقاءات التي تجمع ممثليها القادمين من مختلف مناطق العالم بما يوفر فرصة لتبادل التجارب والتعامل الوطني«. معهد جزائري للمناجم يكون مقره بتمنراست وواصل مجلس الوزراء أعماله متناولا بالدراسة والموافقة مرسوما رئاسيا يتضمن الموافقة على عقود استغلال المحروقات المبرمة بمدينة الجزائر في 15 يوليو 2009 بين الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط) شركة سوناطراك. بعد ذلك استمع مجلس الوزراء إلى عرض حول انشاء المعهد الجزائري للمناجم من قبل وزارة الطاقة والمناجم. إن المؤسسة هذه التي سيكون مقرها بتمنراست ستوفر تكوينا متخصصا للتقنيين السامين والمهندسين في مختلف مجالات قطاع المناجم وسيسهم في التكوين المتواصل ورسكلة وتحسين مستوى الاطارات والتقنيين العاملين وفي البحث التطبيقي في مجال المناجم. ويأتي إنشاء المعهد هذا ليدعم عملية اعادة تنظيم المؤسسات العمومية التابعة لقطاع المناجم في مجمع صناعي تابع لوزارة الطاقة والمناجم . وسيسهر المجمع هذا الذي تستفيد من التأطير والوسائل والموارد اللازمة إما مباشرة وإما من خلال الشراكة مع مجموعات دولية رفيعة المستوى على تطوير الصناعات المنجمية وعلى تثمين الإمكانات المنجمية الهامة التي تزخر بها البلاد. واذ أبدى رئيس الجمهورية موافقته على انشاء المعهد هذا أعرب عن اغتباطه لجعل مقره بتمنراست داعيا بقية القطاعات العمومية الى اقامة مؤسسات التكوين العليا الجديدة مستقبلا بمناطق البلاد الداخلية . وأكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على أن »مثل هذا المنهاج الذي يتمم التعميم التدريجي للجامعات والمعاهد الجامعية في جميع الولايات يشكل عاملا من عوامل توزيع التنمية الاقتصادية والعلمية على سائر التراب الوطني«. كما أمر رئيس الدولة بمنح كل الأهمية اللازمة لتطوير قطاع المناجم من اجل خلق الثروات والوظائف الاضافية وتنويع صادرات البلاد واوصى من جهة اخرى بإرفاق ذلك بأكبر قدر من الادماج والتحويل محليا. وذلك لمضاعفة القيمة المضافة التي يستفيد منها الاقتصاد الوطني . من جهة أخرى استمع مجلس الوزراء لعرض حول اعادة تهيئة التنظيم المطبق في مجال التعمير والبناء. ستتيح اعادة التهيئة هذه مستقبلا انجاز المرافق أو البناءات بالتجزئة مع الحصول على شهادة المطابقة الخاصة بها والقيام بصيغة التجزئة كذلك باستكمال اشغال البناء مع الحصول على رخصة البناء المطلوبة وتسمح أخيرا بشغل جزء من بناية او من عدة بنايات في نفس المشروع . إن الأمر يتعلق بتغييرات تهدف في الآن ذاته إلى ضمان احترام أحكام قانون 10 يوليو 2008 المتعلق بتطابق البناءات واتمامها في الآجال المحددة والى تسهيل مهمة المواطنين المطالبين بالوفاء بالتزاماتهم . تزويد السوق مضمون بفضل الانتاج الوطني والاستيراد والاسعار مستقرة واستمع مجلس الوزراء الى عرض قدمه وزير التجارة حول ضبط ومراقبة السوق خلال شهر رمضان المبارك . واتضح منه انه فيما يخص مواد البقالة لاسيما منها اصناف الدقيق والطحين والزيوت الغذائية والحليب فإن تزويد السوق مضمون بفضل الإنتاج الوطني او الاستراد وبأسعار مستقرة . اما بالنسبة للخضر والفواكه واللحوم فان الإنتاج يغطي الحاجات تغطية كافية إلا أن ارتفاع الطلب مقرون بممارسات المضاربة أدى الى زياردات ظرفية في الاسعار ليس لها أي مبرر اقتصادي. يجب على الأئمة توعية المواطنين والمنتجين الفلاحين والمربين وأمام هذه الوضعية وزيادة عن تكثيف النشاط التحسيسي باتجاه التجار فان الادراة المسؤولة عن التجارة قد تتجند على الدوام لمراقبة النظافة والجودة ومحاربة الممارسات التجارية غير القانوينة. وعقب النقاش الذي دار حول هذا الملف لاحظ رئيس الجمهورية أنه في ظل الظروف الحالية ظهر قصور التحكم في تنظيم السوق لاسيما خلال شهر رمضان المبارك بالنظر الى مفعول التحرير المنفلت عن الرقابة لشبكات التوزيع والذي تفاقم ظرفيا على وجه الخصوص بسبب المضاربة والممارسات الطفيلية ملحقا الضرر بالمواطنين ومتنافيا مع البعد الروحي للشهر الفضيل. وصرح رئيس الدولة قائلا: »لن أقبل في المستقبل التذرع باية قاعدة لحرية التجارة لتبرير ضعف قدرة الدولة على فرض ممارسات تجارية نزيهة وعلى قمع ممارسات المضاربة المضرة بالمواطنين. فلتوفر لمصالح الرقابة التجارية الوسائل اللازمة على أن تلزم بتحميل مسؤولياتها كاملة واسترجاع مقاليد التحكم في الأوضاع«. وختم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قائلا: »إن وضعية السوق التي يواجهها مواطنونا كلما حل شهر رمضان الكريم إنما تستوقف أطرافا اخرى منها الأئمة الذين يجب عليهم توعية المواطنين والمنتجين الفلاحين والمربين هؤلاء الذين يتعين عليهم مقابل المساعدات الهامة التي تمنحها لهم الدولة السهر على رفع انتاجهم والمساهمة أكثر في تموين السكان بأسعار عادلة بما في ذلك عن طريق اقتحام مجالي الضبط والتوزيع«. هذا واختتم مجلس الوزراء أعماله بالموافقة على عقد بالتراضي يخص إقامة منظومة معلوماتية لمحاسبة التسيير في المستشفيات.