تعد الخيانة الزوجية من أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى هدم الاسرة وتشتت أفرادها، وإلى وقت قريب كانت الخيانة صفة متأصلة بالرجال، وفي المقابل تواجهها الزوجة بالصبر والتكتم بغية الحفاظ على الاسرة خاصة بوجود الأبناء، لا سيما وأن المجتمع لا يفسح المجال للمرأة بالرجوع إلى بيت أهلها .. إلا ان ما يحدث اليوم في ظل العولمة كما فسره البعض من رجال القانون والتطور التكنولوجي الحاصل، ناهيك عن تحرر المرأة بخروجها للعمل، كلها عوامل دفعت ببعض النساء إلى اكتساب هذه الصفة علنا واعتبارها عاملا من عوامل التحرر وسلاحا تنتقم به من الزوج الخائن. يكشف الواقع المعاش اليوم عن الانتصارات الكبيرة التي حققتها المرأة على الصعيد الشخصي والمهني، حيث تكاد تتواجد في جميع القطاعات. كما أصبحت تتقلد مختلف المناصب بما في ذلك المناصب التي كانت فيما مضى حكرا على الرجال .. وبتالي فالمرأة اليوم تتمتع بحيز من الحرية وقدرة على إثبات الذات أكثر مما مضى... إلا ان هذا التحرر اعتبره البعض من رجال القانون نقمة سجلت من خلاله المرأة نوعا من التعادل في قضايا الخيانة الزوجية بأروقة المحاكم بعدما كان الرجل يتربع على عرش الخيانة الزوجية بالمحاكم.
التطور التكنولوجي حقق التعادل بين الزوجين في الخيانة من خلال احتكاكنا ببعض رجال القانون بمحكمة عبان رمضان ثبت لنا ان المحاكم تكشف عن تساو في عدد قضايا الخيانة الزوجية من كلا الطرفين، والتي يرجعها بعض القانونيين إلى شعور الرجل بالملل من الحياة الزوجية وإلى غياب الوازع الأخلاقي. ومن جانب المرأة إلى تحررها بخروجها إلى العمل واحتكاكها بعالم الرجال حيث يحدثنا (سمير. ش) وهو محام معتمد لدى المحكمة في الموضوع قائلا ''لم تعد الخيانة الزوجية مرتبطة بالفقر أو الثراء بل هي مسألة أخلاقية بالدرجة الأولى''، ويضرب المتحدث مثلا في الموضوع فيقول ''أتولى المرافعة في قضية سيدة أودعت الحبس بسبب الخيانة الزوجية حيث كشفت لي عن الدافع الذي جعلها تسلك هذا الطريق والمتمثل في الرغبة في الانتقام من زوجها الذي كان شخصا ميسور الحال تزوجت منه وكونت أسرة. وبعد مدة اكتشفت ان زوجها كان منحرفا ومحبا للنساء اذ كان يأتي بهن إلى منزله بما فيهن صديقاتها. وبعد ان اتهمته بالخيانة الزوجية أودع السجن. وفي المقابل رغبت هي الأخرى في الانتقام منه بطريقتها الخاصة، فما كان منها إلا أن سعت لخيانته بالبيت الزوجي كنوع من الثأر، فانتهى بها الحال وراء القضبان''، وبالتالي يقول محدثنا إن الخيانة سببها غياب الوازع الأخلاقي والديني الذي جعل مثل هذه القضايا تكثر في مجتمعنا''، بينما حدثتنا المحامية دلال تلامسي قائلة ''لطالما عرف الرجل بالخيانة نتيجة لرغبته في إشباع غرائزه وعدم اكتفائه بما يؤمنه له الرابط الشرعي، لا سيما في ظل ارتفاع العنوسة الذي جعل بعض النساء لا يكترثن للرجل إن كان متزوجا أم لا، وفي المقابل عند الحديث عن خيانة الزوجة نستطيع القول بحكم ما يعرض علينا من قضايا إنها نتاج بحثها الدائم عن المساواة ورغبتها في أن تعيش كامل حريتها والتخلص من واجباتها القائمة على الحفاظ على الأسرة وإخفاء عيوب الزوج حتى الخيانة، وبالتالي هي اليوم من منطلق المساواة تطبق قاعدة ''تخوني نخونك'' حيث جهرت بالخيانة كرد فعل من باب التحرر والمساواة.
صعوبة إثبات الواقعة شجع على الخيانة الزوجية من الطرفين حتى يقوم أحد الزوجين باتهام الطرف الثاني بالخيانة لا بد من تقديم إثبات مادي لا يدع مجالا للشك، بحيث تقدم صور عن واقعة الخيانة، أو يشهد على الخيانة أربع شهود، أو يتم القبض على الخائن في حال تلبس بحضور المحضر القضائي أو بإقرار الخائن أو الخائنة، وهي عموما شروط تعجيزية تجعل إثبات واقعة الخيانة صعبة، وفي كثير من الأحيان تتحول القضية من قضية خيانة زوجية إلى قضية قذف، لذا يحدثنا بعض رجال القانون عن ضرورة مراجعة بعض النصوص فيما يتعلق بقانون العقوبات من أجل تشديد بعض العقوبات، خاصة ما يعلق بالخيانة الزوجية التي لا تزيد مدة العقوبة فيها عن خمس سنوات، من جهة أخرى اعتبر البعض الآخر من رجال القانون صعوبة إثبات واقعة الخيانة بمثابة التغطية لأعمال الخيانة من الجانبين، فمثلا قد يجلس الرجل لساعات طويلة وهو يدردش مع العديد من نساء العالم دون الاكتراث بمشاعر زوجته، وقد تتحول الدردشة إلى علاقات جنسية من خلال ربط العديد من المواعيد، وقد يخرج الرجل لقضاء بعض الوقت مع زميلاته في العمل وتتجاوز الجلسة حدود الزمالة، وهذه كلها في واقع الأمر تعد خيانة لثقة الزوجة والرابط الزوجي، إلا أن هذه الظواهر لا يعاقب عليها القانون إلا إذا بلغت حد الزنا بما يثبتها، فإن غاب الدليل لا وجود لخيانة زوجية في نظر القانون، ونفس الأمر ينطبق على المرأة التي قد تتواجد ببعض الأماكن المشبوهة أو تجالس بعض الناس بأماكن معزولة رغم كونها متزوجة، لذا ينادي بعض رجال القانون بضرورة مراجعة بعض نصوص القانون المتعلقة بالخيانة الزوجية وتشديد العقوبات.
الخيانة الزوجية كما يراها علم النفس تكون الخيانة الزوجية نتيجة لسوء التوافق الزواجي الذي يعرف من خلال المقياس النفسي الخاص بالتوافق الزواجي، الذي بدوره يؤدي إلى سوء التوافق الجنسي نتيجة غياب الحوار الأسري الفعال والصريح بين الزوجين، ويقول شريف مرشدي أستاذ في علم النفس بجامعة بوزريعة إن غياب جلسات التأهيل الزواجي عند الطرفين قبل الزواج مسؤول عن وقوع الخيانة الزوجية، إذ يتصور الطرفان الحياة الزوجية أنها الحياة المثالية الخالية من العراقيل والمشاكل إلا أن الزواج يكشف لهم عن واقع غير منتظر وبالتالي تطفو إلى السطح بعض التصرفات التي تدفع بأحد الطرفين أو كلاهما إلى الخيانة الزوجية تبعا لشخصية كل واحد منهما، فمثلا قد تكون شخصية الزوج مضطربة وتعاني من مشاكل نفسية، كأن تكون شخصية غير اجتماعية كالتي تمتاز بعدم الامتثال للقوانين ولعادات المجتمع التي تحث مثلا الزوج على عدم الخيانة من منطلق أنه متزوج، إلا أنه بشخصيته الضدية يقوم بعكس المطلوب منه - ويضيف المتحدث - أنه إلى جانب عدد كبير من الانحرافات الجنسية في علم النفس والتي نسميها ''بأمراض النفس'' كوجود بعض الرجال الذين يعانون من انحرافات جنسية، وكلها عموما عوامل مغذية للخيانة الزوجية كأن يشعر الرجل مثلا ان زوجته ليست على قدر كبير من الأنوثة او الجمال نتيجة تأثره بوسائل الإعلام او بحكم احتكاكه ببعض الزميلات في سوق العمل من اللواتي يتمتعن بشخصية استعراضية فيلجأ إلى المقارنة السلبية. وهو نفس الشيء بالنسبة للمرأة التي تبحث عما يفتقده زوجها في الغير كرئيسها في العمل او في الشارع والنتيجة هي ولوج عالم الخيانة بدافع المقارنة السلبية''. والى جانب المشاكل أو الأمراض النفسية حدثنا الأستاذ مرشدي عن جملة من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى الخيانة الزوجية والتي حصرها في هشاشة القيم والمبادئ الأخلاقية لكلا الطرفين، وكذا تغير الأدوار في المجتمع بعدما اكتسحت المرأة معظم المناصب حتى الرجالية منها، ناهيك عن السفر بغية العمل ما يدفع بالرجل إلى الخيانة لتغطية رغبة أو شهوة عابرة، بينما تسعى المرأة في ظل الفراغ والشعور بعدم الحماية إلى الخيانة ايضا، فضلا عن نقص الوازع الديني عند عامة الناس. لذا يقول أستاذ علم النفس انه في ظل تنامي الظاهرة بالمجتمعات العربية خاصة من جانب النساء لا بد من تحفيز المساجد من اجل تذكير الناس بأهمية التقيد بالوازع الديني والأخلاقي على اعتبار ان الدين هو أهم كابح للشهوة الجنسية في غير محلها. إلى جانب فتح المجال لإقامة جلسات لتأهيل الزوجين بطريقة علمية قبل بناء علاقة زوجية بأطرها الشرعية لتجنب الوقوع في الحرام والعمل على التوعية.