يشهد شارع علي عمار ببلدية القصبة وسط العاصمة في هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن المولد النبوي الشريف حركة دؤوبة يصنعها تجار المفرقعات، حيث أصبح سوق "جامع ليهود" قبلة الزبائن القادمين من مختلف أنحاء العاصمة وحتى بعض المناطق المجاورة لاقتناء مختلف أنواع الألعاب النارية، التي أصبح عرضها الروتيني بالقصبة السفلى يقلق السكان الذين يعتبرونها برميل بارود كبير لم يجد من يزيله· وإذا كانت احتفالات الشعب الجزائري بذكرى المولد النشبوي الشريف مسألة تبعث على الفرح إلا أن المبالغة في مظاهر الاحتفال تكاد تفقد هذه الذكرى السعيدة معانيها السامية، فآلاف الأطنان من المفرقعات أصبحت تغزو الأسواق والأرصفة قبل حلول المولد، ومع اقتراب يوم المولد النبوي، فبالرغم من القوانين الواضحة التي تمنع استيراد وتسويق المفرقعات، إلا أن الألعاب النارية باختلاف أنواعها تعرض اليوم للبيع على الأرصفة دون مراعاة ما يمكن أن تتسبب فيه من الأضرار الجسدية، فالسلع المعروضة اليوم في الأسواق ليست مفرقعات فحسب، وإنما أشبه بالقنابل، بالنظر للدوي الهائل الذي تحدثه، فهناك نوع ينفجر بسرعة، وآخر يتصاعد في السماء قبل ان ينفجر، وثالث ينفجر على مرتين وتنبعث منها ألوان قبيل الانفجار، بل ويمكن حتى العثور على "صواريخ" تطلق في السماء ألعابا نارية بعد انفجارها، ويبلغ طولها مترا تقريبا، ويصل سعرها إلى 500 دينار للوحدة، وتبقى أسعارالأنواع الأخرى تتراوح بين 150 و600 دينار، فيما تبقى المفرقعات ضعيفة المفعول في متناول الجميع، لكن ذلك لم يمنع من أنها نجحت في جلب الكثير من الزبائن· ويكفي المرور عبر سوق ''القصبة السفلى'' للوقوف على الكمية الهائلة من المفرقعات، حيث تعرف الشوارع الضيقة للسوق في هذه الأيام حركة دؤوبة طوال النهار وحتى ساعة متأخرة من المساء، والأمر لا يتعلق أساسا بأشخاص جاؤوا يقتنون مفرقعات أو شموعا للاستهلاك الخاص، وإنما بمراهقين أيضا يأتون من مختلف أحياء العاصمة لاقتناء السلع المعروضة بالجملة قصد إعادة بيعها بالتجزئة، لكن الملاحظ هذا العام هو ندرة طاولات "الموزعين" عبر مختلف أحياء العاصمة، خاصة منها الشعبية، مثل شارع محمد بلوزداد وبحسين داي أيضا ومختلف أحياء العاصمة التي تحوّلت في السنوات الماضية سوقا لبيع المفرقعات، وذلك راجع إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمنع الباعة الطفيليين· السكّان يتساءلون والبلدية تبرّر وفي هذا السياق يتساءل سكان الحي العتيق عن غياب الجهات المعنية المسؤولة عن إزالة مثل هذه المخاطر التي تحدق بالمواطنين، على غرار الأحياء الواقعة بالبلديات الأخرى، رغم شكاويهم المتكرّرة لمصالح البلدية التي بدورها تؤكد مصادر منها أنها تراسل في كل مرة الجهات المكلّفة بحجز هذه الممنوعات، إلا أن الأمر يبقى على حاله، ويذكر أحد السكان بالحريق الذي تعرضت له العديد من طاولات المفرقعات في أفريل 2005 التي كبدت أصحابها قرابة ال 200 مليون، وكادت تحدث الكارثة لولا تدخل النسوة اللواتي أنقذن الموقف برميهن الماء من على الشرفات· والواضح هو أن تجارة المفرقعات والألعاب النارية تدرّ أرباحا تصل إلى الملايين بالنسبة للباعة الصغار، فما بالك بالنسبة للمستوردين الذين يقومون بجلبها بملايير الدينارات ضاربين بذلك بالقانون عرض الحائط، علما بأنه في كل سنة تترتب عن هذه المفرقعات إصابة مواطنين، أغلبهم أطفال، بجروح متفاوتة الخطورة ولكن أحيانا جسيمة·