''القوربي يا صديقي'' هي المسرحية الأولى للفرقة المسرحية ''قوسطو تياتر''، التي ستعرضها بحلّتها الكاملة ضمن برنامجها ''مقهى السعادة'' والذي يضم عملين مسرحيين آخرين هما ''وكالة هناك'' و''رانا هنا''. بعد أن قدم مسرح ''قوسطو تياتر'' مسرحيته ''القوربي يا صديقي'' في رمضان الفارط، ها هو اليوم يعود إلينا بعد أن أضفى على عرضه المزيد من التفاصيل والتعديلات ليخرجه في حلّة جديدة ومنقحة، تأخذنا مرة أخرى إلى الزمن الجميل، حيث كانت العروض المسرحية و''السكاتشات'' تقام في المقاهي وتعرف إقبالا كبيرا من الجمهور. واختار مخرج العرض، الفنان زياني شريف عياد، العودة إلى تقنيات العرض التي كانت معروفة في عهد الاحتلال، حيث كان سيد علي فرنندال ورويشد وآخرون يقدمون أجمل ما جادت به قريحتهم، أمام جمهور يلجأ إلى هذه الفضاءات لأكثر من سبب، فقرر تقديم عمله في الهواء الطلق وسط الجمهور مثل أيام زمان. وقد كانت المقاهي في زمن الاستعمار الفرنسي ملجأ الكثير من الجزائريين، بغرض الاستمتاع بالعروض المسرحية والغنائية التي تقدم في مثل هذه الفضاءات، فلا يكون شرب القهوة ممتعا حقا إلا إذا صاحبته لذة من نوع آخر، تتمثل في التجاوب مع عرض فني يحكي هموم الشعب بصفة عامة، خاصة إذا جاء بطريقة هزلية مضحكة. وهكذا تحولت الكثير من المقاهي في ذاك الزمن، علاوة على كونها فضاء للتلاقي يتم فيها تبادل المعلومات والحديث عن مستقبل البلد، إلى أماكن للمرح والتسلية، وهو ما أراد العمري كعوان كاتب العمل رفقة المخرج زياني، تطبيقه في مسرحية ''قوسطو تياتر''، فعادا بنا إلى أيام زمان، حيث الحنين والشوق إلى الحميمية وروح الدعابة التي كانت سائدة عند الجزائريين رغم قساوة الوضع آنذاك. وتم في هذه المسرحية التي مثل فيها كل من العربي كعوان، نور الدين سعداوي، محمد بوالق وخليل عون، تجسيد شخصيات مختلفة، هي شخصية صاحب المقهى، وهو رجل عصبي لا ينفك عن الحنين إلى الماضي، كما انه يتمسك بالقيم الاجتماعية التي علّمها له والده ولكنه يجد نفسه في مواجهة عصرنة بقيّم خاصة به فيصاب بالحزن أمام التناقضات التي يعيشها يوميا. أما الشخصية الثانية في العمل، فهي لفنان تمسك بأصالة الفن حتى في لباسه الذي اتسم بالأناقة ولكنه عكس صاحب المقهى، اختار الصمت على التذمر من التغيرات التي تحدث في العالم والتي لم يستطع التكيف معها، ولكنه في نفس الوقت يحلم بتقديم وصلاته الغنائية في فضاء موسيقي بحت وليس في مقهى. الشخصية الثالثة هي شخصية النادل الذي لا يفكر إلا في شيء واحد ووحيد، متمثل في ''الحرقة''، أي الهجرة غير الشرعية، وهذا بعد أن أغلقت في وجهه أبواب الأحلام، فلم تعد لحياته معالم يستند إليها وتدفعه إلى الأمام... إلى الحياة. أما الشخصية الرابعة فهي شخصية الزبون الذي أجهضت أحلامه من مهدها، فاختار التهكم على واقعه حتى لا ينهار، وهاهو يبكي حينا ويضحك أحيانا أخرى، وكأنه تحدى واقعه بالسخرية من هذا العالم الذي لم يفهمه، بالإضافة إلى الثرثرة التي أصبح يتسم بها فهو لا يتوقف عن التعليق والحديث حتى ولو تسبب ذلك في إزعاج الآخرين. للإشارة، ينظم طاقم العمل ندوة صحفية اليوم بالمركز الثقافي عيسى مسعودي للإذاعة الوطنية، كما سيتم عرض المسرحية بقصر الثقافة يوميّ الأربعاء والخميس القادمين في السابعة مساء والخميس والجمعة في الثالثة بعد الظهر، كما سيقدم نفس العمل الأحد المقبل بالمركز الثقافي للإذاعة في السابعة والنصف مساء.