أخذت مسألة تشغيل الشباب حيزا كبيرا في اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس، وذلك في إطار مساعي استحداث تصور جديد يدخل في إطار استراتيجية تفعيل الإجراءات الرامية إلى امتصاص البطالة في المجتمع وإرساء آلية اقتصادية من شأنها أن تعطي دفعا جديدا لعجلة التنمية في البلاد. ولعل أبرز ما تتضمنه التدابير التحفيزية لصالح الشباب هو القروض الاستثمارية من خلال زيادة تثمين الآليات لتشجيع الراغبين في إنشاء نشاطات ومناصب شغل لأنفسهم بواسطة الاستثمار المصغر، إذ سيستفيد المترشحون للاستثمار المصغر في إطار الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للبطالة من الآن فصاعدا من مجموعة من التشجيعات، منها تخفيض إسهامهم الشخصي في تمويل الاستثمار وذلك (من 5 بالمائة إلى1 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي لا تتجاوز 5 ملايين دينار ومن 10 بالمائة إلى2 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي تصل إلى 10 ملايين دينار)، مع توسيع الحد الأقصى لنسب الفوائد الميسرة على القروض البنكية (ويبلغ80 بالمائة في الشمال و95 بالمائة في الجنوب والهضاب العليا). فقد تقرر مثلا منح قرض إضافي بلا فوائد بقيمة 500.000 دج عند الاقتضاء لتأجير محل يستغل في النشاط أو لحيازة مركبة تتم تهيئتها في شكل ورشة في حالة النشاط المهني الممارس من قبل خريجي التكوين المهني ومنح قرض إضافي بلا فوائد بقيمة 1 مليون دج عند الاقتضاء لتأجير محل يستغل كعيادة طبية أو مكتب هندسة معمارية أو مكتب محاماة أو غيره لاثنين على الأقل من حملة الشهادات الجامعية، وتمديد فترة مؤجل دفع الفوائد بسنة واحدة ومؤجل تسديد أصل القرض البنكي بثلاث سنوات. وتقرر أيضا رفع قيمة القرض بلا فوائد الموجه لاقتناء المادة الأولية من 30 ألف إلى 100 ألف دينار، وهي الآلية التي تسجل إقبالا كبيرا في أوساط النساء الماكثات في البيوت اللواتي يمارسن نشاطا لتحسين الدخل العائلي، علاوة على رفع قيمة القرض الموجه لاقتناء أدوات بسيطة وتجهيزات بغرض مزاولة النشاطات اليدوية. كما تم رصد مخصص مالي سنوي إضافي بقيمة ملياري دج خلال 2011 و2012 برسم البرامج البلدية التنموية من أجل تهيئة ''أسواق جوارية'' في المحلات والأحياء الحضرية موجهة لاستقبال الشباب الذي يمارس نشاطا تجاريا غير رسمي. وقصد تحسين آليات الإدماج في عالم الشغل، فقد تقرر أيضا إدخال جملة من التحسينات على آليات الإدماج في عالم الشغل أو المناصب المؤقتة بالنسبة للمتخرجين الجامعيين والتقنيين السامين والمترشحين للإدماج المهني، سواء على مستوى الإدارات العامة أو المتعاملين الإقتصاديين، إلى جانب إلغاء جميع الشروط المتعلقة بالنشاطات التجارية الموضوعة لاستفادة الشباب من المحلات المنجزة في إطار برنامج ''100 محل في كل بلدية''. وبلا شك فإن تحقيق الأهداف المرجوة من سياسة التشغيل تبقى مرهونة بتفعيل آليات الدعم الاقتصادية، وعليه جاءت الإجراءات الإضافية للصبو إلى الأهداف المنشودة من خلال التخفيف من أعباء أرباب العمل لحملهم على فتح مؤسساتهم للشباب الباحث عن الشغل. وتتمثل هذه الإجراءات في رفع نسبة الإعفاء التي يستفيد منها أرباب العمل في مجال التأمين الاجتماعي والتي تتحملها الدولة لتنتقل من 56 بالمائة إلى 80 بالمائة في ولايات الشمال ومن72 بالمائة إلى90 بالمائة في ولايات الهضاب العليا والجنوب، وكذا تحسين شروط استعمال الآليات العمومية لتسهيل إدماج طلاب الشغل لأول مرة وذلك حسب القطاعات. وفي سياق تشجيع القطاعات التي تشكل خزانا حقيقيا في توفير مناصب الشغل فقد حظي قطاع الفلاحة بقرارات تحفيزية، كرفع مساحة المستثمرة الفلاحية ب5 و10 هكتارات حسب المنطقة، مع تطبيق تخفيضات على إتاوة الامتياز المحددة للاستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل استصلاح المحيطات الفلاحية الواسعة من قبل متعاملين اقتصاديين جزائريين مهتمين على أساس دفتر أعباء، وتوسيع المساعدات العمومية لاستصلاح الأراضي لتشمل ملاك الأراضي الخاصة، على أساس دفتر أعباء يخص نوع المنتوج الفلاحي الواجب تطويره، وكذا منح قروض ميسرة بمبلغ لا يتجاوز 100 مليون سنتيم عن كل هكتار من أجل استصلاح الأراضي وإنشاء مستثمرات. إن الحفاظ على ديناميكة هذه القطاعات الحيوية يقتضي ضمان تحسين تمويل الاستثمار، وعليه فقد اتخذ اجتماع مجلس الوزراء جملة من القرارات بقيام الخزينة العمومية بوضع خط قرض طويل المدى بقيمة 100 مليار دج قابل للتجديد تحت تصرف البنوك العمومية وتعبئة شركات الاستثمار التي انتهت البنوك العمومية من إنشائها لتسيير أموال الاستثمار الولائية وترقية مشاركتها في مرحلة أولى في رأس مال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب في ذلك، بالاضافة إلى إطلاق شركات عمومية للبيع الإيجاري ابتداء من مارس 2011 لتخفيف تكاليف بيع التجهيزات بالإيجار لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الراغبة في اللجوء إلى هذا الجهاز، مع تنشيط الآليات القائمة المعتمدة لضمان القروض المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتخفيف الإجراءات ذات الصلة بمساعدة السلطة النقدية. وقد حرص رئيس الجمهورية خلال الاجتماع على دعوة الحكومة لمواصلة مسار الدمج والتنسيق بين أجهزة دعم الاستثمار المصغر والإدماج المهني والتشغيل المؤقت الذي تمت مباشرته، وطالب الإدارات والمؤسسات المالية بتنفيذ كافة هذه الإجراءات ب''فعالية'' مع إحداث ''شباك فريد'' لكافة هذه الآليات.