لأن موضوع الخيانة الزوجية الذي تطرقت إليه''المساء'' مؤخرا، يعتبر من ''الطابوهات'' التي بدأت تنخر الأسر الجزائرية وتشتتها، الأمر الذي دفع ببعض الباحثين في علم الاجتماع الى اختياره كموضوع لرسالة الماجستير، والغرض من ذلك الوصول الى تحقيق هدفين؛ الأول: يتمثل في تحطيم هذا ''الطابو'' الذي لم يعد يخص الرجل وحده وإنما أضحت المرأة تمارسه لعدت اعتبارات.. والثاني: العمل على كشف الأسباب التي تؤدي الى الخيانة الزوجية من اجل الحد منها بإيجاد حلول للأسباب التي تسير بأحد الطرفين الى فخ الخيانة الزوجية... وهو ما قامت به خيرة مرسلاب أستاذة في علم الاجتماع التربوي ومدربة التنمية البشرية، حيث عملت على تأليف كتاب من 318 صفحة تحت عنوان ''الخيانة الزوجية ''. وحول ما تضمنه الكتاب من تشريح لظاهرة الخيانة، حاورت لكم ''المساء'' الأستاذة خيرة في هذه الأسطر. بداية ما هو السبب الذي دفعك إلى اختيار موضوع الخيانة الزوجية كدراسة لرسالة الماجستير؟ أرغب في البداية أن أوضح لكم اني عملت كمساعدة اجتماعية بدور الإيواء التابعة لوزارة التضامن الوطني، كما عملت كمساعدة اجتماعية بمركز الإيواء الكائن بدالي ابراهيم بما في ذلك مركز نساء في شدة، وكذا دار الرحمة ببئر خادم، كل هذا سمح لي بالاطلاع عن كثب على المشاكل الكثيرة التي تعانيها الأسر الجزائرية، خاصة مشكل الخيانة الزوجية، ولأني كنت في طور التحضير لرسالة الماجستير، قررت بحكم تجربتي في العمل الميداني ان اختار موضوع الخيانة الزوجية، فعلى الأقل أسهم في الكشف عن بعض المشاكل التي تؤدي الى الخيانة وأفيد المجتمع بما أصل إليه من نتائج، وبالفعل وفقت بإذن الله تعالى، والفت كتابا حول الخيانة الزوجية بالاعتماد على عينات حية من المجتمع الجزائري. هل واجهت بعض الصعوبات عند شروعك في الدراسة؟ بالفعل، واجهت الكثير من الصعوبات، أولها اني اخترت الموضوع وانا آنسة عزباء لا اعرف عن العلاقة الزوجية إلا بعض الأمور البسيطة، وبالتالي شكل لي الموضوع نوعا من الصعوبة والتحدي، ولأني كنت مدربة التنشئة الاجتماعية وعلى اتصال بهذه الفئات كان لابد علي ان أجد حلولا للمشاكل التي تعاني منها، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى كون موضوع الخيانة الزوجية من ''الطابوهات'' التي لا يجوز الحديث عنها، خاصة ان كانت الأسباب المؤدية الى الخيانة هي الأسباب الجنسية المكتوم عنها، هذا في حد ذاته يعد عائقا، ولعل ما حفزني لاقتحام هذا العالم كوني املك بعض العينات التي اعتمدت عليها في دراستي، دون ان انسى قلة المصادر والمراجع التي تناولت موضوع الخيانة الزوجية بالمجتمع الجزائري، وهو الأمر الذي شجعني وحفزني على إثراء المكتبة، بما من شأنه أن يسهم في ايجاد حلول لبعض المشاكل الزوجية العالقة حتى لا تقع في فخ الخيانة. قلت أنك استعنت بعينات من الوقع، فهل لك ان تحدثينا عنها؟ دراستي كانت ميدانية والعينات التي اعتمدتها كانت حقيقة من واقع المجتمع الجزائري المعيش، إلا اني حصرت دراستي في 24 حالة، منها 12 امرأة و12 رجلا، وذلك لمعرفة أسباب الخيانة الزوجية لكلا الطرفين، ولم اكتف بهذا، بل بعد دراسة الحالات قمت بالسؤال عنها بعد مرور سنة لمعرفة النتائج المتربة عن كل حالة، خاصة وان الحالات التي قمت بدراستها كانت مختلفة عن بعضها. من خلال دراستك لهذه العينات، ما هي في رأيك أهم المشاكل التي تؤدي الى الخيانة الزوجية؟ عند الحديث عن الخيانة الزوجية بالمنظور الاجتماعي، تبرز على السطح التنشئة الاجتماعية التي تساهم حسب دراستي بنسبة 60 بالمئة في الخيانة الزوجية، بينما يعتبر فتور العلاقة الزوجية المسؤول الأول عن الإيقاع بالطرفين في فخ الخيانة الزوجية، اذ يسهم بنسبة 100 بالمئة الى جانب نقص الوازع الديني في العلاقة الزوجية عند كلا الطرفين، ومن الأسباب التي اعتبرها مهمة في الخيانة الزوجية افتقار الطرفين لماهية الزواج وكيفية التعامل بين الزوجين، دون ان ننسى التحرر الذي أصبحت تتمتع به المرأة اليوم، الأمر الذي جعلها تحتك أكثر بالرجال في بعض الوظائف، الى جانب تغير الوظائف الأسرية حيث أصبحت المرأة تعمل داخل وخارج المنزل، ما جعلها تقوم ببعض الأعمال وتهمل أخرى، وبالنتيجة قد تقع هي في الخيانة الزوجية أو تدفع بزوجها الى الخيانة نتيجة ضغط العمل أو اللامبالاة تجاه الواجبات الزوجية، وهنالك سبب آخر اعتبره هاما، وهو سعي بعض النساء الجزائريات الى تقليد المرأة الغربية والنتيجة هي الوقوع في الخيانة الزوجية كتحصيل حاصل للتقليد الأعمى. تحدثت عن فتور العلاقة الزوجية كأهم سبب في الخيانة، ما ذا تقصدين به؟ نقصد بالفتور في العلاقة الزوجية، أي المشاكل الجنسية، كغياب التوافق الجنسي أو النفسي، فمثلا قد يكون الرجل مريضا جنسيا، وفي المقابل تظل المرأة كاتمة صابرة إلا انها قد تجد بعض الإغراءات من بعض الرجال فتقع في فخ الخيانة الزوجية، وبالعكس ايضا قد تعاني المرأة من بعض المشاكل الجنسية فتدفع بزوجها الى البحث عن البديل باللجوء الى الخيانة كأسرع طريق لإشباع النزوة. من خلال حديثك عن الأسباب المؤدية الى الخيانة، هل هذا يعني ان للخيانة الزوجية أشكالا مختلفة؟ بالفعل.. ان ما يجهله البعض من عامة الناس، ان الخيانة الزوجية لا تأخذ شكلا واحد، كما أننا في عصر التكنولوجيا نجد أن هذا التطور أسهم في إعطاء الخيانة الزوجية أوجها مختلفة، ولعل من بين هذه الأوجه اذكر الخيانة الجسمية والخيانة الاسمية والخيانة النفسية والخيانة عبر الهاتف والخيانة عبر الانترنت، فتطور وسائل الاتصال وسهولة التواصل، أسهم في توسيع رقعة الخيانة الزوجية، وقد كان من بين العينات التي درستها الخيانة عبر الهاتف التي تطورت الى خيانة جسدية. بدراستك للعينات، هل يمكنك ان تحددي لنا ان كان هنالك تعادل بين الطرفين في الخيانة؟ ثبت لي بحكم عملي الميداني والاحتكاك بعدد كبير من الحالات التي تقصدنا هروبا من فعلتها، أن هنالك تعادل في الخيانة، فالمرأة اليوم أصبحت تخون شأنها شأن أي رجل وتقدم مقابل ذلك جملة من التبريرات. فقبل الاستقلال مثلا كانت الخيانة الزوجية قليلة، لأن المجتمع كان يتمتع بدرجة عالية من الطهر، ولكن بعد الاستقلال ظهر نوع من التمرد من جانب المرأة بحكم التحرر والاختلاط وتغير الوظائف، واليوم خرجت الخيانة الزوجية الى العلن نتيجة للتسهيلات التي يؤمنها التطور التكنولوجي. وأخيرا، ما الذي تنصح به الأستاذة خيرة المتزوجين حتى لا يقعوا فريسة للخيانة الزوجة؟ لابد على الرجل والمرأة قبل دخول القفص الذهبي أن يؤهلا نفسيهما للحياة الزوجية، وذلك بحضور دورات تدريبية للتنمية البشرية مثلا، أو بالاطلاع على الكتب أو بالرجوع الى سيرة السلف الصالح وسير الأنبياء، الذين يعطوننا دروسا عظيمة في المعاملة الزوجية، والاستفسار عن كل كبيرة وصغيرة تخص العلاقة الزوجية، لأن الزواج رباط مقدس يطلب الحفاظ عليه بذل الكثير من الجهد.