تشهد الأسواق والمحلات الكبرى لبيع الألبسة رواجا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث توسعت دائرة الاستيراد ولم تعد تقتصر على فرنسا وانجلترا، إنما امتدت إلى بعض الدول العربية وتركيا لتصل إلى الصين.. وهو رواج يدعو للتساؤل عن أسباب اهتمام العديد من التجار بالاستثمار في مجال بيع الأزياء. رغم تدهور القدرة الشرائية لشريحة مهمة من الجزائرين، إلا أن تجارة الألبسة في الجزائر العاصمة مازالت تشهد انتعاشا ملحوظا، إذ تعيش أسواق ومحلات الثياب يوميا حركة غير عادية، سواء في المحلات ذات العلامات التجارية العالمية أو في المحلات التي تعرض سلعا أقل جودة أو مقلدة.. ولاتكاد هذه المحلات تخلو من الزبائن في مختلف فترات اليوم، ما دفع بعضها إلى توسيع مساحاتها، للتمكن من تحقيق مختلف طلبات الزبائن، في وقت غير فيه العديد من الباعة نشاطهم التجاري لمباشرة العمل في عالم الأزياء العصرية أو التقليدية. ويلاحظ في هذا الإطار أن عدة شوارع رئيسية في العاصمة عرفت في السنوات القليلة الماضية افتتاح مراكز تجارية متخصصة في بيع الأزياء رغم أنها تعج بالمحلات التي تنشط في هذا المجال، على غرار شارعي العربي بن مهيدي وحسيبة بن بوعلي بالجزائر الوسطى ووسط بلدية باش جراح التي عرفت افتتاح أربعة مراكز تجارية في السنوات الأخيرة تتكون من عدة طوابق تضاف إلى المحلات الكثيرة الموجودة بالمنطقة. والملفت للانتباه أن انتشار تجارة الألبسة لا تقتصر على المحلات والأسواق المنظمة، إنما تغزو الظاهرة الأسواق الموازية كذلك، حيث تشكل الثياب لاسيما منها النسوية حصة الأسد من ضمن جملة المعروضات. وأمام الرواج الكبير لهذا النشاط التجاري يجد المتجول عبر شوارع العاصمة نفسه وسط زخم من البذلات ذات الألوان والأشكال المبتكرة تغازله في كل مكان، وقد يجره الإغراء إلى الاقتناء أو الاطلاع على الموجود على الأقل. تقول السيدة ''هناء'': ''الرواج الهائل لمحلات وأسواق الألبسة في العاصمة ظاهرة تخدم المستهلك كثيرا برأيي، لأنها تستجيب لطبيعة العامة من الناس، والتي تتميز بكونها ميالة لتغيير الهندام والطلة، وكذا حب مواكبة الموضة الذي يستهوي شريحة الشباب بصفة خاصة.'' وأوضحت ل''المساء'' أن ظهور محلات تراعي الرغبة في التنسيق بين الألوان وتصاميم قطع اللباس أسدى خدمة كبيرة لشريحة الشباب وأوجد متنفسا للراغبين في التجول والاطلاع على جديد دور الأزياء، خاصة في ظل التنوع الكبير الذي نجم عن توسع دائرة الاستيراد في السنوات الأخيرة. ومن نفس المنطلق تقريبا تستحسن الآنسة ''حياة.ك'' (شابة موظفة) الانتشار الكبير لتجارة الألبسة، معتبرة أن الهندام له أهميته الخاصة التي تتمثل في كونه مرآة لطبيعة الشخصية، وأشارت ل''المساء'' أن رواج تجارة الألبسة ضمن للمستهلك الجزائري التنوع المطلوب، حيث يمكن للمتسوق أن يعثر على أزياء تستجيب لمختلف الأذواق والشرائح العمرية، على غرار شريحة الحوامل والسيدات المتقدمات في السن، وكذا الباحثات عن المقاسات الكبيرة ممن كان يصعب عليهن فيما مضى العثور على ما يناسبهن. لكن الرأي يختلف بحسب السيد ''عادل'' (شاب في الثلاثينات) والذي يرى أن الرواج الكبير لتجارة الألبسة لا يستجيب بالضرورة لكافة أذواق الرجال، مبرزا أنه يجد صعوبة كبيرة في العثور على الهندام الذي يلائمه باعتبار أن الموضة الرائجة حاليا تروج للأزياء الضيقة والسراويل المبقعة بالألوان. وبسوق ساحة الشهداء فسر لنا أحد باعة الألبسة سبب كثرة الإقبال على ممارسة تجارة بيع الألبسة بالقول: ''هناك تمركز سكاني كبير في العاصمة وتوافد معتبر من قبل أهالي الولايات الأخرى على هذه الأخيرة، ما يتطلب كثرة أسواق ومحلات الثياب للاستجابة لمتطلبات الزبون الجزائري نظرا للأهمية التي يحتلها المظهر الخارجي بالنسبة له ولميزة حب التأنق التي يعرف بها''، ويستطرد ''المواطن الجزائري معروف عموما بعشقه لأمرين هما الأكل أولا واللباس ثانيا'' (يضحك).. ثم يضيف ''هناك إقبال كبير على اقتناء الثياب، وهو أمر يشجع الكثيرين على ممارسة تجارة بيع الألبسة''. من جهته أكد تاجر سوري بنفس السوق أن احتكاكه بالمجتمع الجزائري كشف له أن الجزائريين عموما يتميزون بحبهم للتأنق، مشيرا إلى أن هذه الملاحظة تنطبق بدرجة كبيرة على العنصر النسوي. ويستكمل حديثه ل''المساء'' قائلا ''الجزائريات يعشقن التزين وتنويع اللباس بدرجة جد ملفتة تصل إلى حد المبالغة''. محدثنا الثالث بائع للخمارات، ذكر أن سر رواج تجارة بيع الألبسة يكمن ببساطة في كونها تجارة رابحة طالما أنها تستقطب كلا الجنسين، فالجزائريون باختلاف مستوياتهم الاجتماعية يشتركون في حب التجديد المتواصل للأزياء.