عدة محاولات تندرج في سياق الحفاظ على العادات الغذائية التقليدية التي أضحت عرضة للتحولات التي أنتجتها الابتكارات العصرية من قبل الطباخين... وفي الجزائر نساء كثيرات لا يخفى عليهن هذا الأمر، حيث يسعين لإبراز ما يزخر به المطبخ التقليدي وما يميزه عن الدول الأخرى بهدف الحفاظ على خصوصيات المجتمع الجزائري العريقة.. وفي هذا الصدد كانت ل''المساء'' وقفة مع بعض الطباخات الحريصات على إبقاء لذة الماضي، خلال زيارة معرض المرأة المنظم مؤخرا. تختلف الموائد وتتنوع بتنوع المناطق الممتدة على التراب الوطني، لتعكس بذلك صورة الموروث الثقافي لكل منطقة، لكن في ظل التطورات العصرية وولوج العديد من النسوة عالم الشغل يبدو أن العديد من العائلات الجزائرية بدأت تتخلى عن بعض الأطباق التقليدية، والتي أصبح حضورها على الموائد منحصرا في المناسبات الدينية على غرار رمضان أو خلال الأفراح. إحساسا منها بهذا الخطر الذي قد يغيّب على مدار السنوات القادمة لذة طبخات الجدات، فكرت السيدة ''ربيعة بوطبة'' من ولاية خنشلة في فتح محل لبيع الأكلات التقليدية، مستعينة في ذلك بخبرتها التي تبلغ 25 سنة في مجال الطبخ. وذكرت السيدة بوطبة ل''المساء'' أن فكرة افتتاح المحل الذي تشرف عليه منذ أكثر من شهرين رفقة أبنائها الخمسة سطعت في رأسها بعد أن لاحظت تخلي العديد من الأسر على الأكلات التقليدية على غرار ''العصيدة''، ''الزريقية''، و''البربوشة''. وتعمل السيدة بوطبة التي نالت جائزة أفضل طبق كسكسي في جانفي 2010 لدى مشاركتها في مسابقة وطنية على تدريس فن الطبخ لفئة المحبوسين منذ سبع سنوات، بعدما دعمت خبرتها بإجراء تكوين... وعلى هذا الأساس تنوي هذه السيدة التي كونت أسرة منتجة أن تدمج بعض المسبوقين قضائيا للعمل في محلها حتى لا يعودوا مجددا إلى ساحة الجريمة. وأبت محدثتنا إلا أن تنقل رسالة مفادها: ''أرجو من إناث اليوم أن يتعلمن الطبخ التقليدي حتى وإن كن متعلمات حتى لا تزول تقاليدنا ونحافظ على هويتنا''. وفي نفس الإطار كان لنا حديث مع السيدة كريمة دالي، وهي أستاذة فن الطبخ بأحد مراكز التكوين المهني بالبويرة، حيث خضعت 4494 امرأة للتكوين في هذا المجال خلال السداسي الأول من السنة الدراسية الحالية. السيدة كريمة كانت تغتنم منذ صغرها فترة قيلولة والدتها لتحضر مائدة القهوة مصحوبة بحلويات من صنع يدها، وهي اليوم تسعى إلى نقل تقنيات الطبخ إلى النساء الماكثات بالبيت لفتح مجال البروز أمامهن. وحرصت الأستاذة كريمة دالي خلال معرض المرأة على إبراز الجانب التقليدي في الطبخ الجزائري، من خلال تحضير ''الحميص''، و''الرفيس أزيراوي''، و''المحاجب''، و''البغرير''، ساعية إلى توصيل فكرة أن إحياء التراث يمر عبر العودة إلى الأطباق التقليدية، وهي بذلك تدعو كل امرأة يحيط بها الفراغ لتتحول إلى امرأة منتجة من خلال تعلم فن الطبخ التقليدي. سيدة أخرى من ولاية بسكرة تدرس فن الطبخ في أحد مراكز التكوين المهني منذ ست سنوات.. لكن حكايتها مع الطبخ لاسيما التقليدي منه ليست وليدة اليوم، حيث كانت جدتها المدرسة الأولى ثم سرعان ما دعمت معرفتها بالدراسة عن هذا الفن. ويقول المنطق لدى هذه الأستاذة أنه لابد من العودة إلى الأصالة وعدم الخروج من قوقعتها للحفاظ على تقاليدنا العريقة في مجال الطبخ.. وفي كلمة لها خلال اللقاء أوضحت: ''هناك اهتمام بالطبخ من كلا الجنسين في مراكز التكوين المهني، وهذا أمر مشجع لتحافظ المائدة البسكرية على محتوى مائدتها التقليدي مثل ''الشخشوخة''، و''الدوبارة'' و''عيش الصالحين''.