يسعى المشاركون في الندوة البرلمانية حول الصيرفة الإسلامية التي تفتتح أشغالها صباح اليوم بمقر المجلس الشعبي الوطني إلى فتح نقاش موسع بين مختلف الفاعلين في الساحتين التشريعية والمالية الجزائرية، حول مزايا التمويل الإسلامي وضرورة تأطيره قانونيا من أجل تعميم استعماله لتنظيم التعاملات المالية وتنظيمها ورفع الحرج عن العديد من الفئات الاجتماعية التي ترفض التعامل بالنظام البنكي التقليدي. وحسب السيد محمد سعيد بوبكر رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم المشرفة على تنظيم الندوة، فإنه من جملة الأهداف المتوخاة من هذا اللقاء الذي تشارك فيه وفود أجنبية من السودان وماليزيا وكذا من فرنسا ممثلة في إطارات من الخزينة الفرنسية ومن بنك ''سوسييتي جنرال''، التعريف بنظام التمويل الإسلامي وبالمصطلحات والمفاهيم التي تطلق على مختلف المنتجات والتعاملات التي تتم وفقه، علاوة على تحسيس الفاعلين في المجال التشريعي الجزائري بضرورة العمل على تكييف الإطار القانوني والتحضير لاستقبال هذه الأدوات المصرفية الإسلامية وإضافة رافد جديد للمعاملات البنكية التقليدية. كما أشار السيد بوبكر خلال ندوة صحفية نشطها بمكتب الكتلة البرلمانية للحزب في المجلس الشعبي الوطني إلى أن منشطي الندوة البرلمانية سيسعون إلى إبراز دور الصيرفة الإسلامية في تحريك عملية التنمية الاقتصادية ورفع نسبة الادخار، ولا سيما من خلال رفع الحرج عن العديد من الجزائريين الذين يرفضون التوجه إلى البنك لتنفيذ مشاريعهم لدوافع دينية وثقافية. مذكرا في هذا الإطار بأرقام الهيئات الرسمية المتخصصة التي تشير إلى أن 60 بالمائة من الكتلة النقدية في الجزائر يتم تداولها خارج القنوات البنكية في الجزائر، بينما لا تتعدى نسبة التعاملات التجارية التي تتم داخل الإطار المؤسساتي 10 بالمائة. وضمن هذا المنظور ستعمل الندوة البرلمانية حسب المتحدث على إيجاد الآليات الكفيلة بتعزيز الثقة بين المؤسسات المالية والمتعاملين معها ولا سيما من فئة الشباب التي استفادت مؤخرا من إجراءات مشجعة في إطار دعم التشغيل. وفي حين سجل السيد بوبكر الانتشار المحتشم للتعاملات الإسلامية في الجزائر في السنوات الأخيرة، أشار إلى أن بنك ''السلام'' الذي شرع في العمل بالجزائر في ,2008 لازال تواجده مقتصرا على عاصمة البلاد، بينما تبقى تعاملات بنك ''البركة'' الذي دخل السوق الجزائرية في 1993 محدودة، وتترقب وضع الإطار القانوني الذي يسمح للبنك باعتماد منتجات مالية إسلامية جديدة. مستبشرا في المقابل بقرار وزارة المالية تنظيم يوم دراسي حول التمويل الإسلامي في الأسابيع القليلة القادمة، وكذا شروع العديد من البنوك العاملة في الجزائر في فتح شبابيك خاصة بأدوات التمويل الإسلامي وفي تكوين إطاراتها وموظفيها استعدادا لاعتماد هذا النظام. وأوضح رئيس الكتلة البرلمانية ل''حمس'' في نفس السياق بأن هناك العديد من الجوانب في الصيرفة الإسلامية غير معروفة لدى الأوساط الجزائرية، ولذلك ينتظر أن تساهم الندوة البرلمانية في التعريف إعلاميا بالعمليات البنكية المعتمدة وفق هذا النظام، الذي أصبح اليوم معتمدا في العديد من دول العالم بما فيها الغربية التي استعانت به لدوافع براغماتية. للإشارة فإن البنوك التي تعمل وفق التمويل الإسلامي بالجزائر لا تتعدى حصتها 3 بالمائة من السوق المالية والمصرفية بالجزائر، وهي نسبة ضعيفة جدا حسب الخبراء الماليين، وذلك بالنظر إلى طبيعة وخصوصية المجتمع الجزائري وقابليته للتعامل بالنمط المطابق للشريعة الإسلامية من جهة. وكذا بالنظر إلى نجاح هذا النظام الإسلامي وتوجه العديد من الدول الغربية إلى اعتماده بعد أن أثبتت الأزمة المالية العالمية هشاشة النظام المالي الكلاسيكي.