ألقى الدكتور محمد العربي ولد خليفة محاضرة بعنوان "الشهيد مصطفى بن بولعيد، نموذج البطولة المثالية" بمتحف المجاهد بباتنة عشية الاحتفالات المخلّدة للذكرى الثانية والخمسين لاستشهاد المجاهد ومخطّط ثورة الفاتح من نوفمبر1954· واعتبر رئيس المجلس الأعلى للّغة العربية شخصية بن بولعيد ونضاله، مجالا مفتوحا للمثقفين والفنانين بهدف استثماره في كتابة التاريخ وإنجاز الأفلام التاريخية، وحرص الدكتور ولد خليفة في محاضرته على إبراز قيم الوطنية من خلال شخصية الشهيد، وتمرير رسالة ثورة نوفمبر للجيل الجديد وسط حضور مكثّف للطلبة والسلطات الولائية ووزير المجاهدين محمد الشريف عباس الذي أشرف على الاحتفالات بذكرى استشهاد البطل مصطفى بن بولعيد، التي تميّزت بإقامة عدة أنشطة ثقافية ورياضية· وفي سرده للوقائع التاريخية، أبرز المحاضر جوانب مهمّة من نشاط الشهيد في تاريخ الحركة الوطنية مستشهدا بدوره وإسهاماته، وهو الذي كان من الرعيل الأوّل من مفجري الثورة التحريرية التي أبهرت العالم أمام أكبر قوة استعمارية في تلك الحقبة، فكان نضاله مجالا مفتوحا للبطولات المثالية· الدكتور المحاضر ركّز بالمناسبة على سيرة الشهيد الذي كان صامتا لا يتكلّم، ولا يتقن سوى لغة النضال والرصاص، ظل هادئا بطبعه شغوفا بحب الوطن، منشغلا بالبحث في أساليب مجابهة قمع الاستعمار· وسرد المحاضر وقائع تاريخية عن الشهيد الذي شكّل خطورة كبيرة على المخططات الاستعمارية بفكره وبعقيدته وثباته· ولم يكن وصف الشهيد في محاضرة الدكتور تعبيرا مجازيا أوخطابا انفعاليا وعاطفيا بل حقيقة وإنصافا لأب الثورة التحريرية الذي عاش أسدا يزأر في أعالي جبال الأوراس فتسمع صرخاته في ميادين البارود برجع صدى الجبل الأزرق ووستيلي، شلعلع وشليا، معافة وبوعريف، وجادل بعبقريته التاريخ المزيّف في اعتباطية الدال والمدلول في سيميولوجية الاستعمار البغيض ليصنع التاريخ الذي يمجّد بطولات الجزائر في ساحات الوغى· وتناول المحاضر بإسهاب عبقرية الشهيد في التعبئة الشعبية في كل المحطّات التاريخية عندما توفرت الشروط الموضوعية لتفجير ثورة نوفمبر الخالدة، بعدما مهّدت لذلك المعطيات الاجتماعية، السياسية والاقتصادية بكل تناقضاتها وجعل من عرينه في جبال الأوراس نقطة التحوّل في مسار الثورة الجزائرية، وأوضح أنّ الشهيد الفذّ تولى رئاسة المنظمة السرية في ولاية الأوراس التي عجز الاستعمار الفرنسي عن تفكيكها ولم تتمكّن من التغلغل في أوساطها رغم عمليات التمشيط الواسعة التي قامت بها قوات الاستعمار في صيف 1952· عملية فرار الشهيد من سجن الكدية اعتبرها ولد خليفة نقطة تحوّل في مساره اين واصل نشاطه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى في حادثة الجهاز الملغّم·