صادق أعضاء مجلس الأمن الدولي وبالإجماع على لائحة جديدة تؤيد حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره عن طريق تنظيم استفتاء حر ونزيه يشمل كافة أراضي الصحراء الغربية. ورغم أن اللائحة التي حملت رقم 1979 مددت مهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية من أجل تنظيم الاستفتاء ''مينورسو'' إلى غاية افريل 2012 إلا أنها لم تتضمن خلق آلية لحماية ومراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية كما تلح على ذلك جبهة البوليزاريو والعديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية. ولكن إشارة مضمون اللائحة إلى ضرورة تحسين وضعية حقوق الإنسان في هذا الإقليم يشكل في حد ذاته انتصارا لفائدة القضية الصحراوية. فهي المرة لأولى يقع فيها إجماع بين أعضاء مجلس الأمن الدولي على تدهور وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية التي طالما بقيت حبيسة المواقف التي تغلبت فيها المصلحة الخاصة على مصلحة شعب بأكمله يعاني الاحتلال منذ أكثر من ثلاثة عقود. وهو ما يعتبر إقرارا واضحا من أعضاء مجلس الأمن بخطورة وضعية حقوق الإنسان في هذا الإقليم المحتل. كما يجعل اللائحة ضربة قوية للنظام المغربي الذي يدعي احترامه لحقوق الإنسان ولكنه يواصل انتهاكاته الخطيرة ضد الإنسان الصحراوي أمام أعين العالم اجمع. وقد تكون هذه اللائحة بمثابة إنذار إلى المغرب بالكف عن اقترافه للمزيد من الخروقات في حق السكان الصحراويين في المدن المحتلة وهو الذي اعتاد على هذه الانتهاكات دون أي عقاب أو حتى أدنى مساءلة. ولان اللائحة الأممية لم تهمل هذه المرة مجال حقوق الإنسان وإن لم يكن على النحو الذي طالبت به جبهة البوليزاريو فإن هذه الأخيرة تلقت إصدار مثل هذا القرار بارتياح. وقال امحمد خداد المنسق الصحراوي مع بعثة ''مينورسو'' بأن الأمر يتعلق ب''خطوة أولى'' على مسار وضع آلية لحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. وأضاف انه ''بعد سنوات من إهمال مجلس الأمن لهذه المسألة بسبب اعتراض فرنسا أصالة عن المغرب جاءت اللائحة 1979 بجديد من خلال الاعتراف بأهمية تحسين وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية مع الدعوة إلى اتخاذ إجراءات مستقلة وصادقة لضمان احترام هذه الحقوق''. وأوضح المسؤول الصحراوي أن هذه اللائحة تطرقت أيضا إلى توصيات الأمين العام الاممي التي ضمنها تقريره الأخير حول الصحراء الغربية والتي يتعين بموجبها أن تركز المحادثات المقبلة حول وضع الأراضي المحتلة على ''تنظيم استفتاء يشكل التعبير الحر للحق في تقرير المصير من طرف الشعب الصحراوي''. لكن خداد جدد التأكيد على أن بعثة ''المينورسو'' تبقى الهيئة الأممية الوحيدة التي ليست مزودة بآلية مراقبة حقوق الإنسان في الوقت الذي تعالى فيه صوت شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ''ليتم الاستماع لانشغالاتها في مجال حقوق الإنسان فإنه من غير المقبول أن تمر سنة أخرى دون التزام جدي لمنظمة الأممالمتحدة بشأن مسألة حقوق الإنسان'' في الصحراء الغربية. وهو ما جعل منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' الدولية تتهم فرنسا بعدم الوفاء بالتزاماتها من جديد فيما يخص دعم التطلعات الديمقراطية في المجتمعات العربية من خلال الاستمرار في مساندة المغرب وتجاهل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وندد فيليب بولوبون ممثل هيومن رايتس ووتش على مستوى الأممالمتحدة في تصريحات نقلتها صحيفة ''لوموند'' أول أمس ''بأن فرنسا التي نددت بشدة بعدم احترام حقوق الإنسان بليبيا وكوت ديفوار تمارس سياسة مبنية على المنفعة مع المغرب'' و''التي تضعها في وضعية حرجة تجاه خطابها الجديد حول حماية حقوق الإنسان في العالم العربي''. وذكر ممثل هذه المنظمة غير الحكومية أنه في إطار المفاوضات بهذا الشأن طلبت باريس من منظمة الأممالمتحدة ''عدم توسيع صلاحيات بعثة المنظمة الأممية لتتضمن مراقبة واحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية''. للإشارة فإن القرار الأممي أكد ارتياح مجلس الأمن ''لتنفيذ برنامج حماية اللاجئين الذي سطرته المحافظة الأممية العليا للاجئين بالتنسيق مع جبهة البوليزاريو والذي يشمل أعمال تحسيسية وتكوينية في مجال حقوق الإنسان''. كما طالب طرفي النزاع ودول المنطقة ب''التعاون الكلي مع الأممالمتحدة ومزيد من الالتزام من أجل وضع حد للانسداد الحالي والتقدم نحو حل سياسي''.