أكدت الأستاذة مكلي شامة من جامعة تيزي وزو أن الإستعمار الغربي خرج من الأوطان العربية المسلمة من باب الإستقلال، وهو يعود اليوم من نافذة التنصيرالذي وصفته با لجزء الذي لا يتجزأ من الاستعمار، معتبرة أن قضية الهوية الأمازيغية بمنطقة القبائل أصبحت لا تتعلق باللغة فقط، وإنما امتدت لتشمل الجانب الديني بترويج أفكار مضللة، مفادها أن دين الأمازيغ بعد الوثنية هي المسيحية. أوضحت الأستاذة مكلي شامة، في مداخلة على هامش أشغال الجلسة الأولى للملتقى الدولي الثالث ''، حول الحركات التنصيرية بالمغرب العربي'' الذي احتضنته جامعة ''الأمير عبد القادر'' للعلوم الإسلامية نهار أمس، أن عمليات التضليل متواصلة من خلال إقناع سكان منطقة القبائل بأن التنصير لايعد الأمازيغ من الديانة الإسلامية، بقدر ما هو إعادتهم إلى ديانتهم الأصلية وهي المسيحية، وهي نفس الأفكار- حسب نفس المتدخلة - التي روّج لها الإستعمار، لتمرير أفكاره والتي لا يزال تأثيرها إلى حد الآن. وذكرت الأستاذة مكلي شامة، في مداخلتها المستمدة من دراسة ميدانية والتي حملت عنوان الحركة التنصيرية بمنطقة القبائل بين جيلين (ما بعد الثورة والجيل الحالي)، أحدث الأساليب المستعملة في إغراء الشباب للإرتداد عن دينهم على غرار الإغراءات المادية، حيث أكدت المحاضرة أن الشاب المتنصر يحصل على مبلغ ألف أورو، وهو نفس المبلغ الذي يحصل عليه الشخص الذي يجلبه، وكذا استعمال الفتيات الجميلات للتبشير، خاصة لدى فئة الشباب. الأستاذة التي أكدت وجود 20 كنيسة بمنطقة القبائل منها كنيستان فقط معتمدتان، أضافت أن أصحاب الحملات التنصيرية يلجأون إلى احتلال منطقة معينة بمنطقة القبائل، ومن ثم يستغلون أهلها لتشييد كنيسة، ويساهمون في تكوين المنتمين الجدد إلى المسيحية، من خلال تكوين أوّل بولاية وهران، ثم تكوين ثان بأحد الدول الأوروبية، قبل أن يتم توجيههم إلى الجنوب الجزائري لمباشرة التربص التطبيقي، كما يلجأ المنصّرون، حسب ذات المتحدثة، إلى استئجار وشراء منازل قصد تحويلها إلى أماكن يقام فيها القدّاس في مختلف أيام الأسبوع. ويقوم المنصّرون أيضا، حسب الأساتذة بالتحايل والإفتراء على الإسلام، من خلال الإساءة للمؤسسات الدينية مثل المساجد، على غرار ما حصل مؤخرا ببلدية إيراثن بتيزي وزو، والتي منع أهلها وغالبيتهم من المتنصرين بناء مسجد، كما طالت سياسة التضليل والتزييف الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال نشر الأكاذيب ومنها القول بأن الرسول محمد أمر بقتل الأطفال خلال غزوة أحد. ولا تتوقف مساعي المنصرين لتشويه الإسلام عند هذا الحد، فقد أكدت الأستاذة مكلي أن المرأة هي من العناصر المستهدفة، حيث تسوّق أفكار حول احتقار الإسلام للمرأة، ومنها تعدد الزوجات وجعل العصمة بيد الرجل، على عكس المسيحية التي يلتزم فيها الرجل بزوجة واحدة، حسب النصرانيين الذين يشجعون الزواج بين المنتسبين الجدد للنصرانية، حتى دون علم أولياء الزوجين مثلما حصل ببلدية إفرحونن. كما يشجعون هجرة الشباب نحو الدول الأوروبية ويستغلون المرافق العامة على غرار المستوصفات، للتبشير الديني مثل ما حصل ببلدية يوسف دائرة عين الحمام، حيث تعمل طبيبة عيون وزوجها على نشر التعاليم المسيحية بين السكان وقاصدي المستوصف للعلاج، وكذا المؤسسات التربوية حيث يقوم بعض الأساتذة المتنصّرين ببث السموم في عقول الأطفال خاصة خلال الرحلات المدرسية.وقد استغل المنصرون، حسب الأستاذة مكلي شامة، العزلة وكذا الفراغ الديني بمنطقة القبائل، حيث أكدت وقوفها شخصيا على عدم اهتمام بعض الأئمة لمثل هذه الأشياء، والتخلي عن دورهم المطلوب منهم، إضافة إلى إشكالية اللغة وترجمة الأحاديث النبوية من العربية إلى الأمازيغية أو العكس، والتي خلقت صعوبة في التواصل بين الإمام والسكان.من جهته، حصر الدكتور عبد الله بوجلال، عميد كلية أصول الدين والشريعة والحضارة الإسلامية بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، عوامل انتشار التنصير بالجزائر في نقاط داخلية بحتة، لخّصها في إخفاق السياسات التنموية منذ الإستقلال واستفحال المشاكل في المجتمع، والفقر والبطالة واستحالة علاج هذه المشاكل، من خلال الوعود والمرقعات والمسكنات، مما دفع ببعض الشباب إما للانتحار، الحرقة أو التنصّر، إضافة إلى إفلاس الخطاب الديني التقليدي ونمو ظاهرة العنف والتطرف المنسوبين ظلما للإسلام وتسييس الدين وإدخاله في لعبة السياسة، مما أفقده قدسيته وبذلك إعراض بعض الشباب عنه والإقبال على تيارات وإيديولوجيات تشكل خطرا على الوطن، وكذا عجز المؤسسات الجامعية عن تكوين إطارات كفأة في الشريعة والدين ومواكبة العصر.وقد عرف الملتقى الذي دام يومين، وأشرف على افتتاحه مدير الجامعة الدكتور عبد الله بوخلخال، العديد من المداخلات والشهادات على غرار مداخلة الأستاذ الدكتور نصر الزويلي من جامعة الزيتونة بتونس، حول التبشير بالمسيحية في تونس إبان الإستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، ووقوف العالم بن عاشور ضد قانون التجنس لسنة 1923 لغلق منافذ التنصير، وكذا مداخلة الدكتور علي الصويلي، من نفس الجامعة، والذي تحدث عن ''التنصير ومسألة التجنس في البلاد التونسية''، كما حمل شهادات مصورة حول بعض النصرانيين الذين استغلوا الظروف التي مرت بها تونس، مؤخرا، للإصطياد في المياه العكرة والعبث بعقول الشباب.من جهته، تدخّل الدكتور يوسف كلام من المغرب حول ''زعزعة عقيدة المغاربة المسلمين بين الواقع والقانون الجنائي المغربي''، وقد عرف الملتقى مشاركة كل من الأردن، المغرب وتونس بالإضافة إلى العديد من الولايات الجزائرية، خاصة منها التي تعرف قضايا التنصير على غرار تيزي وزو و بجاية-.