تضاربت تصريحات المسؤولين الروس، أمس، بخصوص وساطة موسكو المفترضة لاحتواء الأزمة الليبية، مما يؤكد أن روسيا لم تحسم بعد موقفها من هذه الأزمة التي استعصى على المجموعة الدولية حلها بعد قرابة أربعة أشهر من اندلاعها. فبينما نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أي دور لموسكو في تسوية هذه الأزمة وصل موفد عن الكريملن إلى مدينة بنغازي معقل المتمردين الليبيين في شرق البلاد في مهمة قال إنها تندرج في إطار تسهيل الحوار بين الفرقاء الليبيين. وفي رده على سؤال حول الوساطة الروسية المفترضة في احتواء الوضع الليبي المتأزم على هامش مشاركته في ندوة موسعة لدول البلطيق باوسلو قال لافروف ''لم نقم أبدا بدور الوسيط في ليبيا. ونعتقد أن فك عقدة النزاع يعود لليبيين أنفسهم''. وجاءت تصريحات رئيس الدبلوماسية الروسي متناقضة مع أمر الواقع كونها تزامنت مع وصول موفد عن الرئيس ديمتري ميدفيديف أمس إلى مدينة بنغازي التي اتخذها المجلس الوطني الانتقالي المعارض عاصمة له في شرق البلاد. ووصل مخيائيل مرغيلوف إلى بنغازي في محاولة لإطلاق حوار بين طرابلس والمجلس الانتقالي الذي لا يزال يصر على رحيل العقيد معمر القذافي. وقال موفد الكريملن الذي يعد أول مسؤول روسي يزور بنغازي منذ اندلاع الأزمة في ليبيا منتصف فيفري الماضي ''لقد جئنا إلى هنا من أجل تسهيل الحوار بين الطرفين. روسيا تقف في خانة منفردة كونها لا تزال تحتفظ بسفارتها في طرابلس وجاءت اليوم من أجل لقاء المتمردين''. وأوضح مرغيلوف أنه سينتقل اليوم إلى العاصمة المصرية ثم يعود إلى طرابلس دون أن يحدد آجالا لذلك. والتقى ممثل الكريملن في إفريقيا بعدد من مسؤولي المجلس الانتقالي الوطني الذي أنشأته المعارضة المسلحة وفي مقدمتهم رئيسه مصطفى عبد الجليل. وجدد المسؤول الروسي خلال تصريحاته التزام بلاده بالإسهام في إيجاد حوار بناء، مؤكدا في الوقت نفسه أنه بالنسبة للروس فإن القذافي فقد شرعيته من أول رصاصة قتلت بريئا. وهو ما يطرح التساؤل حول سبب نفي لافروف لوساطة بلاده في ليبيا رغم أن كل المعطيات تشير إلى أن موسكو تعمل جاهدة للتوصل إلى تسوية سياسية لهذه الأزمة التي طال أمدها. يذكر أن تصريحات رئيس الدبلوماسية الروسية جاءت بعد تلك التي أكد خلالها رئيس الاتحاد الإفريقي ورئيس جمهورية غينيا الاستوائية تيودور أوبيانغا مباسوغو أن ''المسألة الليبية هي قضية داخلية ويجب معالجتها سلميا''. وقال لدى زيارته إلى العاصمة الروسية أمس إن ''التدخل الخارجي في النزاع الليبي سينعكس سلبا على تنمية المنطقة الإفريقية''. وأضاف أنه ''لا يجوز تصنيف قتل المدنيين وقصف المدن وتدمير المباني والبنى التحتية تحت عنوان التدخل من أجل حل المشكل''. في غضون ذلك اهتز وسط طرابلس، أمس، على وقع سلسلة من الانفجارات التي خلفها استمرار قصف طائرات حلف الناتو والتي أدت إلى تضرر العديد من المباني التابعة لمقر إقامة العقيد معمر القذافي بباب العزيزية.