سيكون الجزائريون ليلة اليوم على موعد مع خسوف كلي للقمر مدته 100 دقيقة، وهي ظاهرة تشكل إحدى الخسوفات القمرية الأسطورية الأكثر ظلمة وندرة في التاريخ. ويمكن للفلكيين والهواة خصوصا مشاهدة هذه الظاهرة الطبيعية عبر كامل التراب الوطني بداية من الساعة 18.26 دقيقة، ورؤية الخسوف الكلي في حدود الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي. وسؤالنا المطروح هنا: كيف يتعامل الجزائريون مع هذه الظاهرة الفلكية النادرة؟ انعدام وسائل ترقبه وراء عدم الاكتراث بالخسوف الملاحظ أن غالبية المواطنين من الذين تحدثوا إلى ''المساء'' يجهلون تماما المعرفة بهذه الظاهرة الطبيعية، وأجمعوا على أنها ظاهرة تهم الفلكيين بالدرجة الأولى، فانعدام الوسائل اللازمة والمساعدة على ترصد هذه الظاهرة والاستمتاع برؤيتها يجعل موعد حدوثها يمر مرور الكرام ولا يثير حتى مجرد الفضول لإمعان النظر فيها، مثلما تقول مواطنة أثار سؤالنا لديها استغرابا، تقول ''صادفت مؤخرا عنوانا بجريدة يومية يتحدث عن خسوف قريب للقمر ولكني لم أكلف نفسي عناء قراءة الخبر عن سابق تجربة عشتها في سنوات مضت، حيث وقفت على تهويل إعلامي كبير لظاهرة كسوف الشمس وكيف أن مصالح الناس تعطلت بسبب الجهل بالظاهرة، لذلك أنا اليوم أؤكد لكم أن خسوف القمر لا يعنيني خاصة مع غياب الوسائل المساعدة على رؤيته''. وتشاطرها الرأي موظفة قالت إنها سمعت بحدوث الخسوف قريبا ولكنها لا تدري وقته بالتحديد، وأرجعت السبب إلى نقص التوعية بمثل هذه الظواهر الطبيعية التي لا تحدث إلا نادرا ومن الإجحاف تجاوزها. ''أعتقد أن خسوف القمر سيكون منظرا مذهلا، وسأعمل على ترقبه لرؤية جمال الطبيعة وآيات الله في خلقه، وأوجّه عبر جريدتكم نداء الى جمعيات الفلك للتكثيف من حملات التحسيس للتعريف بمثل هذه الظاهرة قبيل حدوثها لإبعاد الناس عن المعتقدات الخاطئة وتأويلاتها غير المُؤسسة مثلما حدث مع الزلزال، حيث أرجع الناس حدوثه إلى غضب الله على عباده أو ما شابهه''. من جهته اعتبر مواطن أن أمر ترقب خسوف القمر يتجاوزه تماما يقول ''ليست لي الوسائل لترقب الظاهرة، خاصة وأنها ستحدث ليلا، لو تعلق الأمر بكسوف الشمس ربما يعتريني فضول لرؤيته لأنه شيء غير عادي أن تظلم الدنيا في النهار، أما أن ينجلي ضوء القمر في ظلمة الليل فذلك شيء عادي تماما بالنسبة لي''. وترى مواطنة أخرى أن مواقع التواصل الاجتماعي جعلتها تبقى على اطلاع دائم بمختلف الظواهر عبر العالم بما فيها خسوف القمر الذي تعلم توقيت حدوثه، ولكنها ترى نفسها غير معنية بمتابعته لانعدام الوسائل المساعدة على ذلك. وترى أخرى أن الإكثار من الدعاء وقت حدوث الخسوف مستجاب، وتقر بأن الفضول يدفعها لرؤية القمر وقد خسف وراء ظل الأرض ولكنها لن تنسى القيام والإكثار من الدعاء.
أساطير وخرافات حول نزول القمر وإبطال السحر لئن كانت ظاهرة الخسوف طبيعية يستمتع كثير من الناس بمتابعتها فإن هناك من الناس من نسجوا حولها الأساطير والخرافات، بالرغم من كونها مجرد ظاهرة وآية من آيات الله، إذ تثير مواطنة مسألة معتقدات البعض وقت حدوث الخسوف، فتقول إن العادة في وقت مضى كانت تقتضي بوضع ''طاسة'' ماء أمام مدخل البيت أو على سطحه طيلة فترة خسوف القمر لمقاومة السحر، وعلى ربة البيت ترديد أدعية خاصة لإبطال مفعول السحر إن كان موجودا، وإذا كان في البيت فتيات في سن الزواج فإنه من المطلوب منهن الاستحمام بذلك الماء، في وقت هناك من يتوهم من القمر حالة خسوفه قوة خارقة في التعجيل بتحقيق المنافع فينغمس في ترديد المطالب والأماني. كذلك تثير مواطنة أخرى استرجعت ذاكرتها مسألة المعتقدات الشعبية الخاطئة حول الخسوف، تقول ''أتذكر أني حضرت في صغري إحدى الطقوس الغريبة في قرية من قرى منطقة القبائل الكبرى، فليلة حدوث خسوف للقمر يخرج كل أهل القرية في فريقين مختلفين للنساء والرجال، ثم يجتمعون أعلى التل وينغمسون في ترقب مراحل الخسوف وهم يعتقدون أن ساحرة قوية تقوم بإعداد السحر ليختفي القمر وينزل أمام أرجلها لتأمره بإنجاح هذا السحر أو ذاك، وأتذكر أنه عند اكتمال الخسوف الكلي يبدأ الناس في الدعاء على الساحرة التي كانوا يظنون أنها نجحت في تعويذاتها ونالت مرادها في عَقدِ السحر، وكانت هذه الظاهرة تثير حالة ذهول كبيرة لدّي.. والأغرب أن أهل القرية كانوا يرقبون الظاهرة حتى تنتهي وهم يشددون في الدعاء حتى يبطل الله مساعي الساحرة ويبطل سحرها ''، تؤكد المتحدثة. جدير بالذكر أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان أول من وضع أساساً علمياً لظاهرتي الكسوف والخسوف، إذ قال ''إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة'' متفق عليه.''