تطرّق أدباء جزائريون وأوروبيون خلال اللقاء الجزائري- الأوروبي الثالث للكتاب، أوّل أمس بالجزائر العاصمة، إلى السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال في الأدب المعاصر، وعرض13كاتبا من الجزائر، النمسا، بلجيكا، إسبانيا، فنلندا، اليونان، رومانيا والسويد تجاربهم في مجال الكتابة مبرزين المكانة التي يحتلها كلّ من الخيال والواقع في كتاباتهم. وخصّص اللقاء المنظّم من قبل مفوضية الاتحاد الأوروبي في الجزائر والمصالح الثقافية للبلدان الأعضاء لموضوعين رئيسيين هما؛''الرواية الشخصية والقصة الخيالية، أيّ مكانة للسيرة الذاتية''و''الأنا الوهمي، حدود الخيال أمام الواقع''، وحاول الكتّاب المشاركون في هذا اللقاء توضيح مفهوم ''السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال''، وشرح علاقتها الوثيقة بالسيرة الذاتية، فضلا عن إبراز خصوصيات هذا النوع الأدبي على ضوء أعمالهم وأعمال مؤلّفين معاصرين آخرين. وأجمع الكتّاب على التأكيد بأنّ السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال تطرح مشكلا ''كبيرا''للقارئ الذي يصعب عليه التمييز بين ما هو واقعي وما هو خيالي في عمل المؤلف، وأثار المشاركون عدّة إشكاليات، لاسيما القيم التي ينبغي أن تنقلها كتابة السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال وعلاقتها بالسيرة الذاتية، بالإضافة إلى مكانة الأنا في الكتابة الأدبية. من جهته، كان الكاتب أنور بن مالك الذي تطرّق إلى موضوع''السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال كمرادف ل'' السلخ الذاتي''وجيزا وصريحا بقوله إنّ السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال ليست عبارة حديثة لكنّها -كما قال- ''أضحت حاضرة في وسائل الإعلام بفضل أو بسبب الإفراط المسجّل في هذا النوع الأدبي في الآونة الأخيرة''، وأضاف إنّه يمكن اعتبار السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال ككاريكاتور نوع أدبي وثيق الارتباط بالسيرة الذاتية، مشيرا إلى أنّ''مؤلّف السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال يغشّ، لكن إذا أحسن الغش فسيفضي ذلك إلى أدب جميل''. أمّا الروائي أمين الزاوي، فقد عاد بشكل مطوّل إلى السيرة الذاتية الممزوجة بالخيال والسيرة الذاتية في الأدب الجزائري والمغاربي، حيث اعتبرأنّ ''الأنا'' و''أنا'' في هذا الأدب هما ضحيتي الوضع الاجتماعي والثقافي لبلدان المنطقة التي تعتبر''غير متكافئة'' و''قمعية''، وأضاف يقول أنّه يسهل في الوطن العربي وصف الحروب والوقائع الخارجية للكائن المجرد، إلا أنّه من الصعوبة بما كان وصف جوهر الكائن البشري، حيث أنّهم''قلائل هم كتاب هذه المنطقة من العالم الذين نجحوا في الكتابة عن (طريقة) - الأنا وأنا، بكلّ تجلياتها''. وتابع يقول أنّ الكتاب المعاصرين الجزائريين والمغاربيين ومن بلدان عربية أخرى''يتحاشون الكتابة عن الحب ولما يقومون بذلك، فإنّه يتم بشكل يتميّز بالنفاق''، مضيفا أنّ اللغة العربية قد''وقعت رهينة النزعة المحافظة وتمّ استغلالها من رجال الدين''، كما أكد السيد الزاوي أنّ الأدب الجزائري المعاصر قد وجد نفسه جراء مختلف حقب ما بعد الاستقلال''مستصغرة وحتى منتهكة وتفتقر إلى نصوص الحب''. من جانبه، عاد المؤلف حميد قرين إلى بداياته في ميدان الكتابة الأدبية مذكّرا ب''اكتشافاته''لكبرى كلاسيكيات الأدب الفرنسي والروسي التي شجّعته على الإنطلاق في مغامرة الكتابة الأدبية، وأضاف يقول أنّ الكاتب يعود بشكل تلقائي إلى نفسه ويلتحم بالرواية، لأنّ الروائي -كما قال- ''لا ينبغي أن يكون محرّك دمى وإنمّا ممثّلا، مضيفا أنه''إذا كنت تريد معرفة الحياة فقم بجولة من خلال الرواية''. أمّا رئيسة وفد الإتحاد الأوروبي في الجزائر، السيدة لورا بايزة، فقد ذكرت بأن اللقاءات الجزائرية الأوروبية للكتاب تندرج في إطار ترقية الحوار بين مثقفي ضفتي المتوسط التي تعتبرها ''هامة بالنسبة لنساء ورجال الأدب، وكذا لجميع المثقفين في عالم أصبح يتميّز تدريجيا بطراز الفكر الأحادي الذي تشجعه العولمة''.