اعتبر المحامي وعضو المجلس الأعلى للدولة في سنوات التسعينيات السيد علي هارون أن النظام القائم منذ السنوات الأولى للاستقلال كان مبنيا على ديمقراطية شكلية، ولم تكن ديمقراطية حقيقية بحكم غياب المشاورة والاختيار لاسيما فيما يتعلق بالانتخابات. وأوضح السيد هارون خلال استضافته أمس في منتدى ''المجاهد'' للكشف عن كتابه الجديد ''التوضيح'' الصادر مؤخرا عن دار النشر القصبة، أن النظام السياسي منذ استقلال الجزائر عام 1962 كان يفتقر لممارسات الديمقراطية الحقة وهو ما ظهر جليا من ناحية اعداد القوائم الوحيدة للحزب التي لم تكن تحظى بمشاورة واسعة من طرف المعنيين، مبرزا في السياق، أن هذه الديمقراطية التي وصفها بالشكلية لم تكن كافية بالشكل المراد لبناء نظام ديمقراطي حقيقي يكون في مستوى تطلعات الشعب. وأضاف أن عدم تماشي طبيعة النظام مع تطلعات الشعب عجل بفتح التعددية السياسية والإعلامية بعد أحداث أكتوبر ,1988 التي فتحت عهدا سياسيا جديدا سمح بإدخال بعض الإصلاحات وإن كانت غير كافية. ودعا بالمناسبة الى ضرورة مواصلة هذه الإصلاحات التي شرع فيها منذ 13 سنة الماضية بشكل يجعلها تنتقل من الحسن الى الأحسن، وبإشراك جميع الفئات المكونة للمجتمع الجزائري، موضحا بالموازاة مع ذلك أن اعتراف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بضرورة مباشرة اصلاحات سياسية واسعة وشاملة ودون إقصاء أي طرف من الأطراف لأقوى دليل على عدم مواءمة النظام السياسي الحالي الذي يحتاج الى جرعة أوكسجين جديدة على حد قوله. وأكد المتحدث في هذا الإطار أن نجاح المشاورات الجارية حول الإصلاحات السياسية مرتبط بضرورة التحلي بالجدية في مباشرة هذه المشاورات وتوسيعها لمختلف المعنيين دون إقصاء مهما كانت الحجة. ومن جهة أخرى، قدم المحامي علي هارون شروحات مستفيضة حول اصداره الجديد الذي يحمل عنوان ''التوضيح، تخوفات من ترقية حقوق الإنسان 1991-''1992 الصادر مؤخرا، والذي يتناول بشكل من التوضيح والتحليل الفترة السياسية المشحونة أواخر الثمانينيات وترشح الجبهة الإسلامية للإنقاذ لتشريعيات ,1991 الى جانب تطرقه بشكل دقيق لحيثيات وانعكاسات ذلك فيما بعد على البلاد. وتناول المحامي في كتابه العديد من المفاهيم بالشرح والتحليل كالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والشرعية والمشروعية، كما خص فصلا بأكمله للحديث عن الدور الفرنسي والاسباني السلبي خلال سنوات العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، موضحا أن هاتين الدولتين رفضتا مد يد العون للبلاد في تلك الفترة رغم وعودهما المؤكدة.