شهدت العديد من المدن المغربية، مساء أول أمس، خروج آلاف المتظاهرين الرافضين لنص مشروع الدستور الجديد الذي أعلن عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء الجمعة، والذي سيخضع لاستفتاء شعبي في الفاتح جويلية المقبل. ومن العاصمة الرباط مرورا بالدارالبيضاء وصولا إلى مدينة طنجة وأغادير استجاب هؤلاء المتظاهرون لدعوة حركة ''شباب 20 فيفري'' المطالبة بتغييرات ديمقراطية جذرية بالمغرب للتنديد بمشروع الإصلاح الذي أعلن عنه الملك في خطابه الأخير. ووصفت حركة 20 فيفري التي تقودها مجموعة من الشباب الطامح لغد أفضل تحت سماء أكثر حرية وديمقراطية هذا الخطاب بأنه لا يستجيب إلى مطالبها التي تصر فيها على تحول المغرب إلى مملكة دستورية الملك يملك فيها ولا يحكم. وأكد مناضلون في الحركة أنه تم بالدارالبيضاء تنظيم مسيرة سلمية جمعت حوالي 12 ألف شخص بالحي الشعبي ''درب السلطان'' دعا خلالها المتظاهرون إلى مقاطعة الاستفتاء المقبل حول مراجعة الدستور وإرساء ديمقراطية حقيقية ومكافحة الرشوة. ولم يتمكن أنصار السلطة الذين كان عددهم أقل من منع تنظيم هذه المسيرة التي تصادف الذكرى ال30 لقمع مظاهرات 20 جوان 1981 التي طالب خلالها سكان الدارالبيضاء بحياة اجتماعية عادلة وكريمة. وقد تم منع مناضلين في صفوف الحركة في الرباط من التجمع في الحي الشعبي ''حي التقدم'' من قبل مساندين للحكم بحيث هاجموهم بالحجارة والعصي وتابعوهم تحت أنظار قوات الأمن التي بقيت في موقع المتفرج. واحتل أنصار السلطة الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية ''حركة 9 مارس'' -اليوم الذي كشف فيه الملك محمد السادس عن رغبته في إجراء إصلاحات دستورية- الساحة قبل وصول دعاة التغيير الديمقراطي لتشتيتهم ''بمساعدة'' شباب من الحي. ولكن ذلك لم يمنع شباب حركة 20 فيفري من تنظيم مسيرتهم برفع شعارات ''كرامة وحرية وعدالة اجتماعية'' وأيضا ''القمع لا يخيفنا'' مما أسفر عن إصابة العديد منهم بجروح. وبلغ عدد المشاركين في مظاهرات طنجة حوالي 30 ألف شخص خرجوا في مسيرة سلمية أكدوا خلالها رفضهم للدستور الجديد الذي سيتم الاستفتاء حوله كما جددوا مطالبهم بنظام ملكي برلماني. وشهدت مدينة أغادير بجنوب البلاد مظاهرتين دعا خلالهما المتظاهرون إلى مقاطعة الاستفتاء الدستوري القادم. وأعلن ملك المغرب محمد السادس يوم الجمعة الماضي عن تنظيم استفتاء في الفاتح جويلية المقبل لمراجعة الدستور الحالي. وينص مشروع قانون الدستور الجديد على أن يبقى الملك أميرا للمؤمنين، السلطة الدينية الشرعية الوحيدة وقائدا للقوات المسلحة ويحتفظ بصلاحيات سياسية هامة. كما ينص مشروع القانون على أن ''يمارس الملك سلطة التعيين على مستوى مجلس الوزراء وبعض الوظائف العمومية السامية الأخرى كالوالي والحاكم والسفير''. ويمارس سلطة تعيين مسؤولي إدارات الأمن الداخلي والهيئات الوطنية الاستراتيجية ''كون التعيين في وظائف عسكرية يبقى من الاختصاص الحصري للملك بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان القوات المسلحة الملكية''. وينص مشروع قانون الدستور الجديد فيما يتعلق بالسلطة القضائية على استحداث ''مجلس أعلى للسلطة القضائية'' بصفته هيئة دستورية يترأسها الملك بدل المجلس الأعلى للقضاء الذي كان يسيره وزير العدالة.