استعملت قوات الشرطة المغربية كل أساليب القوة لتفريق مئات المتظاهرين المنتمين إلى حركة التغيير 20 فيفري الذين خرجوا في مسيرات احتجاجية للمطالبة بإصلاحات سياسية عميقة على منظومة الحكم في المملكة وبكيفية تشرك الشعب المغربي في تسيير أموره اليومية. وشملت هذه المسيرات العاصمة الرباط والدار البيضاء ولكن عدواها انتقلت أيضا إلى مختلف المدن الاخرى مثل طنجة وأغادير بعد أن وجدت هذه الحركة شعبية غير مسبوقة وأصبحت تثير مخاوف القصر الملكي وهو ما يفسر طريقة التشديد الأمني التي ما انفكت تستعملها معها في محاولة لتثبيط عزيمتها في الخروج في كل مرة إلى الشارع للمطالبة بمزيد من الإصلاحات اكبر من تلك التي عرضها الملك محمد السادس. ولجأت تعزيزات قوات الشرطة إلى استخدام العصي والهراوات من اجل تفريق المتظاهرين الذين أكدوا أن مسيراتهم سلمية ولا يريدون لها أن تخرج عن أطرها القانونية ولكن ذلك لم يمنع قوات الأمن من ملاحقة المتظاهرين في شوارع هذه المدن وأزقتها. وتكررت مظاهر الملاحقة البوليسية للمتظاهرين في كل المدن التي شهدت هذه المسيرات الاحتجاجية وهو ما خلف عشرات المصابين في صفوف المتظاهرين الذين تفرقوا في كل السبل من اجل الإفلات من عنف قوات الشرطة التي لاحقتهم في أزقة أحيائهم. ويعد هذا رابع نداء توجهه حركة 20 فيفري لمؤيدي فكرتها للخروج إلى شوارع المدن المغربية من اجل المطالبة بإصلاحات سياسية جذرية تراعي مبادئ الحرية والديمقراطية وحتى تغيير جوهر نظام الحكم المغربي من ملكي مطلق إلى ملكي دستوري يتحول فيه الملك من آمر ناه إلى مجرد رمز للسلطة دون أن يحكم. يذكر أن تجدد هذه المسيرات يأتي في اقل من شهر قبل موعد تسليم اللجنة التي كلفها الملك محمد السادس بوضع قائمة الإصلاحات التي يريدها من اجل إقرارها وعرضها على استفتاء عام لاحقا. وأكد احد أعضاء اللجنة الاستشارية من اجل الإصلاحات الدستورية التي شكلها الملك المغربي شهر مارس الماضي وترأسها رجل القانون عبد اللطيف منوني أن الوثيقة التي تضمنت مقترحات لإحداث مراجعة لنص الدستور الحالي على وشك الانتهاء منها وسيتم عرضها على الملك بداية الشهر القادم. وأضاف أن استفتاء على مضمون هذه الإصلاحات سيتم تنظيمه بداية شهر جويلية من اجل المصادقة على نص دستور جديد وتنظيم انتخابات نيابية مسبقة شهر أكتوبر القادم. ولكن هذا العضو الذي رفض الكشف عن هويته لم يعط أية توضيحات عن فحوى هذه الإصلاحات وما اذا كانت سترقى لإقناع شباب حركة 20 فيفري التي تريد قطع الصلة بكل أساليب إدارة شؤون الحكم السابقة واعتبرتها بالية ولا يعتد بها في وقت تطالب فيه هي بإصلاحات جذرية. وكان الملك محمد السادس حاول في خطاب العرش في التاسع من شهر مارس الأخير استباق هذا الحراك بعد أن وافق على إصلاحات محدودة تعهد فيها بفصل للسلطات وتعزيز سلطة الوزير الأول وحرية اكبر لجهاز العدالة والتعبير ولكنه لم يشر لا من بعيد ولا من قريب إلى سلطته التي أصبحت محل رفض شعبي واسع.