وأنت تستنشق رائحة الحبر المخلوطة بعرق ودم شباب ميدان التحرير، لا يمكنك إلا أن تقف وقفة تقدير لهؤلاء الشباب الذين استطاعوا بصبرهم وتضحياتهم نقل الجبل الجاثم على صدورهم، وإذابته ورميه في مجرى التاريخ.ميدان التحرير فجر الثورة كما فجر ينابيع من الشعر والشعر الشعبي خاصة، الذي كان الشعار والرمز الذي انطلقت بصوته حناجر الجماهير الشعبية، ومن الأصوات المبدعة الشاعر المصري الشعبي محمد رمضان رجب الذي أجرت معه جريدة ''المساء'' هذا الحوار. رغم أن الثورة المصرية، كما يصر الإخوة المصريون على تسميتها ويرفضون نعتها بالإنتفاضة، ما تزال في بداية طريق الثورة حيث لم تكتمل بعد لتكون بذاك الزخم الثوري، رغم اكتظاظ الميدان بملايين المتظاهرين والمحتجين، لأن الثورة لها قياساتها وضوابطها التي تجسد فيها هذه الصفة، انتهزت جريدة ''المساء'' فرصة تواجد بعض وجوه ثورة مصر الأخيرة ومن صنعوا الحدث بميدان التحرير، لتجري بعض الحوارات، ومن هؤلاء الشاعر المصري الشعبي محمد رمضان رجب الذي هو أيضا مدير الإعلام بالعلاقات الخارجية بوزارة الثقافة المصرية، فكان هذا الحوار معه. - كيف تقيم الشعر قبل الثورة وبعدها؟ * الشاعر في مصر والمبدع والمثقف قبل الثورة أوبعدها هو نفسه، الشاعر لا يتغير مع الأحداث، لأنه هو من أحدث هذه الأحداث، المثقف قبل الثورة لم يكن مضطهدا، بل كان حرا لا تحكمه سلطة ولا نستطيع القول أن المثقفين تحولوا إلى أشياء أخرى، إلى طلاب سلطة، حينما كانت السلطة هي الحكم، هل نستطيع أن نسميهم بالمثقفين، إنهم رغم ذلك كانوا يعبرون عن صوت وضمير المجتمع. - كيف تقول أن المثقف هو هو والكل يدرك أن هناك من المثقفين من كانوا أبواقا للسلطة؟ * هناك من يمتلكون مواهبا، أيا كانت هذه المواهب، يجدون هذه السلطة ويعملون في ظلها، لأن السلطة لا ثقافة لها. - ماهو دور المثقف في الثورة؟ * المثقف هو ثائر ومتمرد بطبعه، والمثقف لا يرضى أن يكون مثقفا لمرحلة بعينها، ولكن المثقف يعمل من أجل أن تبقى أعماله خالدة وأن يستمر إبداعه في الحياة، ولهذا لا يلتصق المثقف بمرحلة من المراحل أو حدث من الأحداث، لكنه يبقى يحرض ويرصد الأحداث. - كيف هي مصر الآن؟ * مصر الآن هي في مرحلة مخاض سياسي، أما من الجانب الثقافي فهي لم ولن تتغير إلا للأحسن، وذلك من أجل أن تفرز أجيالا جديدة من المبدعين يحدثون حراكا إيجابيا على الساحة الثقافية، وما علينا إلا أن نتقبل هذا الجيل الصاعد من الشباب الذي عانى تجاهل الدولة، هؤلاء الشباب لهم اليوم فرصة في إحداث الحراك الثقافي، لأن الثورة بشبابها جعلت الكبار يقفون لها في دهشة للمفاجأة. - هل كان الشباب يحمل كل هذا الزخم من الوعي؟ * الشباب كان يحمل كل هذا الوعي والإصرار على أن يكون عكس ما كنا عليه، وأعتقد أن الكبار عليهم الجلوس على الكراسي وأن يتركوا الساحة للشباب، ليمارسوا هم أيضا تجربتهم مهما كانت سلبية أو إيجابية، فهي تلك البدايات دائما، لأن الثورة لم تكن مفاجأة للمثقفين فقط، بل كانت مفاجأة للجميع، والشباب عمل وأخلص وأحسن فتقبل الله منه. - هل الثورة المصرية استلهمت من الثورة التونسية؟ * نعم الثورة التونسية ألهمتنا بأن هنالك حلا ونحن لا ننسى فضل هذه الثورة علينا ومساندة الأشقاء لنا في كافة الدول، فالثورة التونسية كانت الإلهام والثورة المصرية كانت الواقع. - ما موقف مثقف الثورة من القضية الفلسطينية؟ * نحن نعتبر القضية الفلسطينية قضية مصير على المستوى الثقافي، وعلى المستوى الثقافي، رفضنا أشكال التطبيع على كافة المستويات، ولكي تحلم اسرائيل بالتطبيع، فعليها أن تسترضي كافة الدول العربية، وعندها فقط سنفكر نحن بالتشاور مع الأشقاء، هل اسرائيل تستحق التطبيع أم لا؟! - هل لنا في نموذج من شعرك نختتم به هذا الحوار؟ * أقول: ''يا مصر يا عرضنا إحنا لقينا نفسنا ووقفنا نحمي بعضنا ببعضنا من الناسنيس والقرود الّى بيمشواع الحيطان عينا في راسنا منهم مالهمش عهد ولا أمان الّى بدأناه في الميدان الّى ها يصمد للنهاية بدون تردد حر وجرئ والّى بيسرق دم شهدانا جبان.