أكدت الجزائر وإيطاليا، أمس، دعمهما للحل السياسي للأزمة الليبية، معتبرتين بأن وثيقة الاتحاد الإفريقي التي تبنتها قمة ملابو بغينيا الاستوائية تعد الخيار العاجل لوضع حد لهذه الأزمة وإعادة الاستقرار إلى ليبيا. وشدد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ونظيره الإيطالي السيد فرانكو فراتيني خلال ندوة صحفية نشطاها، أمس، بإقامة الميثاق بالجزائر، على أهمية عودة السلم والاستقرار إلى ليبيا باعتبارها بلدا جارا لكليهما، مؤكدين بأن الحل السياسي الذي حمله اقتراح الاتحاد الإفريقي، يعتبر الحل الأمثل والخيار الاستعجالي لجمع الأطراف المتنازعة في حوار سياسي ينهي الأزمة التي تعيشها ليبيا من 17 فيفري الماضي. وفي هذا الإطار ذكر السيد مدلسي أن مبادرة الاتحاد الإفريقي التي تمت المصادقة عليها خلال قمة ''ملابو'' في غينيا الاستوائية تعتبر مسعى جماعيا، مشيرا إلى أن هذا المسعى قابل للإثراء والتحسين ليكون عمليا أكثر. ومن جهته أكد وزير الخارجية الإيطالي أن الحل السياسي يعتبر الحل العاجل للأزمة الليبية، مشيرا إلى أن وثيقة الاتحاد الإفريقي سيتم طرحها للنقاش في اجتماع مجموعة الاتصال الجمعة المقبل في العاصمة التركية أسطمبول. وأوضح السيد فراتيني أن بلاده ستساهم بقوة خلال هذا الاجتماع في إثراء المسعى الإفريقي، للوصول إلى وضع خارطة طريق، تنهي الأزمة في ليبيا بإقرار وقف إطلاق النار، وتحديد الأطراف التي ينبغي أن تجلس على طاولة الحوار، والتي يستثنى منها العقيد معمر القدافي وعائلته، على حد تأكيده. كما تتوخى خارطة الطريق حسب التصور الإيطالي العمل على تشكيل حكومة مصالحة وطنية تشارك فيها كل الأطراف، مع إنشاء سلطة لمراقبة وتأطير هذا الحوار السياسي، والتي يفترض حسب المسؤول الإيطالي أن تكون ممثلة بهيئة الأممالمتحدة. وفي توضيحه لموقف الجزائر إزاء اشتراط الطرف الإيطالي استثناء العقيد القذافي وعائلته من الحوار السياسي، أوضح السيد مدلسي أن هذا الأمر لا يطرح أي مشكل بالنسبة للجزائر على اعتبار أن أحد بنود مبادرة الاتحاد الإفريقي يشمل التزاما شخصيا من العقيد القذافي بعدم المشاركة في الحوار الذي يجمع أطراف النزاع في ليبيا. على صعيد آخر وبخصوص ترقية العلاقات الثنائية بين الجزائر وإيطاليا، أشار السيد مدلسي إلى أن محادثاته مع السيد فراتيني تناولت ضرورة دفع التعاون بين البلدين وتوسيع طابعه الاستراتيجي إلى مجالات أخرى خارج قطاع المحروقات، وكشف الوزيران في سياق متصل عن تحضيرهما للاجتماع الثاني الرفيع المستوى الذي سيجمع الطرفين في الخريف المقبل (أكتوبر أو نوفمبر حسب السيد فراتيني)، برئاسة كل من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ورئيس المجلس الإيطالي السيد سيلفيو برلشكوني، مشيران إلى أن هذه القمة ستخرج بقرارات تاريخية، حيث يرتقب أن تحمل اتفاقات استراتيجية تحدد مستقبل التعاون الثنائي في مجالات متنوعة، ومنها الاتفاق الخاص بتنقل الأفراد بين البلدين، من المقرر أن يجتمع قبل موعد القمة الجزائرية الإيطالية فوج العمل المشترك المكلف بترقية التعاون الأمني بين البلدين. وكان السيد فرنكو فراتيني الذي حل بالجزائر صبيحة أمس، قد أكد في أول تصريح صحفي له بمطار الجزائر المكانة ''الريادية التي تحتلها الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب سواء داخل ترابها الإقليمي وعلى مستوى المنطقة ككل''، مشيرا إلى أن الجزائر التي تمكنت من مواجهة ماض مأساوي ضد المنظمات الإرهابية تقوم اليوم بتنسيق استراتيجية جهوية لمكافحة الإرهاب لا تتوانى إيطاليا في المشاركة فيها. كما أوضح رئيس الدبلوماسية الإيطالية أن زيارته للجزائر تشكل فرصة هامة لتأكيد الصداقة والتعاون السياسي والاقتصادي القائمين بين إيطاليا والجزائر، فضلا عن كونها مناسبة لمواصلة التشاور السياسي المنصوص عليه في معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي تربط البلدين، والتطرق إلى مسائل هامة تعني البلدين والمنطقة على غرار الأزمة الليبية ومستقبل حوض المتوسط. وتجدر الإشارة إلى أن السيدين مراد مدلسي وفرانكو فراتيني وقعا بمناسبة زيارة الأخير إلى الجزائر اتفاقا يقضي بتحويل جزء من الديون الجزائرية تجاه إيطاليا إلى 34 مشروعا إنمائيا خاصة في مجال البيئة، وقدرت قيمة هذه الديون المحولة ب10 ملايين أورو.