دخلت قيادة حزب العدالة والتنمية التركي في سباق ضد الساعة لمنع حل الحزب ومعرفة نفس المصير الذي عرفه حزبا الفضيلة والرفاه الإسلاميين اللذين تم حلهما بسبب توجهاتهما الإسلامية·وبدأت قيادة الحزب في البحث عن وسيلة للافلات من هذا المصير المحتوم وخاصة بعد أن قبلت المحكمة الدستورية قبل يومين النظر في الدعوى القضائية التي رفعها المدعي العام بمحكمة الاستئناف لحل الحزب الحاكم بعد أن وجهت له تهمة المساس بمبادئ وأسس العلمانية التي تتبناها الدولة التركية· ومع تأكد خيار حل الحزب لم تستبعد مصادر نيابية تركية اللجوء الى ادخال تعديلات دستورية تمنع حل الاحزاب السياسية سواء عبر البرلمان أو اللجوء الى تنظيم استفتاء شعبي في حال عدم حصول توافق بين الأحزاب الممثلة في الهيئة التشريعية· واضطرت اللجنة المركزية للحزب الحاكم التركي أمس الى عقد اجتماع طارئ لبحث آخر التطورات وسبل الخروج من هذا المأزق السياسي الجديد· يذكر أن حزب العدالة والتنمية وجد نفسه منذ فوزه بالانتخابات العامة في قلب دوامة وضغوط متزايدة من طرف التيار العلماني الذي رفض نتائج الانتخابات النيابية التي فاز بها الحزب الحالي، وزادت حدة الضغط على قيادة هذا الحزب منذ أن دخلت قرينة الرئيس عبد الله غول مقر البرلمان يوم أدائه اليمين الدستورية وهي ترتدي الحجاب الإسلامي لأول مرة في تاريخ تركيا العلمانية، وهو ما اعتبرته التيارات اللائكية النافذة في دوائر صناعة القرار التركي انتهاكا صارخا لمبادئ حكمت جمهورية مصطفى كمال أتاتورك منذ عشرينيات القرن الماضي· وكان لقرار حكومة طيب رجب أردوغان السماح بارتداء الحجاب في الجامعات التركية وعدم حرمان الفتيات اللائي يرتدين الحجاب من مواصلة دراساتهن العليا· ويتوقع متتبعون أتراك للحياة السياسية في هذا البلد أن تدخل تركيا مرحلة توتر سياسي قادمة وخاصة في حال لجأ الحزب الحاكم إلى تنظيم استفتاء لتعديل الدستور في ظل القبضة الحديدية التي بدأت تظهر في أفق الساحة السياسية التركية· ولايستبعد وفق تطورات هذه القضية أن تأخذ أبعادا دولية بعد أن تحركت قيادة الحزب الحاكم على أكثر من صعيد لوقف تهديدات قضاة المحكمة الدستورية بحل حزب العدالة والتنمية بتهمة تبنيه لمبادئ الشريعة الإسلامية على حساب المبادئ اللائكية· وينتظر أن ينتقل رئيس اللجنة الأوروبية خوسي مانويل باروزو والمحافظ الأوروبي المكلف بتوسيع عضوية الاتحاد الأوروبي أولي روهن بداية من الاسبوع القادم الى العاصمة التركية لبحث انعكاسات قرار المحكمة الدستورية النظر في الدعوى القضائية حول شرعية الحزب التركي الحاكم· وقال أولي روهن في دعم غير معلن لقيادة حزب العدالة والتنمية أنه لا يرى أي مبرر لمنع هذا الحزب وأن حله لا يجد أي مبرر إلا إذا تأكد استعماله للعنف أو دعا إلى استعمال العنف· يذكر أن الرئيس التركي عبد الله غول كان أثار هذه المسألة مع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في ختام جولة قام بها الى منطقة الشرق الأوسط·